أعلنت الصين التي وفرت خدمات طبية مجانية لمواطنيها المصابين بالمرض الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، أعلنت مؤخرا عن أحدث خططها الخاصة بعلاج مرضى الحالات الخطيرة والحرجة بالمرض، حيث بلورت فيها الخبرات القيّمة لآلاف الأطباء الصينيين الذين نجحوا في تخفيض عدد الحالات الخطيرة في البر الرئيسي الصيني لأقل من 500 حالة، وصولا إلى 379 حالة يوم الخميس.
وبموجب الخطة المذكورة، ينبغي تنفيذ استراتيجية طبية تتكامل فيها أحدث التكنولوجيات الطبية في العالم مع الأدوية الصينية التقليدية لضمان بقاء المرضى على قيد الحياة خلال فترة المحنة، ومن ثم العمل على علاجهم وشفائهم لاحقاً.
وبحسب الإصدار الثاني لـ” برنامج تشخيص وعلاج الحالات الخطيرة والحرجة لمرض الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) ” الذي عرضته لجنة الصحة الوطنية على موقعها الالكتروني الرسمي، وبالاستفادة من هذه الاستراتيجية الناجحة، غادر إجمالي أكثر من 80 ألف صيني أُصيب بالمرض، ممن يشكلون غالبية المصابين في البلاد، غادروا المستشفيات بعد تماثلهم للشفاء، فيما لم يتبق سوى أقل من ألفين منهم مازالوا يتلقون العلاجات الطبية المناسبة في المستشفيات.
ويقترح البرنامج عدم استخدام مزيج عقاري لوبينافير (Lopinavir) وريتونافير (Ritonavir) المضادين لفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، بشكل تجريبي على المرضى الذين عانوا من أعراض خطيرة أو حرجة إلا لمدة تقل عن 10 أيام، مؤكدا ضرورة ألا تتعدى فترة استخدام هذين العقارين الأسبوعين، مع أهمية مراقبة تأثيراتهما الدوائية الجانبية الضارة، وتفاعلاتهما مع أدوية أخرى طوال فترة الاستخدام.
ويبرز البرنامج الدور الفعال لبلازما الدم المأخوذة من دم متعافين من (كوفيد-19)، بالنظر لما تحتويه من أجسام مضادة لفيروس كورونا الجديد. وبالتالي؛ يمكن استخدامها لعلاج المرضى المصابين بالفيروس في المراحل المبكرة للحالات الخطيرة أو الحرجة، شرط أن يتم قياس مستويات الأجسام المضادة في البلازما قبل استخدام طريقة العلاج المذكورة.
ومن ناحية أخرى، يسمح البرنامج أيضا للأطباء النظر في استخدام نوع من حقن الأدوية الصينية التقليدية الممتازة واسمها حقنة “شيوهبيجينغ” كل يوم على طول فترات المراحل الخطيرة أو الحرجة للمرضى بشكل استثنائي، على الرغم أنها ما زالت في مرحلة التجارب السريرية.
كما كشفت نتائج بيانات رسمية أن أكثر من 92 بالمائة من إجمالي المصابين المؤكدين بـ (كوفيد-19) في البر الئيسي الصيني قد حصلوا على العلاج الطبي وفق أساليب الطب الصيني التقليدي المتنوعة.
ويؤكد البرنامج أن من الضروري تنفيذ اجراءات وتدابير متنوعة لدعم الحياة كأولوية ومبدأ أساسي طوال فترات المراحل الخطيرة أو الحرجة، حيث تتمثل الاجراءات والتدابير المذكورة في ضمان حصول المرضى على السعرات الحرارية الكافية، والحفاظ على توازن السوائل (الماء والصوديوم) والتوازن الحمضي القلوي.
ولذلك؛ يقترح البرنامج بدء التغذية المعوية في أقرب وقت ممكن، واستخدام آلات الأكسجة الغشائية خارج الجسم (ECMO)، إلى جانب تنفيذ العلاج بالأكسجين للمرضى باستخدام اساليب التهوية الميكانيكية في الوقت الحقيقي.
وعلاوة على ذلك، يشدد البرنامج على ضرورة الاعتماد بشكل فعّال واستباقي على أجهزة المراقبة بالموجات فوق الصوتية لمتابعة أوضاع الدورة الدموية للمرضى، باعتبارها وسيلة مراقبة غير جراحية ومريحة .
كما يشير البرنامج إلى أن المبادئ الأخرى التي تتمثل في اتباع اجراءات وقائية وعلاجية حيال المضاعفات والالتهابات المحتملة، بالاضافة إلى الاجراءات الضرورية لعلاج الأمراض الأساسية التي يعاني منها المرضى أصلاً خلال فترة علاج (كوفيد-19).
