الصين المدنية والدينية..!!!
موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:
في الصين، كما في كل العالم المدني المُتحضّر، المُنبثق عن المُدن والحضارة والتحضّر، يَحتكم الجميع بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، وإيمانهم الديني، وقومياتهم ولغاتهم وأعدادهم، إلى حكم تشريعات وقوانين واحدة، لا تفرّق بين شخص وآخر، وفي هذا المجال نرى كيف تتم محاكمات وزراء وشخصيات قيادية في الصين لأسباب منها الفساد، وإدارة ظهورهم لهذه القوانين بصلافة، فلم يحتمل القانون استمرارهم بإهانته، ولم يحتمل الرئيس شي جين بينغ ذلك أيضاً، فكان التطهير حماية للكل من القلّة التي أهانت العَلم والعلوم والاشتراكية في وقت واحد..
يتضح من متابعة الأحداث المختلفة في الصين، أن الحرب التي تُشن ضد الفساد بمبادرة من الرئيس شي جين بينغ، تنبع من ضرورة اعتبار هذه المكافحة ركناً أساسياً من أركان رؤية الرئيس شي جين بينغ السياسية والإستراتيجية لإدارة البلاد، وبالأخص لكونه أميناً عاماً على الحزب الحاكم، الذي هو الحزب الشيوعي الصيني، الذي قام بتحرير الصين من الغزاة اليابانيين ومن عملائهم المحليين، ومن الاستعمارين البرتغالي والانجليزي، وشكّل حائطاً صلباً لصد الغزاة الآخرين الطامعين بأرض الصين وخيراتها ومكانتها الاستراتيجية على كل مساحات البلد.
وأظهرت رؤية الرئيس شي جين بينغ وضوحاً جلياً في رصفها سياسة مانعة للفساد، ضمن تسلسل منطقي في التنفيذ لوقف الفساد والإفساد، حيث يعتبر الرئيس شي أن محاربة الفساد ليست مرحلة عابرة ووقتية يمكن أن تنتهي بانتهاء ولاية الرئيس أو يمكن لأي كان أن يوقفها بإرادة شخصية كما في دول أخرى، لكنها تعتمد سياسة بعيدة المدى تؤسس إلى حالة من التوافق الاجتماعي العام على المستوى الوطني والشعبي والحزبي والسياسي والمؤسسي، وتسعى لاقتلاع الفساد من جذوره، وليس من الناحية العملية فحسب، وإنما أيضاً تدريجياً من ناحية الردع الذاتي، مما يقود إلى الهدف السامي المنشود، وهو تعزيز حكم القانون من أجل بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل والمؤدي الى تمكين قواعد الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، ولهذا نرى كيف أن لجنة فحص الانضباط التابعة للجنة الحزب الشيوعي الصيني المركزية، وهي أعلى مؤسسة للمراقبة الداخلية للحزب الشيوعي الصيني، تحمل مسؤولية متابعة حملة مكافحة الفساد المستمرة منذ عام 2012، وبحزبيتها تمكنت من ضمان التقدم في مختلف المجالات دون فساد يعرقل هذا التقدم.
وهنا لا بد من القول، أنه لا فرق بين مواطن صيني مؤمن بدين، وبين آخر غير مؤمن، أو عضو في الحزب الحاكم، ولا فرق بين رجل وفتاة، صغير وكبير، فالحرب على الفساد يحكمها القانون المدني، الذي يقف الجميع أمامه سواسية، وما الحملة الدولية الظالمة التي تشنها بعض الجهات على الصين بإدعاءات دينية مختلفة، سوى حملة باطلة تعمل على تشويه الحقائق، والدفاع عن عناصر باعت عقلها وقلمها للشيطان الأجنبي، بدل أن تكون زاداً للوطن وعنواناً لرقيه ودعم قوانينه التي تشمل الجميع بمظلتها الكبيرة.
يقول الاعلامي المعروف “حسن وانغ ماو هو” ــ نائب رئيس تحرير مجلة “الصين اليوم” في واحدة من مقالاته، ان ((قانون مكافحة الإرهاب لجمهورية الصين الشعبية)) ينص على أن الدولة تعارض أي شكل من أشكال التطرف، بما فيها التحريض على الحقد، والتحريض على التفرقة، ونشر العنف، عبر تشويه التعاليم الدينية، أو سُبل أخرى، وتحظر أي سلوك تمييزي تحت مبررات إقليمية أو عرقية أو دينية وغيرها. وتنص ((لوائح الشؤون الدينية)) على أنه لا يجوز نشر التطرف الديني وتأييده وتمويله، ولا يجوز استغلال الدين لتخريب الوحدة القومية وتشتيت الدولة وممارسة النشاطات الإرهابية. وتتخذ الدولة الإجراءات والتدابير الرامية لكبح بث التطرف الديني وانتشاره، بينما تولي اهتماماً خاصاً لتفادي ربط نشاطات العنف والإرهاب والتطرف الدينى بقومية معينة أو دين معين.
