تعليق: مبادرة الحزام والطريق تستهدف التنمية المشتركة والمنافع المتبادلة
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
منذ قرون، وعلى ظهور الجمال وعلى متن السفن، وعبر الصحارى القائظة والأمواج العاتية، سافر تجار ومستكشفون ذهابا وإيابا على طول طريق الحرير البري والبحري القديم ورسخوا التجارة والتواصل بين الشرق والغرب.
واليوم، وبوحي من تراث هذا الطريق التجاري التاريخي، اقترحت الصين مبادرة الحزام والطريق التي تسعى إلى حشد جهود العالم لإطلاق طريق جديد نحو تقاسم التنمية والازدهار.
لقد حققت المبادرة نتائج ملموسة في السنوات الست التي انقضت منذ إطلاقها عام 2013. كما حصلت على دعم عالمي. وحتى الآن، وقعت 126 دولة و29 منظمة دولية على المبادرة.
وساعد التعاون المزدهر لمبادرة الحزام والطريق على مر السنين، في تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار بشكل أسرع، والسماح بوصول مالي أسهل، كما خلق مزيدا من التبادلات الشعبية عبر آسيا وأوروبا وإفريقيا وما وراء ذلك.
ثمة أسباب وراء إنتاجية المبادرة وشعبيتها، ويأتي في مقدمتها أن المبادرة تنبع من روح الانفتاح والشمولية والمنفعة المتبادلة.
قبل عامين، عندما ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة افتتاح منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولي، قال: “نحن على استعداد لتبادل ممارسات التنمية مع دول أخرى، لكن ليست لدينا أي نية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى ولا لتصدير نظامنا الاجتماعي ونموذج التنمية الخاص بنا، ولا لفرض إرادتنا على آخرين. وفي معرض إتباع مبادرة الحزام والطريق، لن نلجأ إلى مناورات الجغرافيا السياسية التي عفا عليها الزمن”.
وفي إطار تعاون الحزام والطريق، أيدت الصين ومارست مبدأ “التشاور الشامل والتنمية المشتركة والمنافع المتبادلة”، ساعية إلى تحقيق تنمية ذاتية مع توفير الفرص والخبرات ورأس المال في الوقت نفسه لشركائها في مبادرة الحزام والطريق إلى جانب العالم أجمع.
وكشهادة على ارتباط المبادرة وأهميتها في عالمنا اليوم، أدرجت مؤسسات دولية ومنصات تعاون رئيسية رؤية المبادرة في وثائقها، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا-الباسيفيك ومنظمة شانغهاي للتعاون.
ثانيا، توفر المبادرة منصة لتعزيز الروابط بين الدول بشكل أوثق.
واسترشادا بروح طريق الحرير، تهدف المبادرة إلى تعزيز التعاون في خمسة مجالات رئيسية هي: تنسيق السياسات، وارتباطية البنية التحتية، والتجارة، والتمويل، والتبادلات الشعبية.
ويعد تنسيق السياسات مفتاح التعاون السلس. ولا تحاول بكين أبدا فرض المبادرة على آخرين، ولكنها تولي اهتماما وثيقا بمواءمة المبادرة مع إستراتيجيات التنمية لشركائها في الحزام والطريق. وقد وقّعت حتى الآن اتفاقيات سياسية مع مشاركين آخرين في المبادرة بشأن القواعد والمعايير، والسياسات الضريبية، وحماية الملكية الفكرية، وفض المنازعات.
وأحرزت تنمية البنية التحتية أيضا تقدما ملحوظا. فعلى سبيل المثال، وفي اليونان، التي تشترك في إدارة البنية التحتية بها شركة “كوسكو” الصينية للشحن، شهد ميناء بيرايوس زيادة في سعة تداول الحاويات بمعدل خمسة أضعاف منذ عام 2010 ليصل إلى 4.9 مليون وحدة فئة قدما العام الماضي. ويحتل الميناء حاليا المرتبة الـ36 بين أفضل 100 ميناء على مستوى العالم على قائمة ((لويدز))، وهي معيار رئيسي في الصناعة، مقارنة باحتلاله المركز الـ93 عالميا عندما انضمت الشركة الصينية إلى أعمال الإدارة هناك لأول مرة. كما أن تقدما ملحوظا قد أنجز في مشروعات ارتباطية أخرى في مجالات مثل السكك الحديد والطرق والنقل الجوي والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية.
