تعليق: الصين تتطلع إلى تبادل التجارب والخبرات مع دول العالم الأخرى في مكافحة الإرهاب الإقليمي
أكدت الحكومة الصينية في كتاب أبيض أمس الاثنين (الـ18 من مارس الجاري) أن الإرهاب هو عدو مشترك للمجتمع البشري وهدف يسعى المجتمع الدولي للقضاء عليه بصورة مشتركة، مشيرة إلى أن تسلل الأفكار المتطرفة وانتشارها يمكن أن يؤدي بسهولة إلى أعمال إرهابية عنيفة، ويشكل تهديدا مباشرا ضد مختلف الأنواع من حقوق الإنسان التي يتمتع بها الناس اليوم.
وفي معرض إشارة الكتاب الأبيض، الذي صدر تحت عنوان : مكافحة الإرهاب والتطرف وحماية حقوق الإنسان في شينجيانغ، إلى أن الإرهاب والتطرف قد أصبحا من مسببات المآسي العالمية، ذكرت إحصاءات غير كاملة أن أكثر من 1100 عمل إرهابي اجتاح أنحاء العالم طوال عام 2018، ما أدى إلى مقتل ما يزيد عن 13 ألف شخص.
وقبل ثلاثة أيام من إصدار الحكومة الصينية للكتاب الأبيض حول مكافحة الإرهاب في منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور شمال غربي البلاد، تعرضت نيوزيلاندا لـ”أحلك يوم” في تاريخها، حيث سقط 50 قتيلا جراء هجمات إرهابية استهدفت مسجدين في مدينة كرايستشيرش، ونشر المشتبه به مقالا طويلا في حسابه على “تويتر”، شمل دعاية للأفكار المتطرفة المتمثلة في تفوق الأبيض.
وبرهن الحادث المأساوي على أن مختلف بلدان العالم تواجه حاليا مشكلة مستعصية مشتركة تتمثل في كيفية وضع حد لتسلل الأفكار المتطرفة وانتشارها لإزالة تربة خصبة لزرع بذور العنف والإرهاب والقضاء على كل الأنشطة الإرهابية في مهدها.
ولبحث سبل حل المشكلة وفقا للظروف الوطنية المختلفة، تعمل دول العالم على التعاون والتبادل والتعلم من بعضها البعض في مجال مكافحة الإرهاب، بما فيها الصين بصفتها عضوا مسؤولا في المجتمع الدولي. ولخصت الحكومة الصينية في الكتاب الأبيض بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف وحماية حقوق الإنسان في شينجيانغ، تجارب ضرب الإرهاب في المنطقة، والتدابير الملموسة لتعزيز التكامل بين استئصال التطرف وترقية المهارات المهنية الشخصية للسكان المحليين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما يعد مساهمة مهمة قدمتها الصين لمساعي التبادلات الدولية لمكافحة الإرهاب.
وأوضح الكتاب الأبيض ثلاثة طرق محددة تتبناها الحكومة الصينية لمواجهة الإرهاب، ألا وهي الوقاية من الإرهاب وتركيز الجهود في المناطق الرئيسية وتعزيز التعاون الدولي.
ووضعت الصين تدابير الوقاية في أولويات أعمالها ضد الإرهاب، محاولة القضاء على الأنشطة الإرهابية في مهدها، وجاء في الكتاب الأبيض أن الصين تسعى إلى استئصال ظروف انتشار الإرهاب والوقاية منه ومكافحته على أساس الاستفادة من خبرات المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب والاستجابة الفعالة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب على نطاق العالم.
وأصبحت تدابير معينة لتحسين معيشة الشعب مثل توسيع فرص العمل، وتعميم التعليم، وتنفيذ الضمان الطبي أصبحت إجراءات مهمة لمكافحة الإرهاب الوقائية في شينجيانغ. وأشار الكتاب الأبيض إلى أن شينجيانغ أسست مراكز التعليم والتدريب المهني بهدف تثقيف وتأهيل الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم صغيرة أو خرق القانون والقضاء على تأثير الإرهاب والتطرف، وذلك لمنعهم من وقوع ضحايا للإرهاب والتطرف، والوقاية من الأنشطة الإرهابية في مهدها، وتشمل هذه المهارات العملية تجهيز الملابس والأحذية، وتصنيع الأغذية، وتجميع المنتجات الإلكترونية، والطباعة، والتجميل، والتجارة الإلكترونية وغيرها. وفقا للتقارير، تم توظيف العديد من الطلاب الذين تخرجوا من المراكز بنجاح.