وفي منطقة شينجيانغ الغربية الصينية ذات اللون الإسلامي، تلاحظ على وجه الخصوص تقاطر الوفود الاجنبية عليها، وعنها يتحدث هؤلاء الزوار بمحبة إذ أنهم يؤكدون وجود تقدم حضاري مذهل، ويتمتع الجميع هناك بامتيازات ثابتة في الحياة الاسرية، والتعليمية، والصحية وفي الحريات الدينية التي يكفلها القانون ويتحدث عنها “الكتاب الابيض” الصيني بشأن حرية التديّن من عدمه.
قبل أيام قليلة، صدر في الصين “كتاب أبيض”، عن مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني، وأكد الكتاب الذي حمل عنوان “الإصلاح الديمقراطي في التبت – ستون عاما متواصلة”، أن حرية الاعتقاد الديني لجميع المجموعات العرقية محمية بموجب الدستور والقوانين، ومع احترام وحماية جميع الأديان والطوائف الدينية على قدم المساواة، ومضيفاً أن “هذا يعادل الانسجام الديني الحقيقي”.. (صحيفة الشعب الصينية).
ويقول الاعلامي “حسن وانغ ماو هو”، أن البيانات الصينية أظهرت وجود1787 موقعاً في التبت يمارس البوذية التبتية، وأكثر من 46000 راهب وراهبة مقيم، و358 “من بوذا حي”، بالإضافة إلى أربعة مساجد، وأكثر من 12000 مسلم من السكان الأصليين، وكنيسة كاثوليكية واحدة، و700 من أتباع الكنيسة، ويقوم “التبتيون وجماعات الأقليات العرقية الأخرى بنشاطاتهم الدينية وفقاً للتقاليد المحلية.. حسبما يُشير الى ذلك “الكتاب الأبيض”،
ومن الضروري هنا الاشارة بوضوح، الى أن مختلف المصادر الصينية، السياسية والفكرية والحزبية والمستقلة والاجتماعية تعتبر الأديان، كل الاديان في الصين، “جزءاً عضوياً من الحضارة الإنسانية”، وتتعامل الصين مع حرية الاعتقاد الديني بانفتاحية، وتعمل على التكيف بشأنها روح مع العصر، وكبح التطرف بكل أشكاله ومنه الاجتماعي والديني والفكري، وتشير المراجع الصينية والوقائع هناك في الصين، الى أن الصين أخذت التطورات والتغيرات الدينية وأحوال الانشطة الدينية بعين الاعتبار، واستفادت من التجارب الإيجابية، وحتى السلبية، فى داخل البلاد وخارجها، وشقت طريقاً ناجحاً لضمان حرية الاعتقاد الديني، وتعزيز تناغم العلاقات الدينية، وتوظيف الدور الإيجابي للأوساط الدينية.
ولا بد هنا من اختتام حديثي بالاشارة الى تقرير المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعى الصيني، الذي يقول بوضوح بضرورة التنفيذ الشامل للمبادئ الأساسية للحزب حول الأعمال الدينية، وبأن الصين ستظل تحترم وتضمن حرية الاعتقاد الديني للمواطنين كافة، وتبذل كامل جهدها في مواصلة السير الى بناء “الدولة الاشتراكية الحديثة، الغنية والقوية والديمقراطية والمتحضرة والمتناغمة والجميلة، وذات الخصائص الصينية في العصر الجديد”.
ولهذا ولغيره الكثير من الوقائع والأحداث نرى أن “الصين المدنية والدينية” هي “دولة واحدة وشعب واحد وقلب واحد ورئيس واحد لا يفرق بين أحد”، بل أنه يَجمع الجميع حول الوطن الصيني بعاطفته وعنايته وبتوفير الحياة الحرة والكريمة للشعب كله.. كل الشعب بدون أي استثناء.
…
• الشيخ_محمد_حسن_التويمي: متابع قضايا الإسلام والمسلمين في #الصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين.