أي موقع للمغرب في طريق الحرير الجديد؟
موقع الصين بعيون عربية ـ
فاطمة المحرحر*:
شهدت الصين و ما زالت تشهد نمو اقتصاديا ملحوظا منذ بداية الألفية الثالثة وحتى الآن، وانعكس ذلك بشكل جلي على قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حتى أصبحت قوة اقتصادية كبرى على الساحة الدولية، إضافة إلى أنها أصبحت تمتلك القدرة في التأثير على النظام الدولي لصالحها، كقوة كبرى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا السياق، أطلق الرئيس الصيني “شي جين بينغ” استراتيجية بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد، حيث تشكل المبادرة الصينية ” طريق واحد حزام واحد” على الصعيد الدولي انعطافة قوية تعكس تطورا سياسيا واقتصاديا مهما في التفاعل الصيني مع البيئة الاقتصادية الدولية، فضلا عن ذلك فإن الصين وحلفاؤها من الدول النامية تحاول إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، والنظم الفرعية له مثل النظام النقدي والتجاري الدوليين.
وتمثل مبادرة طريق الحرير الجديد إحياء لفكرة طريق الحرير القديم، الذي كان يربط الصين بالعالم الخارجي قبل ألفي عام، لكن المبادرة الجديدة تنطوي على ملامح وأبعاد عديدة أكبر وأوسع مما كان عليه طريق الحرير القديم؛ وتحاول الصين إحياء هذا الطريق، عن طريق شراكات اقتصادية واعدة مع عدة دول يمر منها من ضمنها المغرب، حيث تمثل مدينة طنجة محطة أساسية في هذا الطريق بسبب موقعها الاستراتيجي ومؤهلاتها الاقتصادية وتوفرها على أكبر ميناء للشحن في إفريقيا طنجة ميد.
وتعتبر مبادرة طريق الحرير الجديد من فئة المبادرات التنموية الكبرى التي يمكنها دفع الاقتصاد العالمي برمته إلى النمو بمعدلات أسرع، لا سيما إذا تم تنفيذها وفق معايير وشروط النجاح والتوزان بين مصالح الدول المشاركة بها؛ إضافة إلى ذلك، نجد أن هناك أبعاد جيوسياسية لهذه المبادرة، بداية بالانعكاسات المتوقعة لها على موقع الصين كقوة كبرى في العالم، وصولا إلى تأثيراتها المتوقعة على بنية النظام الدولي ككل.
ويعد المغرب من بين الدول المعنية بمشاريع طريق الحرير، بعدما وقع مع الصين في سنة 2017 مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات في هذا الجانب، وكان أول دولة مغاربية توقع هذه الوثيقة، مع العلم أن بكين هي الشريك التجاري الثالث للرباط، بحجم مبادلات تقدر بنحو 4,11 مليار دولار؛ حيث برز المغرب كشريك اقتصادي جذب اهتمام الصين بفضل إطلاق المغرب للمنطقة المالية بالدار البيضاء والمنطقة الصناعية بطنجة؛ ولعل ما يزيد من حظوظ المغرب هو العلاقات التجارية والاقتصادية التي أصبحت تتقوى بين الرباط وبكين، واستثمار هذه الأخيرة في المدينة الذكية بطنجة هو نموذج لهذه الشراكة.
وفي الاجمال ثمة آفاق كثيرة تخدم البلدين وتجعل علاقتهما خيارا استراتيجيا، فموقع المغرب بالنسبة للصين أكثر من مهم، لا سيما إذا استحضرنا الحضور الصيني الكثيف في افريقيا، والمكانة التي يحظى بها المغرب في دول غرب افريقيا؛ وهذا الأمر ينقلنا إلى مستوى أخر من التحليل ويتعلق الآمر بالجهود التي يبذلها الطرفين لتدعيم علاقاتهما الاقتصادية، بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها التجارة المغربية الصينية خاصة ما يرتبط بالصادرات المغربية نحو الصين، فإن الواقع يكشف أن هناك إمكانيات كبيرة لتطويرها بحيث أن المستوى الحالي للعلاقات التجارية لم يصل بعد إلى المستوى السياسي والدبلوماسي المتميز بين البلدين.
*باحثة في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية ـ كلية الحقوق فاس ـ المغرب
لائحة المراجع:
- نوفل الشرقاوي، “طريق الحرير…المغرب يسهم في إنعاش الحلم الصيني”، اندبندنت عربية، يونيو 2019، indepenfentarabia.com
- عزيز عليلو، ” خبير صيني، البنيات التحتية للمغرب تؤهله للعب دور مهم في مشروع خط الحرير”، القناة الثانية، يونيو 2019، 2m.ma
- “طريق الحرير” مع الصين…مخاطر اقتصادية تهدد 70 دولة من بينها المغرب، تيل كيل عربي، سبتمبر 2018، ar.telquel.ma
- علي صالح، “مشروع الحزام والطريق: كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي؟” تقرير المستقيل، ملحق يصدر مع دورية “اتجاهات الأحداث”، العدد 26، 2018
مقال جميل، وككاتب في الشأن الصيني وخاصة الاقتصاد، فإن أكثر موضوع يجذبني هو “الحزام والطريق” لأنه سيشكل أكبر تكتل تجاري، وبرأئي المتواضع فهو رائعة الاقتصاد الصيني.