في الـ70: الصّين في صدارة العالم
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد هائل السامعي*:
تُعد الصين الأكثر تعداداً سكانياً في العالم، وبالرغم من ذلك، تشغل مكانة الصدارة أيضاً في مجال الاقتصاد، وتتمتع بحضارة ضاربة أوتادها في أعماق التاريخ، وهي تفاخر أيضاً بإنجازاتها التقنية المتقدمة والتي وصلت القمر والكواكب، وحوّلت الكم السكاني المذهل إلى وسيلة إنسانية وقيمة اقتصادية كبرى، تفيض بإلإيجابيات في مسيرتها الانتاجية والثقافية والعَملانية، لتصل الى قمة الهرم النوعي في كل مجال دولي وبشري وإنساني.
بإمكان أي باحث أو مهتم الإطلاع على تاريخ الصين القديم، فهو مُتاح للجميع بشفافية. الصين واجهت الكثير من الصّعاب، وحملات القهر والظلم والاضطهاد والحروب الاجنبية، التي نتج عنها ويلات الفقر والأمراض، على يد قوى الاستعمار القديم، وما تزال الصين حتى اليوم، تقدّم التضحيات تلو التضحيات في مقارعة كل أشكال الهيمنة والإستبداد، ومن أجل مزيدٍ من التقدم والتميز بقيادة حزبها القائد.
لم تصل الصين بشعبها العظيم الى الريادة، إلا بعد معانات وكفاح مستمرين، وقد وظّفت في مسيرتها يداً تعمل ويداً تقاوم قوى الهيمنة والإستعمار بكل وعي وإصرار، لتنال غايتها في التحرّر ونيل الاستقلال وبناء دولة الشعب العادلة بعد القضاء على كل أشكال وقوى التدخل الخارجي.
أستطاعت القيادة الصينية الحكيمة وشعبها العظيم في السنوات الاخيرة، توحيد ترابها الوطني، وحل القضايا التي كانت عالقة بجريرة تدخل قوى خارجية، بخاصة في مسألتي هونغ كونغ وماكاو، فتتوحدت الجهود من أجل التنمية والتحديث والازدهار العام، الداخلي، وتصديره للخارج من خلال إبداع مقولة “الربح المتساوي للجميع”.
بعد سنوات طويلة من العمل الجاد والنضال الدؤوب،على كافة الاصعدة التي منها الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، نجحت الصين في الانطلاق بمسارها الى ذرى عليا، بفضل وعي القيادات الثورية الطليعية التي دفعت بالمجتمع الصيني نحو الحداثة، وفي القضاء على الامية، وبرفع مستوى وعي الشعب، وللتوجه نحو الزراعة الواسعة والمؤتمتة، ومن ثم الصناعة، وساعّدها في النجاح المتسارع، تبنّيها لنظام مالي دقيق ومركزية في النهج السياسي وثبات على العقيدة الأيديولوجية.
تعد الصين اليوم من أكبر الدول التي تستثمر في العالم، وفي وطننا اليمني، وهي منفتحة على كل الامم والشعوب بشكل متزن، ففتحت ابوابها امام جميع الراغبين بالاستثمار على اراضيها، سواء أكانوا شركات أجنبية أو مصانع أو أفراد، واختطت في التعاون معهم سياسات حكيمة وخطط مدروسة لتوظيف الاستثمارات الفاعلة والأمثل وذات المردود.
والصين هي أكبر قوة تجارية على مستوى العالم، لذلك تعاملت بمرونة مع كل الضغوطات التي تعرضت لها، وهنا نرى كيف أن الاقتصاد الصيني هو أول اقتصاد عالمي تعافى من الأزمة المالية الدولية، في العام 2008، وهو ما يدلل على أن الاقتصاد الصيني يقوم على أسس متينة، ويتمتع بقاعدة إنتاجية قوية وصلبة، ويستحيل أن يسقط أمام أية أزمات طارئة، لذا تعمد الصين على النمو الاقتصادي بصورة متزايدة على سُبل أكثر استدامة، تقوم على الكفاءة والتحسين في هيكل اقتصادها بشكل تدريجي، للوصول الى مرحلة التوظيف الكامل.
وكعادتها، تستفيد الصين من أي فرص، فقد مّكنها الانضمام الى منظمة التجارة العالمية للوصول بحرية إلى مختلف الاسواق من ألفها إلى يائها، وشجعها ذلك على مضاعفة الانتاج، وتحقيق نجاح ووفر تجاري كبير مع كثير من الدول، وأثّرت وتأثّرت في كسب وإكساب العديد من الخبرات إلى جانب تقوية مركزها المالي.
يُعد الفساد من أهم القضايا التي تكافحه بصرامة قيادات الحزب أولاً والدولة الصينية التي يديرها الحزب القائد، لما لذلك من تأثير على طبقات المجتمع كافة. فالفساد هو الذي يُولّد الفقر والبطالة، ويدمّر البلدان والعقول, وشخصياً أرى هنا سر نجاح الصين، أي حربها دون هوادة على الفساد والإفساد والبذخ، وتتصدر الصين بحزبها الشيوعي القائد، ومنذ قيام الدولة الصينية الاشتراكية، في تحقيق التشارك والتعاون والتنافس الشريف، وتدعم التنمية الخضراء، وتُجل الطبيعة الأُم، وتحافظ على حق الشعب الصيني والبشرية جمعاء في تحقيق إستدامة تنموية مُبهرة، للمساهمة في رسم البسمة على شفاه كل الناس، صغيرهم وكبيرهم سواء بسواء، ودون تفريق بين إنسان وآخر في هذا الكون الفسيح.
*عضو في هيئة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وُحلفاء) الصين في اليمن، وعضو في قيادة شباب الحزب الاشتراكي اليمني – محافظة تعز، ناقد سياسي وكاتب إقتصادي معروف، وعضو في إتحاد الكتّاب اليمنيين، والتخصص العلمي إقتصاد سياسي دولي.