لقد قدّمت هذه المشروعات فرصا تجارية ليس للشركات الصينية فقط، ولكن أيضا للشركات في جميع أنحاء العالم. وعلى سبيل المثال، وفي بناء محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح – “ممر الرياح” – في مقاطعة السند بباكستان، تم التعاقد مع الشركة الأمريكية متعددة الجنسيات ((جنرال إلكتريك)) للعمل مع الشركة الصينية ((باور تشاينا)) وتوفير توربينات الرياح. وستقدم الشركة الأمريكية أيضا 10 سنوات من خدمات التشغيل والصيانة.
وبفضل قطارات الشحن السريعة للسكك الحديد الصينية التي تعمل ذهايا وإيابا بين الصين وأوروبا، زاد عدد الشركات الصينية المسجلة في مدينة دويسبورغ غربي ألمانيا من حوالي 40 شركة عام 2014 لتصل إلى أكثر من 100 شركة حاليا. وزادت خدمات الشحن هناك من ثلاثة قطارات أسبوعيا إلى حوالي 40 قطارا، ما حفّز النمو الاقتصادي المحلي وخلق أكثر من 6 آلاف وظيفة.
وفيما يتعلق بالتعاون المالي، تعمل الصين مع شركائها في مبادرة الحزام والطريق والمؤسسات المالية العالمية الكبرى لضمان التدفق المتنوع والقوي لتمويل المشروعات الرئيسية المتعلقة بالمبادرة.
ومنذ تدشينه عام 2016، أصبح البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية أحد المنصات الرئيسية متعددة الأطراف لبناء الحزام والطريق، وقد حاز على ثقة وتقدير على المستوى العالمي بشكل متزايد.
وبحلول نهاية عام 2018، كان لدى البنك 93 عضوا، ووافق على قروض بقيمة 7.5 مليار دولار أمريكي لإجمالي 35 مشروعا في 13 دولة من بينها إندونيسيا وباكستان وطاجيكستان وأذربيجان وعمان وتركيا ومصر.
ثالثا، تحاول المبادرة المساعدة في وضع مسار جديد نحو تجارة عالمية أكثر ازدهارا واقتصاد عالمي أكثر انفتاحا وعولمة اقتصادية أكثر شمولا.
وعلى مدار السنوات الست الماضية، تجاوز إجمالي التجارة بين الصين والدول المشاركة الأخرى في المبادرة، 6 تريليونات دولار، وتجاوزت استثمارات الصين في هذه الدول 80 مليار دولار. وكذلك، أظهرت أحدث الدراسات التي أجراها البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى، أن تعاون الحزام والطريق سيخفض تكاليف التجارة العالمية بنسبة 1.1 إلى 2.2 بالمائة وسيسهم بنسبة 0.1 بالمائة على الأقل في النمو العالمي لعام 2019.
كما أن مبادرة الحزام والطريق تُحدث فرقا يمكن أن يشعر به الأشخاص العاديون؛ حيث أظهر تقرير حديث للبنك الدولي أن الاستثمارات المرتبطة ببرنامج المبادرة يمكن أن تساعد في انتشال 8.7 مليون شخص من الفقر المدقع و34 مليون آخرين من الفقر المعتدل في مجموعة متنوعة من الدول.
وخلقت مناطق التعاون الـ82 التي أقامتها الصين بالاشتراك مع 24 دولة مشاركة، أكثر من ملياري دولار من العائدات الضريبية وحوالي 300 ألف وظيفة للدول المضيفة.
وفي ندوة لإحياء الذكرى الخامسة لمبادرة الحزام والطريق في أغسطس الماضي، قال شي إن المبادرة رسمت “رسما مبدئيا”، والآن حان الوقت لوضع “لوحة مرسومة بدقة” وتوجيه دفة تعاون الحزام والطريق نحو تنمية مدفوعة بالجودة.
ويوفر المنتدى الثاني للمبادرة، والذي بدأ اليوم (الخميس) في بكين، فرصة للمتشككين لتعزيز فهمهم حول سبب جذْب المبادرة الاهتمام في جميع أنحاء العالم، وهم محل ترحاب للالتحاق بها.