دفاع الصين عن التعددية يتردد صداه عالميا في مناقشة الجمعية العامة
أعرب عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني، وانغ يي، عن دعم بلاده القوي للتعددية في المناقشة العامة الدائرة للجمعية العامة، حيث تلقى أصداء توافقية من قادة العالم.
— حماية التعددية
وخصص وانغ جزءا كبيرا من خطابه في المناقشة للتعددية، التي تقوم عليها الأمم المتحدة، لكنها تواجه تحديات أكثر من أي وقت مضى.
وقال وانغ إن “ما نراه اليوم هو أن القواعد الدولية والآليات التعددية تتعرض للهجوم، وأن المشهد الدولي صار مليئا بأوجه عدم اليقين والعوامل التي تزعزع الاستقرار”.
وأضاف أن “إجابة الصين قاطعة. فعلى الدوام، تؤيد الصين النظام الدولي وتسعى إلى التعددية”.
وتجلى الهجوم على التعددية بوضوح أكثر يوم الثلاثاء في خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نفس المناقشة.
ولدى شجبه للعولمة أمام قادة العالم، أعلن أن الشعب الأمريكي “يرفض أيديولوجية العولمة” دفاعا عن أجندته “أمريكا أولا”.
فيما كان دعم التعددية من بين الرسائل التي بعث بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نفسه إلى قادة العالم في تصريحاته في المناقشة العامة.
وقال إن “التعددية تتعرض لانتقادات، تحديدا في الوقت الذي نحن في أمسّ الحاجة إليها”، مضيفا أنه مع تزايد مشاكل العالم، فإنها تمثل أفضل مسار لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا.
بدوره، استعرض وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، يوم الجمعة، قائمة بالأزمات في العالم، حيث أشار إلى “أزمة التعددية” بوصفها سببا جذريا.
وقال ماس، في رد واضح على تصريحات ترامب التي تؤكد على السيادة الأمريكية ورفض “الحوكمة والسيطرة والهيمنة العالمية”، إن “التعددية والسيادة لا يشكلان تناقضا في المصطلحات”.
من جانبه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “الحوار والتعددية” لحل الأزمات العالمية في خطابه.
وقال ماكرون “ما الذي سيجلب حلا حقيقيا للوضع في إيران وما الذي حقق بالفعل الاستقرار هناك؟ قانون الأقوى؟ ضغط من جانب واحد؟ لا!”.
كما دافع الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو عن التعددية، محذرا “أننا لم يعد بإمكاننا اعتبار النظام القائم على القواعد من الأمور المسلم بها. ومن مسؤوليتنا المشتركة الدفاع عنه وتطويره بنشاط”.
وواصفا الأمم المتحدة بأنها “جوهر” النظام متعدد الأطراف، لفت الرئيس الفنلندي إلى أن “الدفاع عن التعددية يجب أن يبدأ هنا”.
روسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل … وتطول قائمة المدافعين. وقد تطرق معظم القادة الذين تحدثوا على المنصة الرخامية إلى حماية التعددية في ظل الهجمات التي تتعرض لها.
وفي خطابه الذي ألقاه يوم الجمعة، أشار وانغ إلى أن النظام الدولي المعاصر، الذي بدأ بتأسيس الأمم المتحدة، يقوم على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتعززه رؤية التعددية وممارستها. وأضاف أن النظام قد جلب، على مدار الأعوام السبعين الماضية أو أكثر، السلام العام والتنمية السريعة.
ومن أجل دعم التعددية في العصر الجديد، دعا وانغ إلى بذل جهود للالتزام بالمبادئ التالية: السعي لتحقيق تعاون مربح للجميع، والعمل وفقا للقواعد والنظام، والتمسك بالإنصاف والعدالة، وتحقيق نتائج حقيقية.
وفي اجتماعه مع وانغ يوم الخميس، أعرب غوتيريش عن تقديره لدعم الصين للأمم المتحدة والحفاظ على التعددية.
— الترابط عبر التعاون
قبل ثلاث سنوات، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابه من نفس المنصة بينما كانت الأمم المتحدة تحتفل بالذكرى السنوية الـ 70 لتأسيسها.
وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية، اقترح الرئيس شي بناء نوع جديد من العلاقات الدولية تتسم بالتعاون المربح للجميع وخلق مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
والصين “ماضية في مسيرتها”، كما اتضح من المواقف التي أعرب عنها وانغ والشواغل التي تطرق إليها في خطابه وكذلك الاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وعبر أخذ مبادرة الحزام والطريق على سبيل المثال، قال وانغ في المناقشة العامة إن المبادرة، التي اقترحها الرئيس شي في عام 2013، هي “منفعة عامة” تقدمها الصين للعالم.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) في شهر مايو الماضي، وصف جيفري ساكس، الخبير الاقتصادي في جامعة كولومبيا، المبادرة بأنها “أكبر رؤية للبنية التحتية في العالم”.
والواقع أنه بحلول سبتمبر من هذا العام، وقعت أكثر من 130 دولة ومنظمة دولية اتفاقيات حول التعاون ضمن مبادرة الحزام والطريق مع الصين، مما يجعلها أكبر منصة للتعاون الدولي، حسبما أفاد وانغ.
وفي معرض للصور الفوتوغرافية حول جهود الصين في مجال التنمية المستدامة أقيم يوم الخميس على هامش فعاليات المناقشة، قالت كل من رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوزا ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، إن الصين ساعدت في دفع التعاون قدما على الصعيدين الإقليمي والعالمي من خلال مبادرة الحزام والطريق.
كما تم تسليط الضوء على التنمية المشتركة في خطاب وانغ.
وقال إن طريق التنمية في الصين وفر للعالم فرصا للتنمية المشتركة.
وخلال العقود الأربعة الماضية، أشار إلى أن التجارة الخارجية للصين سجلت متوسط نمو سنوي قدره 14.5 في المائة، مما وفر زخما دائما للاقتصاد العالمي وسوقا صينية ضخمة.
وأضاف أن “تنمية الصين تخلق المزيد من الفرص التجارية للعالم وتوفر بيئة استثمارية أفضل لدول أخرى”.
وفي الوقت نفسه، تعهد وانغ، الذي يمثل أكبر دولة نامية في العالم، بتضامن وتعاون “ثابتين” مع الدول النامية الأخرى.
ولفت إلى أن مثل هذا الخيار تقرره مكانة الصين الوطنية والخصائص المؤسسية وتوجه القيم لديها، والتي ستكون ثابتة على الرغم من تطور الصين أو التغيرات في المواقف الدولية.
وفي هذا الصدد، وفي معرض الصور يوم الخميس، سلطت كل من إسبينوزا ومحمد الضوء على مساهمة الصين في التعاون فيما بين بلدان الجنوب، وكذلك دورها الرئيسي في تحسين الحوكمة العالمية.