معرض بكين الدولي للبستنة 2019…يفتح آفاقا رحبة أمام التعاون الصيني العربي في دفع التنمية الخضراء
أكد مسؤولون وخبراء صينيون وعرب أن معرض بكين الدولي للبستنة لعام 2019، الذي يقام في الفترة من 29 إبريل الجاري حتى 7 أكتوبر المقبل في حي يانتشينغ شمالي بكين، يتيح فرصا قيمة لعرض تقدم الحضارة البيئية في الصين وتعزيز مسارات التنمية الخضراء منخفضة الكربون، كما يعد منصة لتقاسم الخبرات في مجال التنمية المستدامة بين الصين وبلدان العالم بما فيها الأقطار العربية.
إن تجربة الصين في الحد من التلوث البيئي وإدارة البيئة الأيكولوجية تجد حرصا من البلدان العربية على دراستها والاستفادة منها. فالتعاون مع الشركات الصينية والتعلم من خبرات الصين في الإدارة البيئية يمكن أن يساعد الشعوب العربية على حل مشكلاتها البيئية بشكل أفضل.
وفي هذا السياق، نوه الناشط البيئي الكويتي ورئيس جماعة الخط الأخضر البيئية خالد الهاجري في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) بدور الصين في تعزيز التحول الاقتصادي الصديق للبيئة، مشيرا إلى أن تنوع المعارض ذات الصلة بالبيئة والطبيعة التي تستضيفها الصين ومن بينها معرض بكين الدولي للبستنة 2019، يجعلها محط أنظار العالم ويميّز جهودها البيئية.
وقال “كلنا نعلم بالملحمة البيئية الخضراء التي قادتها الصين في سبيل التقليل من حجم التلوث الناتج عن بعض المصانع وهي حرب بيئية مدهشة تخوضها بصلابة وبدأت بالفعل تظهر نتائجها الإيجابية في بعض المدن الصينية، علاوة على مشاريع التخضير وزراعة الأشجار لمعالجة مشكلة جودة الهواء والتغلب على العواصف الترابية والتصحر في بعض أجزاء الصين”.
وحول هذه الملحمة، قال بان جيا هوا رئيس مركز البحوث البيئية والتنمية الحضرية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن القيادة الصينية طرحت العديد من مفاهيم الإدارة البيئية الجيدة، مثل “الحضارة الأيكولوجية” و”الصين الجميلة” و”الجبل الأخضر والمياه الزرقاء كنزان ثمينان”، وهذه المفاهيم هي التي حددت المسار والاتجاه لإدارة البيئة في الصين.
وأضاف أنه من خلال التصحيح والإدارة الشاملة، وإغلاق ونقل المنشآت التي تصدر عنها انبعاثات كثيفة ملوثة للبيئة، وعمل حملات الدعاية لحماية البيئة وغيرها من المبادرات، حققت بعض المدن الكبرى في الصين التي اُبتليت بمشكلات تلوث الهواء والمياه نتائج واضحة، فقد بذل الجميع جهدا لرؤية المزيد من المياه الزرقاء والنقية. علاوة على ذلك، ثمة استجابة إيجابية من جانب الشعب الصيني للنظم الأيكولوجية، ومن هنا باتت حماية البيئة ترتكز على أساس عام جيد في الصين.
كما رأى الهاجري إن فعالية الصين هذه وجهودها في احتضان فعاليات بيئية عالمية ينبع من إصرارها على تحقيق نجاحات بيئية تنعكس إيجابا على بيئة وصحة المجتمع الصيني، موضحا أن هناك الكثير من المجالات التي يمكن أن تستفيد فيها الكويت من تجربة الصين لمواجهة بعض التداعيات البيئية. وتابع بقوله إن “الصين تتميز في أمرين وهما التجربة البحثية والتكنولوجيا، وهذان الأمران هما أهم ما تحتاج إليه الكويت والمنطقة العربية في سبيل التغلب على الصعوبات والمشاكل البيئية التي تواجهها”.
