بعد 9 سنوات من الأشغال، الصين تفتتح أطول جسر في العالم

إفتتح الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم أمس الثلاثاء 23 أكتوبر، جسر”هونغ كونغ –تشوهاي-ماكاو” (جسر كونغ تشو آو)، الذي يربط هونغ كونغ وماكاو بمدينة تشوهاي من البرّ الرئيسي. ويعد هذا الجسر الذي يمتد على مسافة 55 كلم، أطول جسر بحري في العالم، وواحد من العجائب الهندسية الحديثة.

استغرقت أعمال بناء الجسر 9 سنوات، من 2009 إلى 2018، وسبقت ذلك 6 سنوات من التخطيط الهندسي. ولمعالجة تحديات البناء، أُستعمل في البناء 3 أنواع من المشاريع الهندسية على طراز “3 في 1: جسر معلق، نفق بحري وجزيرتين اصطناعيتين”. ويعد جسر ” كونغ تشو آو”، المشروع الهندسي الذي استغرق أطول وقت في تاريخ الصين الحديث، والجسر البحري الأكثر صعوبة، كما يمثل المشروع الهندسي الأعلى تكلفة في تاريخ الصين، حيث تجاوزت تكلفة انشائه 20 مليار دولار. وبعد إفتتاحه، سيتقلّص وقت التنقل بين هونغ كونغ والبر الرئيسي من 3 ساعات إلى 45 دقيقة فقط.

سلسلة من الأرقام القياسية

1- أطول جسر في العالم: يعد الجسر البحري الأطول في العالم، بطول 55 كلم، على طراز “3 في 1: جسر، نفق، جزر اصطناعية”.

2- أطول نفق بحري من القوالب الخرسانية في العالم: يحتوي الجسر على مقطع في شكل نفق بحري مصنوع من القوالب الخرسانية. يتكون من 33 قالبا، بطول 180 متر للقالب الواحد، ويمتد على مسافة 6.7 كلم. ويسمح بمرور 6 صفوف من السيارات في الإتجاهين.

أستعمل في بنائه 330 ألف طن من الحديد، وأكثر من مليون مترك مكعب من الخرسانة. وهو تقريبا مايمكّن من بناء 8 أبراج بحجم برج خليفة.

3- أطول جسر حديدي في العالم: تم بناء الجسر على شكل إلتحام بين جسور ذات عوارض وجسورمركبة. واستخدم في عمليات بناء الجسر الحديدي والأبراج الحديدية فقط، قرابة 420 ألف طن من الحديد. وهوما يمثل 60 ضعفا لكمية الحديد التي أستخدمت في بناء برج إيفيل بباريس.

4- أكبر سفينة لرفع الأثقال: لإتمام عملية الإلتحام بين أجزء الجسر. تم استقدام سفينة “تشنهوا 30″، التي تعد أكبر سفينة رفع أثقال في العالم. حيث أجرت عملية التحام لكتل بوزن 6000 طن. وتصل القدرة القصوى لتشنهوا – 30 إلى 12 ألف طن، و7000 طن للإلتحام على 360 درجة.

5- أقوى مطّاط مضاد للزلازل: يستعمل الجسر مكعبات مطّاطية مقاومة للزلازل بطول 1.77 متر. هي الأقوى في العالم، وتبلغ درجة تحملها 3000 طن.

صعوبات الإنشاء

يعد نفق القوالب الخرسانية البحري، المهمة الأكثر صعوبة التي واجهها المهندسون أثناء إنشاء “جسر كونغ تشو آو”. فأثناء تخطيط الجزء الرابط بهونغ كونغ، اصطدم المهندسون بعقبتين كبريين تحول دون بناء الجسر بالطريقة نفسها.

أولا، يقع مدخل الجسر بالقرب من مطار هونغ كونغ، لذا فإن الجسر والأعمدة الحديدية، من الممكن أن تربك حركات الطائرات أثناء الهبوط والإقلاع. ثانيا، سيشكل بناء الجسر عقبة أمام حركة السفن التجارية، التي من المتوقع أن يبلغ حمولة بعضها 300 ألف طن. لذلك فإن النفق يجب أن يبنى على عمق لايؤثر على حركة بواخر الشحن الضخمة.

بعد دراسة هذه العقبات والحلول الممكنة، لجأ المهندسون إلى بناء نفق بحري عبر القوالب الخرسانية الضخمة، على عمق 46 متر تحت سطح الماء. ولإتمام بناء النفق، قام المهندسون بإنشاء جزيرتين إصطناعيتين، تمثلان مدخل ومخرج النفق ونقطتان لوجيستيتان. ويحتوي النفق على طريق تتكون من 6 مسارات في الإتجاهين.

عائدات اقتصادية ضخمة

سيلعب جسر “هونغ تشو او” دورا اقتصاديا لاغنى عنه بالنسبة لخليج “قوانغدونغ-هونغ كونغ وماكاو” ودلتا نهر اللؤلؤة، بصفته منشأة المواصلات الرئيسية في المنطقة. حيث سيقتصر مدّة التنقل بين هونغ كونغ وماكاو والبر الرئيسي إلى أقل من ساعة واحدة. وسيدفع قدما بعملية الإندماج الإقتصادي واللوجيستي بين نقاط الربط الثلاث.

ورغم أن بعض الأصوات في هونغ كونغ قد أبدت معارضتها لبناء الجسر، لكن التقديرات الأولية، تشير إلى أن هونغ كونغ ستكون المستفيد الأبرز من هذا المشروع. حيث من المتوقع أن تفوق العائدات المباشرة التي ستحصل عليها هونغ كونغ بعد افتتاح الجسر 20 مليار دولار هونغ كونغي. كما سيسهم الجسر في تعزيز المكانة التجارية والمالية والسياحية واللوجستية لهونغ كونغ في منطقة دلتا نهر اللؤلؤة. ويمكن هونغ كونغ من زيادة ناتجها المحلي بـ 1.3 إلى 1.6 نقطة مئوية. كما ستحصل ماكاو على فوائد اقتصادية كبرى، حيث سيقدم الجسر قوة دفع جديدة للقطاع السياحي في ماكاو بصفته قطاعها الإقتصادي الرئيسي.

من جهة أخرى، سيسهم الجسر في تحفيز التنمية بالمدن الواقعة على الضفة الغربية لنهر اللؤلؤة، ويوفر مابين 60 إلى 100 مليار يوان إضافية في اجمالي الناتج الإجمالي لهذه المدن.

أما بالنسبة لعموم الصين، فإن جسر “كونغ تشو آو”، سيدفع بجهود الصين قدما في تعميق التعاون الإقتصادي داخل دلتا نهر اللؤلؤة، وبناء منطقة اقتصادية عالمية في خليج “قوانغ دونغ – هونغ كونغ- ماكاو”.