وانغ يي … رجل المهمات الصعبة
موقع الصين بعيون عربية ـ
د. تمارا برّو:
يعتبر العام 2013 نقطة تحوّل في المفاوضات الدولية. ففي هذا التاريخ تم تعيين أكثر شخصين كان لهما تأثير كبير في السياسة الخارجية وهما وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف المفاوض النووي البشوش الذي قاد فريق بلاده المفاوض مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني، ووزير خارجية الصين وانغ يي Wang Yi الرجل القوي والشخصية البارزة الذي يتميز بهدوئه وحلّه للخلافات بالطرق الدبلوماسية بعيداً عن منطق القوة.
دائماً ما كان يثير اهتمامي هدوء ونظرات وانغ يي وابتسامته التي حيرت العالم. هذه الابتسامة التي تجمع الرصانة والتسامح في الوقت عينه. كما يعدّ وانغ يي من المدافعين الشرسين عن الصين لذلك وصفته الصحافة الصينية بالثعلب الفضي.
ولد وانغ يي في بكين في العام 1953، وبعد تخرجه من الثانوية العامة في العام 1969 ، أرسل إلى شمال شرق الصين، حيث قضى هناك ثماني سنوات، يعمل في مزرعة ويتعلم من الفلاحين.
درس وانغ يي اللغة اليابانية في كلية اللغات الآسيوية والإفريقية بجامعة الدراسات الدولية ببكين وتخرج منها في العام 1982، كما حصل على شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية.
بعد تخرجه من الجامعة انضم وانغ يي إلى وزارة الخارجية وعمل في قسم الإدارة الآسيوية، ثم انتقل بعدها للعمل في السفارة الصينية في طوكيو وبقي في عمله لمدة خمس سنوات. وعندما عاد الى الصين في العام 1994، عين وانغ يي نائباً لرئيس القسم الآسيوي بالوزارة، وتمت ترقيته إلى منصب رئيس القسم في العام التالي.
وفي العام 1999 درس وانغ يي العلاقات الدولية في جامعة الشؤون الخارجية الصينية وحصل على شهادة الدكتوراه. وفي العام 2001 تم ترقيته إلى منصب نائب وزير الخارجية ومسؤول عن الشؤون الآسيوية وكان آنذاك أصغر نائب وزير.
في العام 2004 عيّن يي سفيراً للصين في اليابان واستمر في منصبه حتى أيلول/ سبتمبر 2007. وفي حزيران/ يونيو 2008 خلف وانغ يي تشن يون لين كمدير لمكتب شؤون تايوان بمجلس الدولة وبقي حتى 17 آذار/ مارس 2013. وفي العام نفسه عيّن وانغ يي وزيراً للخارجية في فترة حكم شي جين بينغ الذي انتخب رئيساً للبلاد في آذار/ مارس 2013.
يجيد وانغ يي اللغتين اليابانية والانجليزية. وهو يتمتع بسمعة طيبة كدبلوماسي لامع ومفاوض بارع، حيث شارك في المفاوضات التي جرت حول ملفي كوريا الشمالية والعلاقات الصينية الأميركية.
يذكر المؤلف الياباني يويتشي فوناباشي، في كتابه “سؤال شبه الجزيرة”، أنه في أثناء المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية حول البرنامج النووي لبيونغ يانغ، كان وانغ يي يحاول اقناع الأميركيين بالجلوس على طاولة الحوار مع الكوريين بمفردهم، كما أرادت كوريا الشمالية. لكن واشنطن رفضت وأصرت على أن تكون الصين حاضرة. فما كان من وانغ يي إلا ان أقام مأدبة عشاء للأطراف الثلاثة المتفاوضة (الولايات المتحدة الأميركية، كوريا الشمالية، الصين) وفي منتصف العشاء خرج وانغ يي ونائبه ولحق بهما جميع الدبلوماسيين الصينيين خلسة فوجد المفاوضون الأميركيون أنفسهم في اجتماع ثنائي مع الكوريين الشماليين.
يتفق زملاء وانغ وغيرهم ممن التقوا به أنه رجل ذكي للغاية، لديه الفكر الثاقب والقدرة على رؤية المشكلة من زاويتين أو ثلاث زوايا مختلفة. ويقول أحد الأشخاص من أصدقاء وانغ في المدرسة إنه كان لا يضيع وقته وأنه درس التاريخ والأدب بمفرده.
يعتبر وانغ يي مكوك الصين الذي يتحرك ويجوب الدول بنجاح وثقة للدفاع عن مصالح الصين وإثبات وجودها عالمياً، وتطوير علاقاتها مع دول العالم والسعي إلى الحفاظ على الأمن والسلام العالميين على اعتبار أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن وتسعى إلى تحقيق التنمية العالمية.
لقد نجح وانغ يي السياسي المحنك اللامع والمدافع الشرس عن بلاده في تعزيز وتطوير علاقات الصين مع مختلف دول العالم. وعلى الرغم من تخصص وانغ يي في الشؤون الآسيوية، إلا انه نجح في التعامل والتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية.
تتسارع الأحداث التي يشهدها العالم وتعني الصين بالدرجة الأولى كالحرب التجارية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية وأزمة هونغ كونغ، والخلاف حول بحر الصين الجنوبي، ولا خوف على الصين من تخطي هذه الأحداث التي تعصف بها بوجود قيادة حكيمة ورشيدة ووزير خارجية ماهر وبارع في الإقناع والتفاوض.