موقع الصين بعيون عربية ـ
آلاء عدنان حمود:
كما أن عصرنا عصر رقمي بامتياز فإن التوقعات تقول إن الوجه الجديد للنظام المالي العالمي سيكون على غراره، حيث أن العالم يتحرك نحو فضاء تتراجع فيه مكانة العملات السيادية لمصلحة العملات الافتراضية. ولتكون الولايات المتحدة في طليعة تبني العملات المشفرة في وقت تتبنى دول آسيوية تدريجياً مفهوم تداول هذه العملات. وفي ظل هذا السباق العالمي الذي تسعى فيه كبرى الاقتصاديات للتعامل بالعملات الرقمية ؛ كانت الصين السباقة في الحصول على عملة رقمية خاصة بها، حيث أن البنك المركزي الصيني أعلن هذا الأسبوع عن تطوير عملته الرقمية الخاصة.
- خطوة جريئة ضد الدولار
الواقع أن فكرة الصين هذه ابداعية وستمنحها لقب اول دولة تعتمد العملة الرقمية، إلا أنه يوجد في هذه الخطوة شيئ من المجازفة، اذ من المقرر أن تحل تماماً محل اليوان الصيني المادي المتداول حاليًا، والذي تبلغ قيمته 0.14 دولار أمريكي. وربما ما يدفع الصين لاتخاذ خطوة جريئة كهذه هو محاولتها خفض الهيمنة الحالية للدولار، ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية تفرض العديد من العقوبات وتعمل على تعميق حدة الصراع في حربها مع الصين، وهو ما يحث الأخيرة لمحاولة إيجاد بديل للعملة الأميركية.
- تنمية اقتصادية
وليس التخلص من سلطة الدولار هو هدف الصين الوحيد، فإنشاء عملة رقمية صينية سبعود بفوائد جمّة على الدولة، اذ ستكون وسيلة لجذب الشركات ورجال الأعمال، الأمر الذي سيعزز بدوره التنمية الاقتصادية والتكنولوجية، كما سيتمتع المستهلكون بقدر أكبر من القدرة على شراء السلع والخدمات.
- الهاتف بديل عن حساب البنك
ولن يحظى المستخدمون بسيولة أكبر بل أيضا بسهولة الاستخدام، اذ لا يُتطلب من المستخدمين سوى امتلاك هواتف ذكية للتعامل بهذه العملة بدلا من امتلاكهم لحسابات بنكية. سلاسة الاتاحة للمواطنين هذه يوازيها سهولة وصول السلطة للمعلومات ، اذ أنه من المرجح أن يتم ربط الهويات بالمحافظ الفردية لمستخدمي العملة، لذا فإن أحد أهم مميزات هذه العملة هو أنه يجعلها غير مجهولة على عكس العملات الرقمية الحالية.
- منافسة عملة فيسبوك ليبرا
يبدو أن عهد التنافس في إنشاء هذه العملات الرقمية الحالية قد بدأ، فإن ظهور العملة الرقمية في الصين ارتبط بإطلاق فيسبوك لعملته ليبرا ، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن “فيس بوك” محجوب فى الصين، ما يمنح الحكومة احتكارًا محتملاً للسوق.
- الولايات المتحدة بين المر والأمر
واذا ما كانت المنافسة الصينية لفيسبوك مبررة بشكل واضح، فإن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على عملته تحتاح الى اعادة درس، حيث تواجه عملة فيسبوك معارضة شديدة من قبل الولايات المتحدة ، فقد قرّر الكونغرس الأمريكي إيقاف الإجراءات التشريعية لعملة فيسبوك الرقمية ، كما طالب إدارة فيسبوك وقف مشروع التطوير الخاص بهذه العملة بسبب أنها تنافس الـدولار الأمريـكي. ولكن أيهما أشرس أن تنافس الصين الولايات المتحدة مالياً من خلال عملة رقمية تحارب الدولار، أم أن تنافسه عملة ليبرا الفيسبوكية؟
- كيف ستلتف الولايات المتحدة؟
الواقع أن الولايات المتحدة أمام خيارين: إما أن تصدر عملة رقمية خاصة بها تواجه من خلالها الصين وفيسبوك معاً، أو أن تحتوي عملة فيسبوك وتستغل انتشارها الواسع وتضعها تحت سيطرتها مما يجعل وضع الدولار أقوى ويصبح للولايات المتحدة عملة خاصة بها في آن. اذا نترك المستقبل ليجيب على هذا السؤال.