تعليق: حان الوقت للتخلص من هوس معدل نمو عند النظر للاقتصاد الصيني
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
لسنوات عديدة، ظل رقم النمو أكثر الموضوعات إثارة فيما يتعلق بالاقتصاد الصيني.
ربما بسبب “المعجزة” التي حققها العملاق الآسيوي حيث بلغ متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي له 9.5 في المائة في السنوات الأربعين الماضية، وهو ما تجاوز بكثير معدل النمو الاقتصادي العالمي ونسبته 2.9 في المائة في الفترة نفسها.
ومع ذلك، لا ينبغي على المرء أن يجعل من معدل النمو هوسا. كما أن التباطؤ الاقتصادي لا يعد بالضرورة صافرة إنذار، ناهيك عن أن يكون ضررا للنمو العالمي.
فقد قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في تقرير عمل الحكومة الذي قدمه اليوم (الثلاثاء) خلال افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في الصين، إن الصين حددت هدف نمو ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2019 ليتراوح بين 6 و6.5 في المائة.
في العام الماضي، سجل اقتصاد الصين نموا نسبته 6.6 في المائة، وهو أعلى من الهدف الرسمي ولكن أقل من النمو المسجل في عام 2017 والذي بلغت نسبته 6.8.
وخشى البعض من أن يكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم يقف في مواجهة”هبوط خشن”، ولكنهم لم يستطيعوا رؤية جوهر الأمر بسبب الانشغال بالتفاصيل فيما يتعلق بصحة الاقتصاد الصيني.
فعلى الرغم من التباطؤ، إلا أن الاقتصاد الصيني مازال ينمو بمعدل سريع على نحو معتدل، حيث اتسع ليتجاوز 90 تريليون يوان (13.3 تريليون دولار أمريكي) في عام 2018، وهو إنجاز مثير للإعجاب وسط آفاق اقتصادية عالمية متواضعة.
وإن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التباطؤ هو أن الحكومة الصينية اختارت تحويل نمط نموها من نمط يعتمد على الاستثمار والتصدير إلى نمط أكثر استدامة يستمد قوته من الاستهلاك والخدمات والابتكار.
إنها نتيجة طبيعية للتكيف الذاتي، وخيار استباقي لخلق اقتصاد قوي وصحي ومستدام يفيد البلد وشعبها.
لقد حقق التحول بالفعل بعض النتائج الملموسة في ظل نمو مطرد لمحركات اقتصادية جديدة. ففي العام الماضي، مثلت صناعة الخدمات 52.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وساهم إنفاق المستهلك بنسبة 76.2 في المائة في النمو الاقتصادي، وفقا لما ذكرته مصلحة الدولة للإحصاء في الصين.
وفي استمرارية للإصلاحات الهيكلية سعيا لتحقيق تنمية طويلة الأجل، نفذت الصين أيضا سياسات مالية ونقدية لمواجهة التقلبات الدورية وذلك للتغلب على الضغوط النزولية على المدى القصير.
فقد خفص بنك الشعب الصيني، البنك المركزي الصيني، نسب متطلبات الاحتياطي أربع مرات في عام 2018، وأعلن في 4 يناير عن خفض آخر في النسبة بواقع 100 نقطة أساس لتوسيع القنوات المالية للشركات. كما ستعمل السياسات، التي تشمل خفض معدل الضريبة بالنسبة للقطاع الخاص والحد من الإجراءات الروتينية بالنسبة للأعمال التجارية، ستعمل على تهيئة بيئة أكثر مواتاة للمستثمرين.
ومن ناحية أخرى، حافظت الصين أيضا على سياسة نقدية حكيمة تتمثل في الحفاظ على تنظيم كلي سليم سعيا لتحقيق التوازن بين أهداف سياساتيه متعددة.
وتضع الحكومة في الاعتبار ضرورة الحفاظ على قوة الدفع الاقتصادية بدلا من اللجوء إلى حوافز اقتصادية ضخمة، داعية إلى مزيد من الاستقرار في مجالات تشمل التوظيف والسوق المالية والتجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي والاستثمار المحلي والتوقعات.
لكن اقتصاد الصين ليس خاليا من التحديات.