دبلوماسية شي بشأن الجوار تصيغ مجتمع مصير مشترك أوثق
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
سيزور الرئيس الصيني شي جين بينغ منطقة وسط آسيا بدءا من يوم الأربعاء حتى يوم الأحد، حيث سيجري زيارتي دولة إلى كل من قيرغيزستان وطاجيكستان وسيحضر قمة منظمة شانغهاي للتعاون ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا.
وفي ظل تصاعد الشكوك العالمية، من المتوقع أن تساهم هذه الجولة في زيادة تدعيم التعاون متعدد الأبعاد في إطاري المنظمة والمؤتمر، وأن تعمل أيضا على حشد الجهود لخلق مصير مشترك للأمن والرخاء في كل بلدان المنطقة.
تعزيز التعاون في إطار منظمة شانغهاي للتعاون
يلتقي قادة الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون في العاصمة القيرغيزية بيشكك للمشاركة في قمة المنظمة لهذا العام، ومن المقرر أن يعلن القادة موقفا موحدا إزاء القضايا الإقليمية والدولية.
لقد كانت المهمة الأساسية للمنظمة حينما أسست في يونيو 2001، هي بناء الثقة المتبادلة وحماية الأمن عبر الحدود وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب.
وعلى مدى السنوات الـ18 الماضية، نمت المنظمة لتصبح أكبر منظمة إقليمية على مستوى العالم للتعاون الشامل، سواء من حيث المساحة التي تغطيها أو عدد السكان الذين تمثلهم. وتعاظمَ التعاون بين الدول الاعضاء بدرجة كبيرة في مجالات مثل الأمن والاقتصاد والتبادلات الشعبية.
وعن المرحلة المقبلة من تنمية المنظمة، حث شي في كلمة ألقاها خلال قمة تشينغداو في 2018، بلدان التكتل الإقليمي على العمل الوثيق من أجل بناء مجتمع مصير مشترك للمنظمة.
ويقول شي تسه، مدير المركز الصيني لدراسات منظمة شانغهاي للتعاون، إن المنظمة تستطيع أن تخطو خطوات واسعة إلى الأمام على مستوى تعزيز بناء هذا المجتمع، مضيفا أن بلدان المنظمة تواجه تحديات مشتركة في الأمن والتنمية الاقتصادية، وتتمتع بتوافق واسع بشأن الكثير من القضايا.
وقال نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ هان هوي إنه من المقرر خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون أن يتبادل شي وجهات النظر مع زعماء الدول المشاركة بشأن الوضع الراهن وأوجه تنمية المنظمة، إضافة إلى بحث القضايا الدولية والإقليمية الكبرى. وسيبحث القادة “الأفكار والإجراءات الجديدة للمواجهة المشتركة للتحديات والمخاطر، وتدعيم الأمن والاستقرار والتنمية وإعادة الحيوية في ظل الوضع الراهن.”
وفي الواقع، فإن المنظمة تتقدم باطراد نحو تحقيق هذا الهدف في ظل توجيه المبدأ الأساسي الذي قامت عليه المنظمة الذي يحمل اسم “روح شانغهاي”. لقد أصبحت المنظمة قوة مؤثرة في مواجهة “قوى الشر الثلاث” وهي الإرهاب والانفصالية والتطرف، فضلا عن مكافحة الجرائم العابرة للحدود والجرائم الإلكترونية.
وفي الوقت نفسه يحقق التعاون بين الدول الأعضاء في الشؤون العسكرية ومجالات الطاقة والنقل والاتصالات والبنية التحتية والزراعة نتائج ملموسة وفوائد عملية لشعوب المنطقة وغيرها.
وبحسب فلاديمير نوروف، سكرتير عام المنظمة، فإن الدول أعضاء المنظمة سيتبنون خلال قمة هذا العام مجموعة من الوثائق المهمة وسيعملون على زيادة تعزيز التعاون التعددي في إطار المنظمة.
تحقيق الرخاء في آسيا
تحتاج الكثير من بلدان آسيا، مثل بلدان منظمة شانغهاي للتعاون، إلى مواجهة التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية التي تشمل ” قوى الشر الثلاث” — تهريب المخدرات والفقر المدقع والنزاعات الحدودية.
