الصين والاستثمار في العقول العربية!
موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
كان اللقاء مع مسؤول صيني رفيع المستوى بمرتبة وزارية إعلامية، وهو في التوصيف الإداري الصيني، مسؤول مكتب الإعلام لمجلس الدولة، مهما للغاية، بخاصة لجهة التعرف على آراء وأنماط تفكير و مقترحات الجانب العربي، العامل في قضايا الفكر وترويج الأفكار والقضايا الثنائية المختلفة وذات الأهمية الإستراتيجية مع الدول الأخرى.
المسؤول هو الرفيق (غيو ويمين)، الذي نوه إلى العلاقات المزدهرة حقا ما بين الصين والبلدان والحكومات العربية، وعمق العلاقات الإنسانية والتبادلات التجارية والاستثمارات وما اليها من صلات، من شأنها خلق بيئة واعدة لمستقبل يؤسس إلى مزيد من التفاهم بين هذه الأطراف، لا سيما لناحية تعمير مبادرة الحزام والطريق على وجه أفضل، وعلى قاعدة اعتراف الدول العربية بوحدانية تراب الصين، وتبعية تايوان للصين الأم، مرورا بدعم الصين لقضايا التحرر العربي، ومسائل ومهام التعاون الاقتصادي الأوسع، والذي من شأنه خلق أجواء مواتية في البلدان العربية وصحافتها، تعرض إلى واقع الصين، و مؤكدا أن زياراته العديدة إلى البلدان العربية، أفرزت تصورات واضحة عنها وعن شعوبها وإنشغالاتها، ضمن العلاقات معها على مختلف المستويات وفي حقول عديدة.
المسؤول الصيني كان أعرب وبعدما زار العديد من بلاد العرب، السعودية ومصر وغيرها في آسيا وأفريقيا، إلى أنه طور وعظم من جهوده لتعميق وتحفيز الصداقة الصينية العربية، لتتقدم إلى مجالات متجددة بإستمرار، ومشيرا إلى أن من أعمال مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة، طائفة واسعة جدا من المهام، منها على سبيل المثال لا الحصر، تنظيم الأعمال الصحفية، واللقاءات والمقابلات والمؤتمرات، و أخبار الحكومات المركزية والمحلية، ومساعدة الناطق الرسمي الصيني بإسم الحكومة في شؤونه الكثيرة، وترتيب ونشر الأخبار الواردة من الحكومة، والاهتمام بالسياسات والإجراءات الإعلامية، وتطوير الاتجاهات التي يعمل عليها المكتب والجهات التي تتعاون معه، من أجل تقديم الافضل في الرسالة الإعلامية داخليا وخارجيا.
وعرج المسؤول الصيني على الذكرى الاربعين لحركة الإصلاح والانفتاح الصينية، والفعاليات التي تقام بهذه المناسبة، والتي تعدد وتعرض إلى تطور مذهل إجترحته الصين لصالح شعبها وتحسين أوضاعه، ونقل الدولة إلى ذرى أعلى في تطورها لخدمة مجموع الأمة الصينية، مما كان له أطيب الأثر في تعميق وشائج العلاقات الصينية مع دول العالم.
وقال ان الصين انتقلت من دولة مغلقة إلى أخرى منفتحة، فهي كانت أدركت منذ العام ١٩٧٨ عملية التواصل مع الشعوب الأخرى، ولهذا فهمنا أيضا أهمية النظام الحالي الذي تطور بسرعة مذهلة وحقق مكاسب جمة.
وتحدث حول المؤتمر ال١٨ للحزب الشيوعي الصيني، بقيادة الأمين العام شي جين بينغ، وتحقيق التنمية الكبيرة وما تم تحقيقه في مجالات نظام نشر الاخبار، حيث وصل عدد الهيئات التي تعمل مع الأخبار وتتعامل معها أكثر من ٩٠ دائرة ووزارة مركزية، في المقاطعات والمدن، التي تندرج ضمن نظام الناطق الرسمي بإسم الحكومة.
ولفت المتحدث الوزاري الصيني الى ان المؤتمر الصحفي بات يعقد كل يوم تقريبا، وفي أكثر من مكان، واليوم يتوافر أكثر من خمسة مؤتمرات صحفية مختلفة للحكومة المركزية، ناهيك عن مؤتمرات صحفية تقام في المدن و المقاطعات، ولا سيما في حالات الطوارىء.
