حجاج الصين زيادة بالأعداد رغم التكاليف
موقع قناة الجزيرة الالكتروني:
نوح، صيني مسلم في نهاية عقده السادس، يعيش مع زوجته في قرية معزولة في إقليم نينغ شيا وسط الصين لم يصلها طوفان الحداثة أو التلوث المادي بعد، زرناه في بيته الذي جمع فيه من الطير والحيوان من كل زوجين اثنين أو أكثر، عدة رؤوس من الماشية بالإضافة إلى دجاج وبط وديك رومي.
لم يغادر نوح قريته منذ أن ولد فيها قبل أكثر من ستين عاماً، قضاها يكد بين الحقل والسوق مزارعاً وبائعاً، بيع اللحوم هي مهنته التي ورثها عن والده كحال معظم المسلمين الصينيين. لم يتعلم نوح القراءة والكتابة لكنه يحفظ ما تيسر له من كتاب الله ويجيد الحساب. جمع مالاً، ليس حباً بالمال ولكن لغاية في نفسه.
نوح رجل عصامي يؤدي فروضه كاملة، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان وها هو يستعد أخيراً لتحقيق حلم انتظره طويلاً بعد أن استطاع إليه سبيلاَ.
يقول لنا نوح بفرح طفولي غامر “لقد تمكنت بعد عدة سنوات من العمل الشاق والانتظار من جمع ما قيمته سبعة آلاف دولار -وهي القيمة التي تتقاضاها الجمعية الإسلامية الصينية من كل حاج- وبت قادراً على تحقيق حلم يراودني منذ شبابي. لكن ظروف الحياة ومتطلباتها كانت تفرض علي التأجيل، أما الآن وبعد أن مكنني الله من تزويج أبنائي وبناتي. لم يعد هناك أي مبرر للتأخير”.
تسمعه زوجته وهي تعد له حقيبته وتملأها بألبسة جديدة وأطعمة يحبها وقد يحتاجها كزاد لطريق لم يسلكه من قبل إلى بلاد ينتمي إليها روحياً ويملأ جدران بيته بصورها لكنه يخشى أن يكون غريباً عن عادات أهلها وتقاليدهم.
حلم للجميع
وخلال انهماكها بإعداد الحقيبة تتمتم زوجته بكلمات باللهجة المحلية لم نفهمها. لكن نوحاً يهمس لنا إنها الغيرة هذا هو طبعهن أليس كذلك؟ يتساءل.
حلم مسلمي الصين بتأدية مناسك الحج يصطدم بارتفاع التكاليف (الجزيرة نت)
لكن يبدو لنا أن الأمر ليس مجرد غيرة نساء بل إن الرغبة بالحج حلم يراودها هي أيضاً. كما يراود معظم أهل القرية ممن التقيناهم. لكن اليد قصيرة. ومبلغ السبعة آلاف دولار ليس بسيطاً بالنسبة لكثير من المسلمين الصينيين. فما بالك بالنسبة لقروييها وفلاحييها؟
وكان نصيب القرية لهذا العام هو ثلاثة عشر حاجاً. تجمعوا بعد الصلاة في مسجد القرية حيث ودعهم أهلها بالحفاوة وطلب الدعاء بأن يسبغ الله عليهم نعمته بزيارة بيته العتيق.
وكانت تلك هي المحطة الأخيرة في القرية لنوح ورفاقه قبل أن ينضموا إلى تجمعات حجاج عموم الصين للتجمع في خمس مدن صينية ليغادروا على متن أربعين رحلة خاصة مباشرة إلى الديار المقدسة.
رقم قياسي
وقد بلغ تعداد الحجيج الصينيين لهذا العام نحو 14 ألف حاج ثلثهم من النساء يمثلون مختلف مناطق الصين وأقلياتها القومية المسلمة العشر. مسجلاً بذلك رقماً قياسياً في تاريخ الصين الجديدة منذ أن أوفدت الصين أول بعثة للحج عام 1955 ولم يتجاوز عددها آنذاك عشرين حاجاً.
ويقدر عدد المسلمين الصينيين بنحو 25 مليوناً وفق إحصاءات رسمية غير دقيقة باعتبار أن عمليات الإحصاء الصينية تتم على أساس القومية وليس على أساس الديانة.
وتعتبر الجمعية الإسلامية هي الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف الكامل على وفود الحجيج الصينيين. ويعزو مسؤولون في الجمعية الإسلامية ارتفاع تكاليف الحج إلى حجم الخدمات المتعددة التي تقدمها الجمعية للحجيج من خلال فروعها المنتشرة في جميع المناطق التي يقطنها مسلمون.
وتشمل الخدمات بالإضافة إلى الحصول على التأشيرات وتنظيم عملية السفر على متن رحلات خاصة، تنظيم دروس لتعليم الحجيج مناسك أداء الحج وتطعيمهم ضد الأمراض المعدية وتوفير الرعاية الصحية لهم عبر فرق طبية ترافقهم وفرق للترجمة وتأمين السكن والخيام والمواصلات والمرشدين خلال فترة تواجدهم في الديار المقدسة.
وكانت وزارة شؤون الحج السعودية قد صنفت وفد الحجيج الصينيين واحدا من أكثر البعثات تنظيماً لموسم الحج الماضي.