واقع الطالب اللبناني في الصين وضرورة العمل بجدّية أكبر
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد زريق:
تحولت معظم المجلاّت والصحف والمواقع الالكترونية والمنابر الاذاعية المرئية والمسموعة إلى وسائل لمدح السياسات الصينية الحديثة وإظهار التطور الذي تحرزه الصين، وهذا التوجه جيد وضروري لأن الصين دولة عصرية وأثبتت تفوقها وسرعة تطورها، وأنا بدوري أرفع القبعة للدولة والشعب الصيني وللقائمين على السياسات الصينية المتّبعة. إلا أن المدح وإظهار كل ما هو إيجابي بشكل دائم لن يساعد على التطور والتقدم إلى الأمام. لذلك إنطلاقاً من تجربتي الصينية وخلفيتي الأكاديمية وانتمائي إلى الدولة اللبنانية قررت أن أكتب هذه الكلمات علّها تحدث بعض التغيير.
الفارق بين القوة والضعف يحدثه عامل واحد هو “الوحدة”، فالفحم يجتمع إذا توحّد وينطفئ إذا تفرق ومجموعة موحّدة من النمل قادرة على هزيمة السبع. إن الاتحاد هو عامل مهم في شتّى الميادين للنجاح والتطور أما التفرق فالبتأكيد سوف يؤدي إلى الفشل، هذه هي القاعدة التي يمكن أن نقيس عليها كافة أمورنا الحياتية.
لقد ازددت يقينا وثقة بضروروة الاتحاد خلال تجربتي الصينية، كما أن العيش في مجتمع دولي يساعد على التعرف على طلاب من كافة دول العالم. الواقع هو أن كل مجموعة طلابية موّحدة تحت اسم دولة معينة دون استثناء، ولكل دولة اتحاد طلابي وتواصل دائم مع سفارة بلادهم على الأراضي الصينية. لقد ذكرت عبارة “دون استثناء”، وقد عنيت بذلك أن كل دولة وبغض النظر عن حجم التمثيل الطلابي في الصين لديها هيئات وجمعيات واتحادات لمجرد إبقاء الروح الوطنية وأن يكون الوطن هو الجامع خارج الحدود.
للأسف إن هذا العنصر الأكاديمي والثقافي والطلابي هو غائب أو يتم تغييبه في ما خص الطلاب اللبنانيين في الصين، ففي الصين نسبة جيدة من الطلاب اللبنانيين والعدد يزداد عاماً بعد عام، إلا أن العقل اللبناني المبني على الانقسام المناطقي والطائفي والحزبي ليس مستعداً بعد على تقبل فكرة الوحدة والتعامل بروح الوطنية.
إن هذا المقال كان يجب أن يتم نشره منذ فترة طويلة ولكنني كنت مترددا لأن المستهدف هي الوطنية اللبنانية ولكن وضع اليد على الجرح في بعض الأحيان يمكن أن تؤدي إلى الإضاءة على الخلل ومعالجته. إنني أخجل عند رؤية الطلاب من القارات الخمس موحّدة في مجموعات وطنية، أما طلاب لبنان في الصين ليس لديهم الاهتمام بالتواصل أو الترابط خارج حدود الوطن.
إن زملائي اللبنانيين في الجامعات الصينية ليسوا مهتمين بالتواصل مع أبناء بلدهم، فبقدر حبي لوطني وسعيي الدائم لفتح قنوات تواصل بقدر بعدهم ونفورهم، فالانتماء الحزبي يطغى على الانتماء الوطني فالوطن لا يجمع أو ربما لا إيمان بما يسمى الوطن اللبناني، أو لضيق الوقت أو لمجرد النفور من أبناء جلدتهم بلا سبب. إن هذه الكلمات من الممكن أن تشكل صدمة لدى البعض خصوصا من الجنسيات غير اللبنانية لأنني على ثقة بأن كلامي هذا سوف يمر مرور الكرام على مسمع اللبناني وسوف يعتبره بالعادي، ولكن بالنهاية هذه الكلمات هي واقعية وليست من نسج خيالي وقد اكتفيت بهذه الأمثلة البسيطة من أجل توصيف الواقع.
منذ فترة من الزمن حاول المسؤول الثقافي لدى السفارة الصينية في لبنان العمل على فتح هذا الملف وتنظيم قطاع الطلاب اللبناني في الصين وإنشاء اتحاد للطلاب اللبنانيين في الصين، إلا أن الملف قد أهمل ولم يتم العمل به منذ ذلك الوقت لأسباب وظروف خاصة. اليوم ومع تعيين مسؤول ثقافي جديد لدى السفارة الصينية في لبنان ومن على موقع الصين بعيون عربية أتقدم بالطلب منه بإعادة فتح هذا الملف وتفعيله والعمل على إنشاء “إتحاد للطلاب اللبنانيين في الصين”، وأن تتخذ السفارة اللبنانية في الصين مسؤوليات أكبر وعدم الإكتفاء بالأعمال التقليدية والروتينية تماهياً مع سفارات باقي دول العالم في الصين.
محمد زريق؛ مرشح للدكتوراه في Central China Normal University، مهتم في سياسة الصين الخارجية تجاه المنطقة العربية مع تركيز خاص على مبادرة الحزام والطريق، لديه العديد من الكتابات والمنشورات.