وبالرغم من كل ذلك، إلا أن الأهم كما أكد المسؤول الوزاري الصيني، هو شفافية الحكومة من خلال طرحها الإعلامي الواضح والإعلان عن موقفها في مؤتمرات صحفية، ومقابلات إعلامية مع الإعلام الخارجي والخدمات المتعددة والمختلفة التي يتم تقديمها لوسائل الإعلام الأجنبية.
وكشف عن ان الوزارة خصوصا والنظام الإعلامي الصيني عموما، يسعى بلا توقف للإعلان عن السياسات والاحوال الصينية، بما فيها جريدة الشعب الصينية التي تنطق بإسم الحزب، وتوجد لديها نسخة بالعربية أون لاين “على الانترنت”.
وأكد دعم الحكومة لمحطات التلفزة الوطنية المتمثلة بشبكة CCTV والإذاعة المركزية CRI ووكالة أنباء شينخوا الرسمية وغيرها الكثير، وتنظيم فعاليات ومعارض الكتب والفنون، وطائفة واسعة من الأبداعات الإعلامية والثقافية بغية التعريف بالواقع الصيني للعالم أجمع.
وتطرق للتعاون الصيني العربي في المجال الإعلامي وقال، ان بلاده نظمت الفعاليات ودعت ممثلي العقول و الإعلام ومراكز التفكير إلى أراضيها للتعريف بالصين، وقد شمل ذلك غالبية الدول العربية، وان الوفود العربية الحالية التي تزور الصين هي جزء أساسي في هذا السياق.
وبين على وجه التحديد، أن الهدف الرئيس في الأنشطة ذات العلاقة تتمحور حول ضرورة التعارف المتبادل ولأجل ان يكون هنالك صوت مشترك بشأن القضايا العالمية. ولهذا بالذات تطورت العلاقات الإعلامية بين الصين والعالم العربي بشكل محسوس منذ العام ٢٠١٦، ووقعت اتفاقيات تعاون صينية عربية، خصوصا مع السعودية والإمارات وسلطنة عمان واليمن وفلسطين ، ومعربا في الوقت نفسه عن تمنياته بتوقيع اتفاقيات مماثلة جديدة مع بقية البلدان العربية، وتطبيق نصوصها، لدفع التعاون الثنائي قدما إلى الأمام.
وتمنى تنظيم زيارات ومقابلات متبادلة من لدن الطرفين الصيني والعربي، وإجراء أنشطة التدريب الإعلامي وتنظيم البرامج المشتركة في المنحى الإعلامي .
اللقاء مع المسؤول الصيني عكس الاهتمام الرسمي الصيني بتنظيم وترتيب العلاقات الإعلامية مع الجانب العربي، بكل مكوناته وتسمياته، وقد كان واضحا للحضور الغربي من أصحاب العقول الراجحة ورجالات الاعلام، أن الصين الرسمية تسعى بكامل جهدها ليس للتعريف عن نفسها في البلدان العربية ويومياتها الإعلامية وواقعها المعاش فحسب، ، بل ولأجل ان تتعرف هي نفسها على العالم العربي ويومياته وهمومه من الصحافة العربية ذاتها، وفي اللقاءات المباشرة مع مراكز الأبحاث وبنوك العقول والتفكير، بما يقود إلى ترسيخ آليات واضحة وثابتة ورسمية للتعاون المتبادل والمثمر، بعيدا عن أية تعرجات قد تختلقها تطورات الأحداث السلبية في منطقتنا العربية، التي تئن تحت ضربات عديدة اجتماعية وسياسية وتدخلات خارجية، لذا فإن الهم الصيني هو خلق حالة مستدامة للعلاقات مع العرب كل العرب، بما يوفر المجال لصلات ثقة ثابتة وتبادلات مباشرة، تتغلب على كل العقبات التي قد تبرز هنا وهنا في سياق المسيرة التاريخية الجديدة والمشتركة في عصرنا، و التي يجب ان تتدثر بالصداقة العميقة والثقة المتبادلة والفوز المشترك لكل الأطراف.
…
*رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.