خبيران صينيان: جائحة فيروس كورونا الجديد…تلقي بتأثيراتها على نمط تدفق الأخبار عالميا
وسط التفشي المتسارع لوباء فيروس كورونا الجديد في أنحاء العالم، كان لأزمة الصحة العامة العالمية هذه تأثيرات عميقة على النظم السياسية والحوكمة العالمية والاقتصاد الدولي، ودفعت في الوقت نفسه إلى حدوث تغيرات في نمط تدفق الأخبار على الصعيد العالمي.
فقد أشار الأستاذ قوه كه، عميد كلية الصحافة الدولية بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إلى أن الوباء يضعف تأثير وسائط التواصل نفسها، بينما يعزز قيمة المحتوى بشكل كبير. ففي الستينيات طرح الفيلسوف الكندي مارشال ماكلوهان المتخصص في نظريات الاتصال المختلفة، وجهة نظر تقول إن “الوسيلة هي الرسالة”، والمعنى الضمني لذلك يكمن في أن الوسيلة الإعلامية تعد في حد ذاتها رسالة ذات مغزى حقيقي، مشددا بذلك على أهمية دور هذه الوسائط.
واستنادا إلى تجربة الإعلام السابقة، تعتبر وسائل الإعلام التقليدية، مثل الصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون، أكثر مؤسسات التواصل إقناعا وهذا جعلها تتمتع بسلطة أكبر من وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، يزداد طلب الجمهور على المعلومات الدقيقة والفورية وسط تفشي فيروس كورونا الجديد، لذا ينصب تركيز الكثيرين على محتوى الأخبار أو التقارير، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدر مصداقية وسائل الإعلام وفورية نشرها للأخبار قائمة الأولويات.
ومن ناحية أخرى، فإنه نظرا للاختلافات في أنماط الكتابة وأساليب التعبير وموضوعات المحتوى، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي التي يمثلها ((ويبو)) و((ويتشات)) في الصين و((فيسبوك)) و((تويتر)) في العالم وكذا منصات الفيديو القصيرة التي يمثلها ((دو يين)) و((كواي شوه)) في الصين و((تيك توك)) و((يوتيوب)) في العالم، المواقع الرئيسية التي تُجدد المعلومات عليها بصورة فورية.
وفي هذا الإطار، ذكر قوه أن الوباء العالمي كسر حدود تدفق الأخبار على الصعيد العالمي، مع اتساع أبعاد اهتمام الجمهور بالمعلومات من حوله. فمع انتشار الفيروس، لم يعد تركيز الجمهور يقتصر على وضع التفشي محليا، بل صار يتجاوز ذلك إلى الاهتمام بالأخبار المتعلقة بانتشار الوباء في عموم العالم، لا سيما المعلومات الخاصة بالممارسات الفعالة المكتسبة من مكافحة الفيروس وكيفية حماية أنفسهم منه بصورة علمية وفعالة.
وأضاف قوه أن قادة الحكومات والخبراء الطبيين في بلدان العالم تصدروا بآرائهم السديدة عملية مكافحة الوباء. فقد أعلن العديد من قادة الدول إجراءات احترازية مثل الحجر الصحي والعزل المنزلي وحظر التجول الجزئي وتقييد حركة المواصلات سعيا للحد من تنقل المواطنين بعد تفشي الوباء، ودعوا إلى التضامن والتعاون الدوليين من أجل مواجهة الفيروس. وفي الصين على سبيل المثال، أصبح الأكاديمي تشونغ نان شان في المرحلة المبكرة من تفشي الفيروس المصدر الأكثر موثوقية في مساعدة الجمهور على معرفة ماهية هذا الفيروس، فيما نال الخبير الطبي تشانغ ون هونغ من شانغهاي إشادة الرأي العام بفضل ما قدمه من شرح مبسط وسهل الفهم على منصات التواصل الاجتماعي ينصح فيه الجمهور بكيفية الحفاظ على صحتهم والوقاية من الفيروس.
وبدوره لفت ما لو ياو، الباحث البارز بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إلى أن انتشار الشائعات أخذ يمضي بوتيرة سريعة وسط الوباء، الأمر الذي وضع تحديات أمام معرفة الوضع الحقيقي. وباتت المعلومات الخاطئة وأيضا المضللة تمثل شكلا رئيسيا للشائعات، إذ نشرت بعض وسائل الإعلام الغربية معلومات مضللة لأغراض معينة لتنكر جهود الصين أو لتقوم بتشويه ووصم صورة الصين في عملية مكافحة الفيروس، كما حاولت تعطيل إيقاع واتجاه انتشار المعلومات الحقيقية بالنسبة للوضع في الصين، ما أثر على الثقة المتبادلة والتفاهم والتعاون بين الدول.
وتابع ما قائلا إنه من منظور قنوات الانتشار، أصبح الإنترنت المعركة الرئيسية ضد الشائعات وسط تفشي الفيروس، حيث تحفز قنوات الإنترنت على تسريع تدفق الأخبار وتوسيع نطاقها، وكذلك الشائعات. ومن هنا ينبغي أيضا على مستخدمي الإنترنت تقوية قدرتهم على التحقق من صحة الأخبار، وعدم تصديق الشائعات، وعدم نشرها.
ومن ناحية أخرى، ذكر الخبير ما أنه مع بروز المزيد والمزيد من الممارسات الفعلية التي تطبقها الصين وتضافر جهودها بشكل وثيق مع الدول الأخرى المتضررة من الفيروس من أجل مواجهة أزمة الصحة العالمية، أخذ تدفق المعلومات على الصعيد العالمي يتجه نحو انتشار عكسي، وشرعت المزيد من وسائل الإعلام الأجنبية في نشر تقارير عن خبرات ونماذج ذات خصائص صينية متعلقة بمكافحة الوباء بل ودعت إلى الاستفادة منها.
ومؤخرا، دعت الصين على المسرح الدولي خلال فعاليات هامة مثل قمة قادة مجموعة العشرين الاستثنائية الافتراضية بشأن فيروس كورونا الجديد، المجتمع الدولي إلى التضامن والتعاون والتقاسم للتعامل مع أزمة الصحة العالمية التي تواجهها البشرية بأسرها، وأرسلت فرقا طبية إلى دول تحتاج إلى الإمدادات احتياجا شديدا بالإضافة إلى تبرعها لها بمعدات طبية ضرورية مثل أجهزة التنفس وغيرها، وهو ما يدل على عزم الصين على بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وفي الختام، رأى الخبيران أنه لا يمكن لأي طرف أن يقف بمفرده وسط عاصفة الوباء، وعلى الجميع أن يميزوا بوضوح من المدافع الحقيقي عن أمن العالم وصحته في حملة التصدي لأزمة الصحة العالمية هذه، مشيرين إلى أن الصين شريك ومساهم دولي وليست “منتفعا بالمجان”.