ومن ناحية أخرى، صرحت الدكتورة فايقة أشكناني نائب المفوض العام لجناح دولة قطر في معرض بكين الدولي للبستنة لعام 2019 بأن بلادها باعتبارها دولة صحراوية ومنتجة للنفط والغاز ستتمكن من الاستفادة من التجارب والبحوث الصينية في إمكانية استنباط فصائل من النباتات التي تتميز بمقدرتها المضاعفة على تنقية الهواء وتخفيف التلوث في الجو.
وأشارت إلى أن المحافظة على البيئة وزيادة المسطحات الخضراء من أولويات إستراتيجية قطر 2030 ومن متطلبات ملف استضافة قطر لكأس العالم ٢٠٢٠ بالإضافة إلى كون مشاركة دولة قطر في هذا المحفل الدولي فرصة للوقوف على تجربة الصين في استضافة إكسبو البستنة استعدادا لاستضافة قطر لإكسبو البستنة 2021.
وعلى صعيد آخر، ألمح تسوي كون الأستاذ بكلية الدراسات الدولية بجامعة بكين إلى أن التجربة الأخرى التي يمكن أن تدرسها الدول العربية هي استخدام الصين للطاقة المتجددة، مسلطا الضوء في هذه الناحية على طبيعة المناخ وارتفاع درجة الحرارة في المنطقة العربية، وعلى أهمية وإلحاحية توظيف الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات سكان المنطقة الذين يستخدمون عددا كبيرا من مكيفات الهواء.
وأوضح تسوي أن الصين لديها خبرة رائدة في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وخير مثال على ذلك استفادتها من الطاقة الشمسية وتزايد إنتاجها من السيارات العاملة بالكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تدعم الصين تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال، ووضعت العديد من السياسات لدعم المؤسسات القائمة على التكنولوجيا.
وفي عملية التحول والارتقاء الاقتصادي، تلتزم الصين بنشاط ببناء الحضارة الأيكولوجية وتحقيق التنمية المستدامة، وقد اعترف المجتمع الدولي على نطاق واسع بمساهماتها في توفير الطاقة وخفض الانبعاثات.
وتضم معظم الدول العربية مناطق صحراوية شاسعة تطل عليها أشعة الشمس المشرقة لفترات طويلة، ومن هنا يمكن القول أن تعاون الصين، وهي أكبر منتج للمعدات والتكنولوجيا والمنتجات الكهروضوئية، مع السوق العربية في هذا المجال يحمل آفاقا كبيرة.
وبالإضافة إلى التعاون التقليدي في مجال الطاقة، تتمتع الصين والدول العربية بفرص متكاملة في استخدام الطاقة المتجددة، لاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية. فعلي سبيل المثال، تعمل مصر جاهدة على تسريع استخدام الطاقة المتجددة وتنخرط في تعاون نشط مع شركات صينية متخصصة في هذا المجال ومنها شركة ((تبيا)) الصينية التي تكرس جهودها لتحقيق التنمية المستدامة باستخدام الطاقة الذكية والفعالة والخضراء.
وفي الواقع ثمة تشابه في الظروف الجغرافية والمناخية بين الدول العربية ومنطقة نينغشيا بشمال غرب الصين. وقد استطاعت الصين اكتساب خبرات غنية وتطوير تكنولوجيات فعالة وناجعة في مكافحة التصحر وزراعة الصحراء، يمكن لدول الخليج العربي الاستفادة منها في زراعة صحاريها. وقد نجح بالفعل فريق من العلماء الصينيين في العام الماضي في تجربة زراعة الأرز بمياه البحر المالحة في صحراء دبي.
في حقيقة الأمر، استنادا إلى منصات وفرتها من قبل كل من “مبادرة الحزام والطريق” و”معرض الصين والدول العربية” وكذا “منتدى التعاون الصيني العربي”، ويضاف إليها الآن معرض بكين الدولي للبستنة 2019، من المتوقع أن يشهد التعاون في مجال التنمية الخضراء بين الصين والبلدان العربية تطورا هائلا مع تعزيز تبادل المنتجات الزراعية وانتشار مزيد من أوجه التكنولوجيا الزراعية الصينية في هذه البلدان، ما يساعد بصورة كبيرة في مكافحة التصحر وملوحة التربة بل وتوفير المياه العذبة فيها، ليتحقق تقاسم الخبرات وتبادل المنفعة.