وخلال الفترة ما بين عامي 2016 و2018، حققت شينجيانغ توفير أكثر من 1.4 مليون وظيفة جديدة في المناطق الحضرية، وتم توظيف أكثر من 8.3 مليون شخص في المناطق الريفية، وتم تحقيق سياسة التعليم الإلزامي لمدة تسع سنوات والضمان الصحي للأمراض الخطيرة في جميع المناطق. في معرض الصور حول شينجيانغ الصينية الذي أقيم مؤخرا في جنيف، قال نائب الممثل الدائم لبيلاروسيا لدى جنيف، الذي كان يعمل في منظمة مكافحة المخدرات في فيينا لعدة السنوات، إن مراكز التعليم والتدريب المهني في شينجيانغ هي الطريقة الصينية لتدريب مهارات الحياة وغرضه الوقاية من الجرائم.
وركزت الصين الجهود في المناطق الرئيسية، وهذا يعني تحديد شينجيانغ كساحة المعركة الرئيسية لمكافحة الإرهاب في الصين.
وتقع شينجيانغ في شمال غرب الصين، وتبلغ مساحتها أكثر من 1.66 مليون كيلومتر مربع، وهي متاخمة مع ثماني دول، ومنذ العصور القديمة، كانت شينجيانغ منطقة متعددة الأعراق والثقافات والأديان. وأظهرت إحصاءات غير مكتملة أنه من عام 1990 إلى نهاية عام 2016، شنت قوى الانفصالية والإرهاب والتطرف الآلاف من الهجمات الإرهابية في شينجيانغ، ما أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء ومئات من ضباط الشرطة، فضلا عن التسبب في أضرار لا حصر لها في الممتلكات.
كما أشار الكتاب الأبيض إلى أن التطرف الديني تحت راية الإسلام يتعارض مع التعاليم الإسلامية، مؤكدا أن “هذا ليس الإسلام”.
لقد حقق هذا العمل نتائج مرحلية. ولم تشهد شينجيانغ حوادث إرهابية عنيفة لأكثر من عامين متتاليين، ويعيش الشعب حياة سلمية.
في عام 2018، استقبلت السياحة في شينجيانغ أكثر من 150 مليون سائح محلي وأجنبي، بزيادة 40 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2017، بما في ذلك نحو 2.4 مليون سائح أجنبي، وبلغ استهلاك السياحة الإجمالي 252.2 مليار يوان، بزيادة 41.6 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2017.
وتعد الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب واستئصال التطرف في شينجيانغ جزءا مهما في الأعمال الدولية لمكافحة الإرهاب. وفي عالم اليوم، عبر الإرهاب والتطرف حدود الدول، ولا يمكن لأي دولة أن تبتعد عنه.
ومكافحة الإرهاب في شينجيانغ ليست استثناء. وبدعم من الحكومة المركزية، أنشأت شينجيانغ في السنوات الأخيرة آليات تعاون مختلفة لمكافحة الإرهاب مع الدول المجاورة، بما في ذلك تبادل المعلومات، ومراقبة الحدود المشتركة، والتحقيق في المشبوهين الإرهابيين، ومكافحة تمويل الإرهاب وغيرها.
إذا لم يكن هناك تعاون دولي لمكافحة الإرهاب، فلن تحقق شينجيانغ نتائج مرحلية في هذا الصدد، وهو ما أظهر الدعم الدولي لجهود الصين في مكافحة الإرهاب واستئصال التطرف من شينجيانغ، الذي يعيش سكانها اليوم طمأنينة ويعملون بارتياح. ومع ذلك، قوى الشر الثلاث المتمثلة في الانفصال والتطرف والإرهاب ما زالت موجودة في شينجيانغ، وقوى “تركستان الشرقية” ما زالت تنتظر الفرص لإثارة المتاعب.
ولا يمكن لشينجيانغ تحقيق الاستقرار الدائم وتقديم مساهمات إيجابية في الحرب العالمية ضد الإرهاب إلا عندما تتخلى الدول المختلفة عن المعايير المزدوجة وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب.