الحرب التجارية الأمريكية على الصين بداية لتدمير العالم
موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتور سمير حمدان *:
تشهد فترة الرئاسة الأمريكية الحالية بالقيادة الترامبية استخداما وحشيا غير محسوب العواقب لفائض القوة العسكرية والاقتصادية . ولا يمكن تفسير هذا الهلع الأمريكي للسيطرة على العالم سوى بالأنانية والتوحش كما جاء في الادبيات الماركسية حول الأمبريالية المتوحشة . وتستفيد الولايات المتحدة من اعتماد عملتها كعملة عالمية ومرجعية لسوق النقد الدولي لكل الدول التي تفكر في استخدام عملاتها المحلية كأداة للتداول .
هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تستفيد من قروضها الهائلة وفوائدها على الدول الفقيرة . والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختيار الصين كهدف لسياساتها الاقتصادية العقابية . من الملاحظ أن الاقتصاد الصيني بلغ مرحلة من القوة تهدد صدارة الاقتصاد العالمي نمواّ واحتياط نقدي. وتشير الأرقام إلى أن الصين في العام 2030 ستتجاوز الاقتصاد الأمريكي . يبلغ حجم الاقتصاد الأمريكي حاليا 16.5 ترليون دولار والصيني 15.4 تريليون . هذه الأرقام تفسر الخوف الأمريكي من الدور الصيني القادم . وهي ترقب باهتمام تطور العلاقات الصينية الاقتصادية مع الهند وروسيا وباكستان . أما أفريقا فقد باتت حديقة خلفية للاقتصاد الصيني . حيث أن كل موقع يدخله الاقتصاد الصيني بالضرورة يشكل إضعاف لدور الاقتصاد الأمريكي. وقد جاءت مبادرة الحزام والطريق والتي أنفقت ورصدت لها الصين المليارات كأحد أهم عوامل زيادة الخوف لدى الادارة الأمريكية . واضح أن السياسة الأمريكية لا تعطي نفسها فرصا للتراجع بل تزداد صلفا وعنادا يوما بعد يوم . ونرى الصين في المقابل تمارس سياسة ضبط النفس والاحتواء للفورة الأمريكية من خلال ردودها الهادئة على العقوبات الأمريكية وهي غير راغبة في استخدام فائض قوتها الاقتصادية إدراكا منها لأهمية هذا الأمر في حفظ أمن وسلام العالم .
ومع ازدياد التعقيدات نتوقع أن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى جر الصين لنماذج من حروب الوكالات كما هو النموذج السوري . ومع ضعف أوروبا وخنوعها وتأكل دورها الفاعل عالميا وصعود الأحزاب اليمينية في العالم وربما تكون البرازيل ضمنها ، ستسعى أمريكا إلى تفجير القارة الأفريقية والتي هي عماد مبادرة الحزام والطريق التي تشكل بالنسبة للصين معركة حياة أو موت . ربما تكون الحقبة الحالية أخطر بكثير مما جرى في حربي العالم الأولى والثانية .
أننا نطمح لقدرة القيادة الصينية التي تحكمها معايير الأمن والسلم والرفاه العالمي وشيوع نمطها الاقتصادي في العلاقات الدولية رابح رابح والذي بدأ يحل محل النمط الأمريكي والأوروبي الجشع القائم على ربح فريق وخسارة الأخرين . لن تتمكن الصين وحدها من كبح جماح النزق الامريكي وتحتاج لمنظومة دولية ومن ضمنها كل دوال العالم التى لا توافق على السياسات الامريكية .
وهنا يبرز الدور الكبير الذي يمكن للدول العربية وبالخصوص الخليجية أن تلعبه في حفظ أمن العالم الاقتصادي . ونحن نرى كيف ساهمت الضغوط الأمريكية في إضعاف حلفائها ومنهم تركيا عضو الاطلسي حيث وجهت ضربة لعملتها كادت تعصف بواحد من أكبر الاقتصاديات العالمية . وها هي تهدد الاقتصاد السعودي على أثر قضية اختفاء الصحفي الخاشقجي ، ليس حبا في الحرية والديمقراطية بل لمزيد من الابتزاز المالي.
من حق شعوب العالم أن تضع يدها على قلوبها ولكن يبق الأمل في انتصار السلام على الحرب والصين رافعته الأولى في العالم .
…
*#الدكتور #سمير_حمدان: النائب الثاني لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) #الصين، ورئيس فرع #فلسطين للاتحاد الدولي (الضفة الغربية وغزة)، وصديق قديم للصين و روسيا، ومتخصص بارز باللغة الانجليزية وعلومها – الاردن.