رجال الأعمال العرب بالصين: معرض الصين الدولي للاستيراد فرصة لنا جميعا
صحيفة الشعب الصينية ـ
وليد عبد الله:
يعيش الإقتصاد العالمي في الوقت الحالي وضعا معقدا، تُدق فيه طبول الحرب التجارية، وتتصاعد فيه موجات الحمائية. ما يهدد النسيج الإقتصادي العالمي بشبح التمزق، ويعرّض التبادل التجاري متعدد الأطراف وحرية التجارة إلى مخاطر كبيرة. في حين بات الإقتصاد العالمي الآن، أكثر حاجة من أي وقت سابق، إلى دفع العولمة الإقتصادية وحرية التجارة للخروج من مأزق الركود الذي يمرّ به منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
في ظل هذا الوضع الدولي الذي تعيشه التجارة العالمية، يمثل انعقاد معرض الصين الدولي للإستيراد بشنغهاي (معرض الإستيراد) حدثا بارزا على المسرح الإقتصادي العالمي، تعلّق عليه الكثير من التطلّعات، ويستأثر بإهتمام دولي واسع.
رجال الأعمال العاملين في مجال تجارة السلع والخدمات، يمثلون الحلقة الرئيسية التي تربط خيوط التجارة الدولية، وأعمالهم تتأثر بشكل مباشر، سلبا وإيجابا بالفرص والتحديات التي تواجهها التجارة العالمية.
إلتقت صحيفة الشعب اليومية أونلاين مع عدة رجال أعمال عرب يعيشون في الصين، للحديث عن تطلعاتهم من معرض الإستيراد والسوق الصينية.
يرى نادر شحروري، رجل الأعمال الأردني الذي يعمل في مجال الشحن التجاري، أن معرض الإستيراد يعد أحد القرارت المهمّة التي اتخذتها الحكومة الصينية خلال السنوات الأخيرة. من أجل توسيع إنفتاح سوقها على السلع الأجنبية. في ذات الصدد، يرى رجل الأعمال العراقي سعد الجبوري، أن المعرض يعد خطوة هامة على طريق تعميق التعاون الدولي ودفع عجلة العولمة الإقتصادية قدما، لتجاوز الموجات المعاكسة لها، إلى جانب تعزيز دور الصين، في المحافظة على التوازن التجاري.
من جهته، يرى رجل الأعمال التونسي الشاب محمد البحري، أن معرض الإستيراد يعبر عن وعي الصين المتزايد بأهمية دورها في التجارة العالمية، ومسوؤليتها في دفع التوازن. مضيفا، بأن الجهود الصينية في توسيع انفتاحها والوقوف إلى جانب العولمة وحرية التجارة، يمكن أن تسهم في تحويل “الحرب التجارية” إلى “سلام تجاري” في العالم.
في ذات الإتجاه، يعتقد رجل الأعمال اليمني، ديني عبدالكافي، أن المعارض قد باتت إحدى المنصّات الهامة لدخول الأسواق العالمية. وأن معرض الإستيراد بصفته أكبر منصّة من نوعها للإستيراد في الصين، سيفتح قنوات جديدة لفائدة السلع الأجنبية لدخول السوق الصينية. ويعقب ديني قائلا بأن تنظيم معرض الإستيراد يمثل إستمرارا للسياسات التي اتبعتها الصين خلال السنوات الأخيرة في تخفيض التعريفات الجمركية على البضائع الأجنبية، كما يجسد إلتزام الصين بتعهداتها التي قطعتها سابقا حول تسهيل دخول السلع الأجنبية إلى أسواقها. أما رجل الأعمال السعودي، عادل الحربي، فيرى بأن عدد الدول والشركات العملاقة المشاركة في المعرض، يعد في حدّ ذاته دليلا على الأهمية التي يوليها العالم لهذا المعرض وللسوق الصينية، في ظل تعالي موجات الحمائية.
السوق الصينية، فرصة لنا ولدولنا
مع ارتفاع مستوى دخل الصينيين، غدت السوق الصينية أكثر طلبا على المنتجات والخدمات الأجنبية. كما وفرت مبادرة الحزام والطريق منصة جديدة لدخول سلع الدول الواقعة على مسارها إلى السوق الصينية. في ذات الوقت فتحت لرجال الأعمال العرب في الصين افاقا جديدة لتوسيع وتطوير مجالات الأعمال. “نلاحظ بوضوح اقبال قطاعات واسعة من المستهلكين الصينيين على شراء السلع الأجنبية. وهو مايوفر لنا فرصا ثمينة لإستيراد السلع التي تستجيب لمتطلبات السوق الصينية”، يقول سعد الجبوري.
