تبرعات صينية شعبية تجلب الأمل للأسر المثقلة بالموصل شمالي العراق
منحت تبرعات صينية شعبية جرعة من الأمل لسكان المدينة القديمة بالموصل شمالي العراق من الذين دمرت منازلهم وفقدوا بعض أفراد أسرهم وأعمالهم، بسبب سيطرة التنظيم المتطرف والأعمال العسكرية لطرده.
وأسس بعض العاملين في الشركات الصينية في العراق مجموعة اسمها ( أصدقاء بغداد) على “ويتشات”، منصة للتواصل الاجتماعي في الصين، ونظمت المجموعة حملة تبرع لثلاث عائلات، بعد أن اطلع اعضاء المجموعة على قصص معاناة هذه الأسر التي نشرتها وسائل الإعلام بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاستعادة مدينة الموصل من سيطرة التنظيم المتطرف.
ونجحت الحملة التي استمرت ثلاثة أيام في جذب 61 متبرعا، وقد تم جمع 5145 دولارا رغم قصر مدة الحملة.
وابدى المتبرعون تعاطفهم مع الواقع المؤلم والمعاناة الكبيرة الذي تعيشه هذه العائلات، وأعربوا عن املهم بانتهاء الحرب وأن يعم السلام والخير جميع ربوع العالم وخاصة في هذه المدينة التي عانت من ويلات الإرهاب والحرب، ولايزال سكانها يعيشون وسط ركام الحرب.
ويوجد الآلاف من العائلات الفقيرة التي تقطن بالمنطقة القديمة والتي دمرت منازلها ولديها قصص حزينة ولم تمتد يد العون اليها مثلما امتدت لهذه العائلات الثلاث.
وقالت المتبرعة غادة يانغ التي تعمل مترجمة بإحدى الشركات الصينية العاملة في بغداد، وساهمت في تقديم الأموال إلى العائلات ” إذا لم تأت إلى الموصل بنفسك، لن تستطيع إدراك كيف أن كل زاوية من المدينة مدمرة، فهناك الكثير من الأشياء التي لم تظهرها الصور كعظام الإنسان والظروف الفارغة للعيارات النارية المنتشرة”.
وأضافت أن ” الحرب قاسية للغاية، ولكن معظم الناس في العالم طيبون، الشخص الأكثر إثارة للإعجاب في هذه الزيارة هو الفتاة الصغيرة زينب (9 سنوات مصابة بساقها) التي تبتسم دائما”.
يذكر أن والدة زينب قتلت بسبب التنظيم المتطرف، كما قتلت جدتها بقصف جوي، ودمر منزلهم، وأصيبت هي في ساقها، ولا تستطيع السير على قدميها لحدوث قصر في العظام، لكن منظمة أطباء بلا حدود أجرت لها عدة عمليات جراحية لمساعدتها، وتعيش زينب وأخواتها ووالدها في غرفة مساحتها 12 م2 لا تصلح لسكن البشر، لكن الأمل عاد اليها بعدما تبرع شخص بإعادة بناء هيكل منزلهم، واستلام أسرتها تبرعات من حملة (أصدقاء بغداد).
وتابعت يانغ “بعد هذه الزيارة لهؤلاء الناس الفقراء، قررت أن ازور هذا الموقع كل سنة ،” مضيفة ” أعتقد أن ما يقومو به ( أصدقاء بغداد) من عمل بأنفسهم أو من خلال مساعدة الخيرين من جميع أنحاء العالم سوف يعيد بناء مدينتهم قريبا”، معربة عن أملها بمستقبل مشرق لهذه الأسر.
بدوره قال تشانغ تشن (22 سنة) الموظف في شركة بناء مقرها في بغداد بعد مشاهدته صور العائلات التي نشرت على مواقع التواصل ” أنا مصدوم ،وأريد أن أساهم ولو بالقليل لهذه العائلات، وأتمنى أن لايرى العالم المزيد من الحروب”.
وشهدت المدينة القديمة، التي يعيش فيها عشرات الآلاف من أفراد الأسر الفقيرة، أعنف المعارك بين القوات العراقية وتنظيم (داعش) الإرهابي قبل عمليات تحريرها بالكامل، والتي اسفرت عن دمار كبير وخراب في كل شيء فيها ما منع عودة الغالبية العظمى من سكانها.
يذكر أن منصور المرعيد محافظ نينوى الجديد كشف قبل عدة أيام في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء (شينخوا) عن تشكيل لجنة من نقابة المهندسين والهندسة المعمارية والتخطيط العمراني ودوائر المحافظة وشخصيات موصلية ومكاتب الهندسة في المحافظة وجمعيات وناشطين تضم 25 شخصا لتقديم مشورة نهائية كيف سيكون شكل المدينة القديمة في المرحلة المقبلة”.
وأكد أن عملية الإعمار في المدينة القديمة ستبدأ بعد الاتفاق على شكل المدينة النهائي من خلال التخصيصات المالية من الحكومة المركزية، والجهات الاستثمارية.
إلى ذلك قال ليث هاشم نجم (59 سنة) أحد الاشخاص الذين تلقوا التبرعات وساعدته منظمة خيرية لإعادة إعمار منزله ” أتمنى أن تعود الأمور كما كانت سابقا قبل الحرب.
أما الشخص الثاني الذي استلم تبرعات فهو فراس خالد والذي فقد زوجته ووالدته بسبب الحرب ودمر منزله وابنته حاليا تعاني من الإعاقة فقال ” نتمنى من الخيرين الاهتمام بالمنطقة وإعادة اعمارها” .
واعرب فراس خالد عن شكره وتقديره للمتبرعين الصينيين وأهل الخير لمساعدته لإعادة بناء بيته للرجوع اليه، معربا عن أمله بانه سيسكن في بيته بعد شهر من الأن.
وتعمل العديد من الشركات الصينية في العراق بمجالات النفط والكهرباء وبناء الطرق والجسور وغيرها، وقد ساهمت في كثير من الأحيان بالتبرع للمجتمعات المحلية لمساعدتها في تحسين ظروفها المعيشية والتعليمية.
الشخص الثالث الذي استلم التبرعات هو علي سعدي الذي دمر منزله واصيبت ابنته بالشلل فقال وأثار الدموع في عينيه “لو لا مساعدة الناس الذين لم يتركونا في محنتنا لما حلمنا بالعودة، أنا ممنون جدا من المتبرعين الصينيين وأشكرهم كثيرا”.
وقال علي سعدي وهو يبتسم ” سوف أشتري أبوابا جديدة بدل الأبواب المستعملة التي كنت أريد شرائها، ثم أقوم بصب أرضية البيت كون ابنتي عبير (17 سنة) تعاني من الشلل ولا تتمكن من السير، نتيجة إصابتها بضربة جوية قبل تحرير الموصل .