خبير لبناني: على الولايات المتحدة أن تتخلى عن سياسات الأحادية والحمائية
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
قال الخبير اللبناني بالشؤون الصينية محمود ريا إنه في ظل الإطار الدولي الأكثر انفتاحا، إذا استمرت الولايات المتحدة في اعتماد سياسات الأحادية والحمائية الضارة، فهي كمن يطلق النار على نفسه أولا، قبل إطلاقها على الآخرين.
أكد محمود ريا خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا أن ما جعل العالم يصل إلى هذه المرحلة من الشك وعدم اليقين، هو بالتأكيد ممارسة الولايات المتحدة لسياسة التنمر على مختلف الدول في العالم، خاصة في السنتين الأخيرتين، انطلاقا من الاستراتيجية القائمة على مبدأ “أمريكا أولا”، مما يجعل القوى الدولية والإقليمية الأخرى تتخذ سياسات دفاعية لمواجهة هذا التنمر.
وأضاف أن هذا التنمر يترجم نفسه في العديد من الممارسات “العدائية” تجاه دول عديدة بالعالم، ابتداءا من “تحطيم” الكثير من الاتفاقيات الدولية الحيوية، والإصرار على استفراد كل دولة على حدة، بما يعطي الولايات المتحدة اليد العليا في التعامل مع العالم، وصولاً إلى سياسة فرض العقوبات والحظر والتعريفات الجمركية العالية بهدف تأخير انطلاقة اقتصاديات الدول المُستهدَفة.
خلال الأعوام القليلة الماضية، انسحبت الولايات المتحدة من منظمات دولية، من بينها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والاتحاد البريدي العالمي.
وانسحبت أيضا من سلسلة من المعاهدات الدولية، من بينها الشراكة العابرة للمحيط الهادئ واتفاقية باريس التاريخية للتغير المناخي والاتفاق العالمي للهجرة والاتفاق النووي الإيراني والبروتوكول الاختياري لتسوية النزاعات الملحق باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وفرضت الأفعال الأحادية التي تقوم بها الولايات المتحدة، سلسلة من التحديات على القواعد الدولية والحوكمة العالمية.
وقال ريا في المقابلة إن الولايات المتحدة تترك فرصة النمو الطبيعي للاقتصادات العالمية وتمارس “اللعبة الصفرية” التي تقوم على أساس الحصول على كل شيء، ولجأت إلى سياسات الأحادية والحمائية المتمثلة في فرض التعريفات الجمركية الإضافية على الواردات الصينية.
في وقت مبكر هذا الشهر، قررت واشنطن فرض رسوم جمركية إضافية على ما قيمته 200 مليار دولار أمريكي من السلع الصينية، ورفعها من 10% إلى 25%، اعتبارا من 10 مايو الجاري.
وفاقمت الولايات المتحدة من حدة الاحتكاكات التجارية المستمرة منذ عام بين أكبر اقتصادين في العالم، على الرغم من 11 جولة من المحادثات التجارية الثنائية بين الجانبين، وذلك بعد أن فرضت القيود على شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية مثل ((هواوي)).
يذكر أن الصين أعلنت أنها سترفع معدل التعريفات الإضافية المفروضة على بعض منتجات الواردات الأمريكية اعتباراً من أول يونيو المقبل.
وأضاف الخبير اللبناني أن الصين تقع على رأس قائمة الدول المعرّضة للتنمّر الأمريكي، نظراً للخوف الأمريكي من النمو المتصاعد والمستدام للاقتصاد الصيني، فتمارس الولايات المتحدة الكثير من الإجراءات “العدوانية” بحق الصين، على الصُعد السياسية والاقتصادية وغيرها.
وتابع قوله إن هناك الكثير من الإجراءات غير القانونية وغير الوديّة التي تتخذها الإدارة الأمريكية بحق شركات صينية عاملة في مختلف المجالات، ما يشير إلى أن هذه الإجراءات ليست منفصلة عن بعضها، وإنما تندرج في إطار سياسة ثابتة تتبعها هذه الإدارة، تقوم على السعي من أجل إركاع الشركات الصينية، وبالتالي دفع الصين إلى الاستسلام.
وعبر محمود ريا عن ثقته بأن الصين قادرة على تخطي هذه المصاعب، والاستمرار في تحقيق نمو اقتصادي ذي نوعية عالية، بينما سيكون المتضرر الأكبر هو الاقتصاد الأمريكي، بما فيه مختلف الشركات الأمريكية، والمواطنون الأمريكيون الذين سيشعرون بشكل مباشر بالتأثيرات السلبية للتوتر التجاري القائم بين الصين والولايات المتحدة.
وأشار إلى أنه ينبغي أن تتخلى الولايات المتحدة عن فكرة السعي للحصول على كل شيء، وتضع، على الفور، حدا حازما لهذا التوجه التصادمي في الاقتصاد العالمي. والوسيلة الصحيحة الوحيدة هي الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يضمن مصالح جميع الأطراف، ويساعد على تهيئة الأرضية لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وهو ما تدعو إليه الصين، كأساس جديد للعلاقات الدولية، حيث تنمو الاقتصادات العالمية، سواء الكبيرة أو الصغيرة، وتترعرع معا، وتتكامل وتتواصل وتتفاعل في إطار عولمة منفتحة وعادلة ومتناغمة.