رؤية صينية: التخلي عن عقلية الهيمنة جزء من حل الخلافات الأمريكية مع إيران
صحيفة الشعب الصينية:
شهد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران تصعيدا خطيرا بعد التراشق الكلامي الطويل. حيث أعلنت الحكومة الأمريكية عن اسقاطها طائرة ايرانية دون طيار وقامت بإرسال تعزيزات عسكرية إلى قاعدة الأمير سلطان بالسعودية. وردّا على ذلك، أقدمت إيران على احتجاز ناقلة نفط بريطانية. وهوما أثار خشية الأوساط الخارجية من ان تنزلق أقدام الجانبين نحو ساحة المواجهة العسكرية.
وكان ترامب قد أعلن في 18 يوليو الجاري عن اسقاط وحدة من البحرية الأمريكية لطائرة بدون طيار اقتربت من السفينة الحربية “يو آس آس بوكسر” في مضيق هرمز. في المقابل، نفت ايران تصريحات ترامب وغرّد نائب وزير خارجيتها عباس عراقجي على تويتر قائلا بأن بلاده لم تفقد أي طائرة بدون طيار في مضيق هرمز أو أي مكان آخر. وأضاف “نظن أن تكون سفينة البحرية الأمريكية قد أسقطت عن خطأ طائرة دون طيار أمريكية. ”
في أعقاب ذلك، قالت تقارير اعلامية أمريكية في 19 يوليو الجاري ان أمريكا سترسل تعزيزات عسكرية إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية بالسعودية تشمل طائرات مقاتلة وصواريخ الدفاع الجوي ومايزيد عن 500 جندي، ردّا على التهديدات الإيرانية المتزايدة. وفي اليوم الموالي، قالت وزارة الدفاع الأمريكية أن التعزيزات العسكرية الأمريكية تهدف إلى حماية السعودية في حالة حدوث أي تهديد مفاجئ. من جانبها لم تبدِ ايران أي تنازل أمام الضغوط الأمريكية، وأقدم الحرس الثوري عصر نفس اليوم على احتجاز ناقلة النفط البريطانية “ستينا امبيرو”، ثم قامت بتسليمها لسلطات ميناء هرمز للقيام بالإجراءات القانونية اللازمة.
وتعليقا على ذلك قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية ايرل براون أن بلاده قد عززت الدوريات الجوية في مضيق هرمز عقب احتجاز إيران للناقلة البريطانية. أما قائد القيادة المركزية ماكينزي فأشار إلى أن بلاده بصدد التشاور مع عدد من الدول الأخرى حول سبل ضمان أمن الملاحة في مضيق هرمز.
ويعود الوضع الحالي للعلاقات بين أمريكا وإيران إلى التصعيد المستمرّ بين الجانبين. مثلا كان احتجاز ايران لناقلة النفط البريطانية ردّا على اسقاط أمريكا للطائرة بدون طيار الايرانية، وهومايبدو سلوكا انتقاميا متبادلا. أما في ما يتعلّق بالتعزيزات العسكرية الأمريكية في السعودية فرغم أنها ليست في علاقة مباشرة بالتوترات الجارية في مضيق هرمز، لكنّها ترفع من قدرات انتشار الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط.
لكن مع ذلك لايزال الجانبان يتبادلان رسائل تخفيف التوتر من خلال القنوات الدبلوماسية. على سبيل المثال، أشار جواد ظريف في 18 يوليو الجاري إلى أن إيران مستعدة لاستقبال محققي وكالة الطاقة الذرية لتفقد المشاريع النووية الإيرانية في حال قامت أمريكا بإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. بينما قال ترامب: “ما نطمح إليه هو اتفاقية أفضل…وهذه المهمة يمكن دفعها بسرعة كما يمكن أن تتقدم ببطء.”
وبالنظر إلى مصالح الجانبين والوضع الأمني الاقليمي، يُتوقع أن يستمرّ الجانبان في توجيه الضغوط المتبادلة وفي نفس الوقت اعتماد القنوات الدبلوماسية والمنصّات المناسبة للتخفيف من حدّة التوتر. وبالنسبة لترامب، من الصعب أن يغامر بحرب ضد إيران وهو يسعى للفوز بدورة رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستنظم العام المقبل، ولذلك قد يُبقى خلال المرحلة القادمة المفاوضات خيارا أولا بالنسبة لادارته.
يفسر بعض المراقبين السلوكات الأمريكية والايرانية على أنها محاولة لحيازة المزيد من أوراق اللعبة، لكن في ذات الوقت يحذرون من أن يؤدي تصاعد التوتر بين البلدين إلى خروج الخلافات عن السيطرة. والأهم من ذلك هو أن تتخلّى الادارة الأمريكية عن مبدأ “أمريكا أولا” القائم على عقلية الهيمنة وتتخلى عن اساليبها الفظة في التهديد واستعمال القوة العسكرية. وتبادر إلى البحث عن طرق سلمية لمعالجة النزاعات مع ايران، وتقديم اسهامات فعلية في الأمن والاستقرار الاقليميين.