التشغيل التجريبي لنظام النقل الأوتوماتيكي في قطر يجسد المواءمة بين رؤيتها 2030 ومبادرة الحزام والطريق
بدأت في دولة قطر تجربة تشغيل نظام النقل السريع الأوتوماتيكي صيني الصنع كوسيلة مبتكرة وصديقة للبيئة للنقل الجماعي، وذلك في خطوة تجسد المواءمة العملية بين رؤية قطر الوطنية 2030 ومبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين.
بعد وصول نظام النقل السريع الأوتوماتيكي الذي أنتجته شركة ((سي آر آر سي)) الصينية المتخصصة في صناعة السكك الحديدية إلى قطر في 10 يوليو، بدأت الأسبوع الماضي تجربته على طريق الخور السريع على أن تستمر التجربة حتى 24 يوليو. ويستخدم النظام وسيلة نقل شبيهة بقطار صغير مكونة من 3 عربات متصلة وقادرة على السير على الطريق العام مباشرة دون حاجة لوجود سكة واقعية لها.
وتملك الوسيلة، التي تعد فريدة الطراز والأولى من نوعها في العالم، أجهزة استشعار مختلفة تساعد سائقيها على إتباع مسار افتراضي لها على الطريق، كما تستخدم أنظمة اتصالات ذكية ومتطورة تتفاعل مع إشارات المرور بما يعطيها الأولوية في المسير. ويبلغ طولها قرابة 32 مترا وبعرض الحافلة العادية.
وتتميز أيضا بتصميم داخلي وخارجي عصري يراعي متطلبات ذوي الإعاقة، وقيادتها مزدوجة بالاتجاهين، وتبلغ القدرة الاستيعابية لها 307 ركاب، وتسير بسرعة 70 كيلومتر بالساعة، وتستغرق عملية الشحن السريع للبطارية الخاصة بها 10 دقائق تكفي لمسيرة 25 كم، وشحن 3 ساعات تكفي مسير 70 كيلومتر.
وعقب إكمال تجربة النظام في هاربين بشمال الصين والتي تتميز ببيئة شديدة البرودة، يتم اختبار النظام من ناحية القوة والمرونة والتكييف ودوام البطارية في بيئة تتسم بالحرارة والرطوبة العالية نظرا لأن قطر ذات جو مناخي حار ومرتفع الرطوبة حيث تبلغ متوسط درجات الحرارة في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 45 درجة وتصل أحيانا إلى 60 درجة.
وقال بنغ تشونغ هونغ، مدير عام قسم شؤون التنمية المدنية في مكتب تشوتشو للدراسات التابع للشركة الصينية ((سي آر آر سي)) إن “الطقس مرتفع الحرارة يعد امتحانا كبيرا لفعالية مقاومة البطارية للحرارة والمعدات الإلكترونية والإطارات”، مبينا أن الشركة قد غيرت بناء وتصميم الوسيلة وفقا لدرجات الحرارة العالية في قطر لضمان توفير النوعية والجودة الأمثل.
من جهته، قال وزير المواصلات والاتصالات القطري، جاسم بن سيف السليطي، في تصريحات أوردتها وسائل إعلام قطرية، إن “تجربة تشغيل هذا النظام تنفذ لأول مرة في العالم بعد الصين البلد المصنع له، وستقوم الوزارة بتقييم هذه التجربة التي تستمر لفترة زمنية محددة، بغية التأكد من أن نظام الشحن الكهربائي للبطاريات والأنظمة الميكانيكية والكهربائية الأخرى لوسيلة النقل الخاصة بهذا النظام تناسب الظروف المناخية لدولة قطر قبل البدء في تنفيذها”.
وأضاف جاسم أنه في حال نجاح التجربة، فإنها ستدعم تنوع قطاع المواصلات عن طريق استخدام أحدث أنظمة النقل في العالم ذات التكنولوجيا المتطورة، بما يساهم في تحقيق التوازن الاقتصادي والبيئي في مشاريع البنية التحتية لقطاع المواصلات، وكذلك ستوفر تجربة نقل مميزة وفريدة خلال الفعاليات التي تستضيفها الدولة، وخاصة بطولة كأس العالم 2022، حيث ستكون تجربة استثنائية للمشجعين والزوار وتقدم خدمات عالمية المستوى تسهل من انتقالهم بين الاستادات وأماكن الإقامة والمواقع السياحية.
ويجري الاختبار، الذي تنفذه الشركة المصنعة للوسيلة التي طورتها بشكل مستقل في عام 2017، تحت إشراف طرف ثالث، وذلك على طريق طوله 70 كيلومترا تحت درجة حرارة تبلغ 60 درجة مئوية، فيما تبلغ درجة الحرارة عند تشغيل الإطارات 90 درجة مئوية.
ومن المقرر أن يتم التشغيل الفعلي لهذا النظام، الذي يجمع بين مزايا القطارات والحافلات والترام، في غضون 15 إلى 16 شهرا، بعد الانتهاء من كافة التجارب، لتصبح قطر بذلك الدولة الثانية في العالم بعد الصين، التي يعمل فيها نظام النقل الأوتوماتيكي منذ عام 2017 في عدة مقاطعات بالبلاد.
ويربط نظام النقل المتكامل المتعدد الوسائط كل مناطق قطر ببعضها البعض، ويخدم الجمهور للوصول إلى كافة المرافق الحيوية، كما يوفر خدمات آمنة وموثوق بها، بما يتماشى مع تحقيق ركائز رؤية قطر الوطنية 2030، فضلا عن تطوير وسائل النقل وفق أحدث الأنظمة العالمية الصديقة للبيئة، وتوظيف الطاقة البديلة والنظيفة في مجال النقل والمواصلات على النحو الأمثل، للحد من الانبعاثات الضارة.
في عام 2008، تم طرح “رؤية قطر الوطنية 2030″، وهي خارطة طريق للتنمية المستقبلية أطلقتها الحكومة القطرية، وتحرص على تحسين البنية التحتية المحلية ومستوى المعيشة في البلاد، وهو ما يتقاطع مع الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها مبادرة الحزام والطريق.
ويمثل التشغيل الكامل لنظام النقل الأوتوماتيكي في قطر ثمرة جديدة في سلة فرص التعاون المشتركة وإنجازا آخر على طريق السعي من أجل تعزيز التعاون في مجال البنية التحتية في الدول الواقعة على طول مبادرة الحزام والطريق.