ويؤكد البرنامج على جميع الأطباء الذين يقومون بالأعمال العلاجية السريرية للمرضى على الأهمية الكبيرة للرعاية الانسانية لمرضاهم الذين يعانون من (كوفيد-19)، وخصوصا الذين يعتمدون على أجهزة التهوية الميكانيكية، فضلا عن توفير علاجات من أجل التسكين والتهدئة.
وفيما يتعلق بالمرضى الذين يعانون من اختلال وظيفي متعدد الأعضاء مثل وجود أمراض أو أضرار في الدماغ والكلى والكبد والجهاز الهضمي وآلية التخثر، ينبه البرنامج إلى ضرورة تقييم وظائف الأعضاء أولا، ومن ثم اللجوء إلى الوسائل اللازمة لتعزيز وظائفها في ذات الوقت الذي يتم فيه علاج (كوفيد-19).
ويشير البرنامج لأهمية تنفيذ علاج مضاد للتخثر حسب الظروف الواقعية، نظرا لأن أغلبية مرضى الحالات الخطيرة أو الحرجة قد رقدوا في الأسرّة لمدد طويلة، ما يوجب ضرورة الانتباه جيداً للمخاطر الكامنة عند استخدام هذه العلاجات.
ويستعرض البرنامج ثلاثة أنواع من جرعات العقاقير الصينية التقليدية التي لعبت دورا إيجابيا متميزا في أنحاء البلاد من حيث علاج مرضى كوفيد-19 في الحالات الخطيرة والحرجة، مشيرا إلى إدراج تفاصيل وصفاتها في الاصدار السابع لـ”برنامج تشخيص وعلاج مرض الالتهاب الرئوي الناجم عن كورونا الجديد (كوفيد-19)” الذي تم نشره أيضاً على موقع اللجنة الالكتروني.
ويضيف البرنامج أيضا نوعين من الحقن الصينية التقليدية إلى جانب حقنة “شيوهبيجينغ” المذكورة آنفا، ولعل حقنة “شنفو” للمرضى المصابين بالصدمة، وحقنة “شييانبينغ” لمن تتجاوز درجة حرارة جسمهم 38.5 درجة مئوية، إلى جانب دواء “آنقونغ نيوخوانغ (حصاة بقر)” للمرضى الذين يعانون من الحمى وتواصل ارتفاع درجة الحرارة، مقترحا استخدامها يوميا للمرضى في الحالات الخطيرة والحرجة وبصورة متكاملة مع الأدوية الغربية الحديثة حسب اختلاف الظروف الواقعية.
أما بالنسبة إلى الغلوبولينات المناعية IVIG ، فيوافق البرنامج على استخدامه على بعض المرضى في الحالات الخطيرة والحرجة حسب الظروف الواقعية، على الرغم من عدم إيجاد أدلة طبية كافية لدعم فعاليته السريرية لعلاج فيروس كورونا الجديد حتى الوقت الحالي.
وعلى صعيد العلاج المضاد للبكتيريا، يقول البرنامج إنه من غير المستحسن استخدام المضادات الحيوية بشكل روتيني للمرضى في الحالات الخطيرة أو الحرجة، مضيفا: ” إذا سمحت الظروف، يجب مراقبة وفحص مسببات الأمراض في الجهاز التنفسي للمرضى بعناية وفعالية والقيام بعلاج مضاد محدد للالتهابات المختلفة”.
ونظرا لعدم وجود أي دليل طبي قائم حتى الآن يدعم امكانية معالجة الأعراض عند المصابين بـ (كوفيد-19) من خلال استخدام عقار كورتيزول (هرمون الاستيرويد القشري Glucocorticoid) ، فإن البرنامج لا يوصي باستخدامه كتدبير احترازية .
تجدر الاشارة إلى أن جميع المواطنين الصينيين المؤكدة إصابتهم والمشتبه بإصابتهم بـ (كوفيد-19) في البر الرئيسي الصيني، قد استفادوا من سياسة تفضيلية للخدمات الطبية المجانية في علاج المرض، حيث كشفت أرقام رسمية تخصيص الحكومة الصينية 19.3 مليار يوان لهذه السياسة حتى 19 مارس الماضي.
ومن ناحية أخرى، بلغ اجمالي عدد معاملات التسوية ذات الصلة ضمن نظام ضمان الرعاية الصحية 93238 شخصا/مرة حتى يوم 15 مارس المنصرم، بإجمالي تكاليف فاقت المليار يوان، بينما وصل نصيب الفرد من التكاليف لكل حالة اصابة مؤكدة إلى 17 ألف يوان.