نحن في هاينان..!
موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
أن تكون في هَينان أو هَاينان، يَعني أن تكون في “الجنّة الموعودة”، التي غدت بحق ومنذ أمد غير بعيد “جنّة هذه الدنيا”، ومقصداً للأثرياء والفقراء على حد سواء، لكونها جنّة حقيقية تُفسح المجال أمام جميع مُحبي الفرح والأعمال والتشغيل، ليَغرفوا من جِناها ما لذ لهم وطاب من ثمار الجَمال والروعة التي صاغها الصينيون بأيديهم الماهرة وعقولهم النضرة، والتي تجترح المعجزات يومياً، حين يحوّلوا البحر الى سماءٍ منعشةٍ لمَن يَهوى مفردات الجَمال ويُقيّمها ويُعلي مِن قِيمِها.
قبل شهور، وبالتحديد في نيسان/ أبريل المنصرم، أعلن الامين العام والرئيس الصيني شي جين بينغ، عن قرار بتحويل جزيرة هاينان بالكامل إلى منطقة تجارة حرة تجريبية كما وقررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الباني دعم هاينان في تحويل الجزيرة بأكملها إلى منطقة تجارة حرّة تجريبية، والاستكشاف التجريبي والتعزيز المطرد لإقامة ميناء للتجارة الحرة يحمل خصائص صينية، والإعلان عن السياسات والأنظمة المؤسسية الخاصة بميناء التجارة الحرة تدريجياً وعلى مراحل، حسبما قال الامين “شي” قبل شهور قليلة، خلال تجمع للاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس مقاطعة هاينان ومنطقة هاينان الاقتصادية الخاصة.
وكان “شي” قد حث المقاطعة على منح الأولوية للانفتاح وتنفيذ استراتيجية انفتاحية أكثر استباقية، وتسريع وتيرة إقامة نظام جديد للاقتصاد المفتوح، وتعزيز تشكيل نمط جديد للانفتاح بشكل شامل.
إن “هذه “الهينان” هي جزيرة رئيسية تقع في المنطقة الجنوبية من الصين، وهناك العديد من الجُزر ومجموعاتها مباشرة قِبالة سواحل جزيرة هاينان، حيث تمارس الصين السيادة عليها لارتباطها بالارض الصينية منذ قديم الزمان، وتقع على أبعاد مختلفة من شاطىء البر الصيني الرئيس وشواطىء هاينان نفسها، ومنها جيا جينغ، وأسماء أُخرى تُعرف بِ “باراسيل” و “سانشا”، و “سبراتلي” وغيرها الكثير، وتختلف مساحاتها وأهمياتها. وهي إذ تتميز بطبيعة استوائية جميلة وموقع جغرافي إستراتيجي، تجتذب في مختلف فصل السنة السياح والمصطافين، وغيرهم من محبي الطبيعة والاسترخاء وتناسي عالم الضغينة والشقاء. وقد أصبحت هذه الجزيرة الوادعة في السنوات الأخيرة قِبلة حقيقية لسياحة الصين والعالم، وقد بدأت بخطوات واثقة واحترافية مُجلّلة بتكنولوجيا تقدمية، في الحلول محل جزائر السياحات وسياحات الاسترخاء والانفراد “العالمية” الأكثر شهرة في أمريكا والغرب.
أن نكون في هاينان، لأول مرة، يَعني أن نشهد على تلكم التقدم المذهل في جزيرة صغيرة ووادعة، وقد يكون العالم قد نسيتها خلال السنوات الطِّوال السابقات، وتفوق مساحتها مساحة الجمهورية اللبنانية الشقيقة بأكثر من ثلاث مرات، ويقل عديد سكانها عن عديد سكان لبنان، ويَفصلها عن مثيلاتها من الجُزر والدول الصغيرة، توظيفها اليومي للتكنولوجيات التقدمية، والتهامها لكل جديد من الافكار التي تُعمِلها في سبيل تبوأ عرش المواقع الأكثر جذباً للسياحات المتعددة، والانفتاح الواسع على العالم ويومياته وافكاره.
شخصياً، أتطلع الى أن تغدو هاينان بكل تطلعاتها وأفكارها ونِزالات هذه الافكار، واحةً ومثالاً للاستقرار في عالم اليوم والغد، وبأن تجتمع فيها الانفتاحية البشرية والالكترونية التي نأمل بها والتي يعمل من اجلها الأمين “شي”، لتسهيل “سيلان سياحي واستثماري عالمي” نحوها، يكون متفوّقاً على كل التفضيلات التي تضمنها أية دولة أخرى للزائرين والمصطافين والمتوطنين و “المستقرين المؤقتين”، ولتغدو متوّجة بتاج متوهّج يفوق غيرها، ولتحل في المحل الأول لوُجُهات الجذب السياحية والعلاجية – الطبيعية الدولية المنتشرة في المحيطات البعيدة ومواقع المغامرات التي تصب فيها استثمارات دولية خيالية.
أن نكون في هاينان، يَعني أن نكون في “فنطازيا شرقية” بكل تجلياتها الطبيعية والبشرية، وقد تغدو قريبة لنا كَ “ألف ليلة وليلة”، وإن كانت هينان الصين بعيدة عن السلاطين والقبعات الطويلة وأزياء القرون الخوالي، لكنها “شرق الشرق” بكل روعته الطبيعية العذراء التي لم يَمسـسها إنس للآن، وهذه بالذات هي محط الاشتياق لروعتها، التي تتجلى في كل بقعة فيها مُجللة بأريج فوّاح، يعكس نضرةً وجمالاً جامعاً بكل الألوان، تشتاق إليه الأنفس لتكتمل صورة خيال مُجسّد فيها.
…
*الأكاديمي مروان سوداح” رئيس الإتّحاد الدّولي للصّحافيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدِقاء وحُلفاء الصيّن.