في ذات السياق، يرى ديني عبدالكافي، أن الفرص الواعدة في السوق الصينية، تتيح لرجال الأعمال العرب بالصين والدول العربية مزيدا من القنوات للمشاركة في ثمار الانفتاح الاقتصادي الصيني. أما محمد البحري، فيعتبر بأن معرض الإستيراد سيكون جسرا جديدا يقرّب بين رجال الأعمال العرب والسوق الصينية. “لاشك أن المعرض سيساعدنا على فهم خصائص و حاجيات السوق الصينية، كما سيفتح افاقا واسعة أمام الدول العربية لتنويع صادراتها نحو الصين.” ويضيف محمد، ” في ظل الإنفتاح الصيني على الأسواق العالمية، بات من الضروري على رجال الأعمال العرب العمل على أقلمة منتجاتهم مع خصائص السوق الصينية، وفهم حاجيات المستهلك.”
في ذات السياق، يقول عادل الحربي، أن الصادرات السعودية إلى الصين بإتجاه تخطي الصادرات التقليدية للنفط الخام، إلى الصناعات البتروكيميائية، ومواد البناء والمعادن والمواد الغذائية والمجوهرات وغيرها. أما نادر شحروري، فيرى بأن السوق الصينية، ستفتح له فرص تصدير السلع الأردنية المميزة إلى الصين، خاصة منتجات البحر الميت، التي يمكن استعمالها في مجال التجميل.
أما سعد الجبوري فيعتقد أن المواد الأولية العراقية يمكن أن تمتلك قدرة تنافسية عالية في السوق الصينية. نظرا لأهمية هذه السلع، بالنسبة للقطاع الصناعي الصيني، مثل: الكبريت، وتربة الزجاج، والفوسفات والجلود، وغيرها. من جهته، يرى محمد البحري، أن المصدّرين الصينيين يجب ألا يقتصروا على السوق الأوروبية فحسب، بل يجب أن ينطروا أيضا نحو الإمكانيات الهائلة التي تتيحها السوق الصينية. ويرى بأن المنتجات الزراعية التونسية مثل: زيت الزيتون والبرتقال والرمان وفاكهة البحر، يمكن أن تجد طلبا كبيرا داخل السوق الصينية.
نعدل أشرعتنا على رياح الإقتصاد الصيني
دخل الإقتصاد الصيني خلال السنوات الأخيرة مرحلة التحول القطاعي والترقية الصناعية. وفي الوقت الذي تتراجع فيه تنافسية سلع التجارة التقليدية بسبب ارتفاع تكلفة اليد العاملة وعدّة عوامل هيكلية أخرى، بدأت العديد من الصناعات الناشئة تقود قاطرة نمو الإقتصاد الصيني، مثل صناعة الذكاء والتجارة الإلكترونية. ومع دخول الإقتصاد الصيني مرحلة التحول والترقية، بات رجال الأعمال العرب في الصين أمام تحديات وفرص جديدة على حد السواء. “لقد تغيرت اتجاهات الاعمال والاقتصاد كثيراً خلال السنوات الأخيرة. لم يعد الاقتصاد الصيني يعتمد على التكلفة المتدنية للعمالة، وانما ارتقى الى مصاف الاقتصاديات الأكثر تطوراً. و بذلك، أصبحت الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، هي المجالات الاقتصادية الناجحة، مثل التقنية العالية والألات، وبات من الضروري علينا مواكبة هذه التغيرات الاقتصادية، والتركيز على الصناعات الواعدة”، يقول ديني عبدالكافي.
أمّا شحروري، فيرى أن مبادرة الحزام والطريق تمثل اتجاه تطور الإقتصاد الصيني في المستقبل، وينصح رجال الأعمال العرب بإيلاء أهمية أكبر إلى هذه المبادرة، وإستغلال الفرص التي تتيحها لأعمالهم والدول العربية. “التغيرات دائما ماتأتي بالفرص، وفي خلفية التحديات تختفي الآفاق الواسعة” يقول محمد. ويعتبر بأن التغيرات التي يشهدها الإقتصاد الصيني، تمثل مرحلة جديدة من الفرص الواعدة بالنسبة لرجال الأعمال العرب بالصين. لكن هذه الفرص الجديدة، لن تأتي دون فهم رجال الأعمال العرب لإتجاه تطور الإقتصاد الصيني والتأقلم معه، “رجال الأعمال العرب بالصين يجب أن يعملوا على رفع قدرات التأقلم مع متغيرات السوق الصينية للإستفادة من الفرص التي تجلبها المرحلة الجديدة، مثلا: التجارة الإلكترونية”.
الخدمات بصفتها القطاع الأسرع نموا في الصين والأكثر مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، باتت محطّ أنظار رجال الأعمال العرب في الصين أيضا. وسواء بالنسبة لسعد الجبوري أو ديني عبد الكافي فإن قطاع الخدمات سيما السياحة يعد بالنسبة لهما مجالا مليئا بالفرص المستقبلية الواعدة.