في الوقت ذاته، تمثل عودة عقلية الحرب الباردة والهيمنة واللعبة الصفرية أخطارا كبيرة تهدد أمن واستقرار آسيا، بل أمن واستقرار العالم أجمع . يعد العمل المشترك هو السبيل الوحيد التي تستطيع من خلاله بلدان المنظمة التغلب على تلك التحديات وتحقيق الرخاء والتنمية، سواء لأنفسها أو للعالم أجمع.
وبوصفه الآلية الآسيوية متعددة الأطراف الوحيدة في مجال التعاون الأمني، يعمل مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا على نحو نشط من أجل تعزيز الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء، مع اتخاذ إجراءات في المجالات العسكرية والسياسية.
وتأسسَ مؤتمر التفاعل وبناء الثقة في آسيا عام 1992 منصة للحوار والتشاور بشأن القضايا الأمنية في آسيا. وعلى مدى أعوام من الجهود المشتركة تحولت الآلية إلى منتدى تعاون أمني بتغطية أوسع وأكبر عدد من الدول الأعضاء والتمثيل الأكثر تناسُبا في آسيا. كما لعب دورا مهما وبناء في تدعيم الاستقرار والرخاء على المستوى الإقليمي.
وأشار شي تسه إلى أن التعاون الأمني هو أساس قيام كل من المنظمة والمؤتمر، مضيفا أن تعزيز التعاون في هذا المجال يمثل المطلب الأساسي للدول الأعضاء في المنظمتين، سعيا نحو التعامل مع التغيرات التي يشهدها الوضع في منطقة أوراسيا.
وبالتالي، فإن التعاون الأمني سيكون الموضوع الأساسي لأجندة قمة المنظمة في بيشكك وقمة المؤتمر في دوشنبة، وفقا لما قال.
وأضاف أن القادة بحاجة إلى التفاوض بشأن هذه القضية وإيجاد حلول مناسبة لمواجهة تلك التحديات والتهديدات الأمنية.
تعزيز العلاقات الثنائية
واصلت الصين، خلال الأعوام الماضية، دعم علاقاتها مع بلدان آسيا الوسطى في ضوء توجيهات مبادئ الود والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمول.
وفي قيرغيزستان، وفرت الصين المساعدة اللازمة لإقامة المنشآت الطبية عبر بناء مستشفى أوش ومركز بحوث أمراض القلب الوراثية. كما قدمت الصين المساعدة في إصلاح الطرق في بيشكك وفي تعزيز القدرات الأمنية للبلاد.
لقد أكد الرئيس القيرغيزي سورونباي جينبيكوف أن الصين جارة وثيقة وصديقة موثوق بها وشريكة استراتيجية لقيرغيزستان.
أما طاجيكستان، التي كانت أولى دول العالم في التوقيع على مذكرة تفاهم مع الصين بشأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، فإن التنمية الاقتصادية فيها سارت بوتيرة سريعة بفضل المساعدات التي قدمتها الصين.
وحققت القطاعات الرئيسية بالبلاد، مثل البنية التحتية والطاقة والكهرباء والاتصالات والنقل، اختراقات هائلة في التنمية.
وفي الوقت الراهن، أصبحت الصين شريكة تجارية رئيسية لكل من قيرغيزستان وطاجيكستان، ومستثمرة رئيسية فيهما. ويتواصل تعميق تعاون الصين مع البلدين في مجالات النقل والبنية التحتية والتجارة والتعدين. كما أن تعلم اللغة الصينية والدراسة في الصين أصبحا خيارين مفضلين لدى شباب البلدين.
ومن المتوقع أن تعمل زيارة شي للبلدين على دعم الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع كل منهما، إلى جانب تعزيز التعاون العملي في إطار مبادرة الحزام والطريق.
في السياق ذاته، قال نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ إن زعماء البلدان الثلاثة سيحولون الثقة السياسية رفيعة المستوى إلى نتائج تعاونية أكثر أهمية، وضمان أن العلاقات الثنائية ستحقق تنمية أعظم في ظل الوضع الجديد.
وقال ياو بي شنغ، سفير الصين السابق لدى قيرغيزستان، إن الصين وبلدان آسيا الوسطى، بينها قيرغيزستان وطاجيكستان، صاغت بالفعل مجتمع مصير مشترك سيمثل نموذجا يحتذى به للعلاقات الصينية مع البلدان المجاورة الأخرى.