سانيا… مدينة الورود
موقع الصين بعيون عربية ـ
ماجدة ريا*:
في اقصى جنوب الصين، تعلّقت مدينة سانيا، تلك المدينة الساحرة بجمالها، حيث ما خطر على بال بشر، وقد خطر لي أن أسميها جنة الله على الأرض.
سانيا وهي مدينة صينية في جزيرة هينان جنوب الصين، وتعتبر ثالث أكبر مدينة في جزيرة هينان التي تبلغ مساحتها 191958 كلم مربع، وتقع هذه المدينة في أقصى جنوب هذه الجزيرة في الغرب، سكان هذه المدينة هم من قومية أوتسول.
عندما يمر هواؤها بالقرب من أنفك، تحدّث نفسك أن “افتح الرئتين على مصراعيهما وتنشّق” العطر الطبيعي للورود، لرائحة الماء والشجر، وسرّح البصر حيث شئت، فحواليك آلاف الأصناف من الورود الممتدة يميناً وشمالاً، تعانق الطبيعة برونقها الساحر، وتقول لك: “قف هنا! تأمّل وتنفّس، إلى ما شاء الله!” ، فمناخها مناخ إستوائي، وتقل فيه نسبة التلوث، ولذلك هي تعدّ من أكثر المناطق جذباً للسياح.
محاطة بالغابات الخضراء، تتربّع ملكة على عرش المكان، تزدان بأزهارها، تختال كعروس تألّقت فيها الألوان.
هي ليست صدفة، ولم تخلق عبثاً، بل مخطّط لوجودها، مدينة خصّصت لزراعة الورود.
ومن يفهم الورد، ويدرك أسرار وجوده، يعرف لماذا أوجدت هذه المدينة، وماذا يجري فيها.
أول أمر يخطر في البال عندما نذكر الورود، هو أن نشمّ عطرها، ونستمتع برائحتها الزكية، ومنظرها الجميل.
في مدينة سانيا حيث المساحات الشاسعة المخصصة لزراعة الورد، والاهتمام بهذه الزراعة الجميلة، له العديد من الأهداف، وأنشأ لهذه الأهداف مصانع ومتاجر .
بداية هناك المصانع تلك التي تعنى بتوضيب هذه الورود، بحيث تصف بعناية بالغة، وتغلّف كؤوسها بأقمشة مخصصة لذلك تسمح للوردة بأخذ الهواء والماء بما يضمن صلاحيتها لفترة طويلة، كي لا تذبل، بل تبقى بحالة نضرة، إلى حين بيعها للراغبين باقتناء هذه الورود، باستخدام أيد عاملة خبيرة في التعامل معها.
قسم آخر من الورود ينقل إلى مصانع مخصصة بانتاج العطور الطبيعية، حيث يتم استخلاص الرحيق، وتصنيعه إلى عطور طبيعية راقية ومتنوعة.
وهناك أيضاً الأماكن المخصصة لتجفيف بعض أنواع الأزهار، والتي تغلف في أظرفة لتستعمل كالزهورات، وتجد في سانيا خاصة وفي الصين عامة ما يدهش من الأنواع المجففة التي تستخدم لهذا الغرض.
هذا إضافة إلى الأنواع التي تجفف بعناية فائقة للزينة.
والبعض من هذه الورود يستخدم في تحضير مساحيق التجميل.
(الصور خاصة بـ “موقع الصين بعيون عربية”)
يمكن القول إن مدينة كاملة تعمل في زراعة وتصنيع وتحضير الورود بأعلى جودة ممكنة، وهذا يوفر فرص عمل كثيرة للسكان سواء في الزراعة، أو القطاف، أو التحضير، أو التصنيع أو البيع، دورة عمل كاملة، وإنتاج وفير ورعاية من الدولة لتأمين الدورة الإنتاجية بشكل أفضل، وتصدير الفائض عن الاستهلاك المحلي إلى الداخل الصيني خاصة سوق شنغهاي، وإلى البلدان الأخرى.
ولا يمكن أن نغفل عن ظاهرة مهمة وهي أن وادي الزهور هذا والذي يعتبر أكبر وادي زهور في آسيا إذ يقع على مساحة 1.8 كيلو متر مربع، يستضيف مهرجان الزهور مرة كل سنتين، وهي ظاهرة مهمة تساهم في انعاش السياحة والإقتصاد في الصين.
فضلاً عن أن هذه المدينة تستقطب الكثير من السياح لجماليتها، وهواءها النقي الذي يبعث البهجة في القلوب.
أن تعيش في مدينة دورة حياتها مبنية على الزهور، أمر رائع جداً، والسفر للسياحة فيها يغدو حلماً، ومن زارها يطمح للعودة للاستزادة من عبق هوائها الذي يشفي النفوس، فهنيئاً لبلد يهتمّ بالجمال كما يهتم بالبشر، فيوائم بينهما ليكون النتاج مدينة “سانيا”.
*كاتبة، مساعد أول لأمين سر الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين (لبنان). عضو مؤسس للاتحاد الدولي