جاك ما والمساعدات الإنسانية في زمن الكورونا
موقع الصين بعيون عربية ـ
د. تمارا برّو*:
من منّا لم يسمع بأغنى رجل في الصين الملياردير “جاك ما”، مؤسس شركة علي بابا، عملاق التجارة الالكترونية الصينية والذي يتردد اسمه كثيراً مؤخراً بسبب تبرعه بامدادات طبية إلى أكثر من 140 دولة من مختلف بقاع الأرض.
أسس جاك ما شركة علي بابا عام 1999 مع مجموعة مؤلفة من 18 شخصاً بقيادته، وعملت هذه المجموعة في شقته في مدينة هانغتشو في مقاطعة تشيجيانغ. وبعد عشرين عاماً من العمل الدؤوب والنجاح المستمر وتغيير شكل التجارة الالكترونية، أعلن “ما” في شهر أيلول / سبتمبر 2019 تنحيه عن رئاسة الشركة. وكتب في الرسالة التي أعلن فيها استقالته”: لا يزال لدي الكثير من الأحلام لتحقيقها. أولئك الذين يعرفونني يعرفون أنني لا أحب أن أجلس ، العالم كبير وما زلت صغيراً، لذلك أريد أن أجرب أشياء أخرى”. وأشار بأنه سيتوجه إلى الأعمال الخيرية مع التركيز على التعليم في المناطق الريفية.
ومنذ انتشار فيروس كورونا في مختلف أرجاء العالم، عمد “جاك ما” إلى تقديم المساعدات الطبية المتمثلة بأجهزة اختبار واقنعة وبدلات واقية وأجهزة تنفس. من باكستان وماليزيا واندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان واذربيجان وقيرغيزستان وايران والأردن إلى روسيا وايطاليا واسبانيا وتونس والسودان وأثيوبيا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها الكثير من الدول التي تجاوز عددها 140 دولة.
فـ “جاك ما” يرى أن المساعدات ستخفف من انتشار وباء كورونا، هذا ما عبر عنه في تغريدته على موقع weibo الصيني بقوله: “استناداً إلى تجربة الصين في مكافحة الوباء، تعتبر الفحوصات الدقيقة والسريعة والأجهزة الوقائية للعاملين في مجال الصحة من الأدوات المهمة لمنع الوباء من التسارع في الانتشار”.
وفي خضم الحرب الكلامية التي وقعت بين الصين والولايات المتحدة الاميركية حول من المتسبب في انتشار فيروس كورونا ، أعلن “ما” أنه على استعداد لارسال مساعدات إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفي 16 آذار / مارس انضم “ما” إلى تويتر ونشر أول تغريدة له عارضاً صوراً للمساعدات الصينية المرسلة إلى الولايات المتحدة الأميركية معلقاً عليها بالقول “الشحنة الأولى من الأقنعة ومجموعات اختبار فيروس كورونا إلى الولايات المتحدة تنطلق من شنغهاي. كل التوفيق لاصدقائنا في أميركا”. مع اشارة ايموجي الصلاة. بالمقابل شكر حاكم ولاية نيويورك “أندرو كيومو” الحكومة الصينية “وجاك ما” على المساعدات. أما الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” – الذي كان قد ألقى اللوم على بكين لفشلها في تقديم معلومات كافية حول ما أسماه الفيروس الصيني – ورداً على سؤال حول التبرع قال: “ما” صديق لي ونحن نقدر ذلك كثيراً.
وإزاء المساعدات الطبية الي يقدمها “جاك ما” انتشرت عبر الانترنت شائعات حول عدم صلاحية الأجهزة المرسلة، ما دفع بـ”ما” إلى الرد على الشائعات عبر منشور له على موقع weibo فشجب الشائعات وقال إن بعض المتلقين رفضوا تبرعات مؤسسته ودافع عن صورة امدادات شركته. وكتب يقول الصدقة ليست من أجل الثناء أو الاعتراف، ولا نخشى الانتقاد أو الاتهامات.
لقد أثنت حكومات الدول التي تلقت المساعدات على الجهود التي بذلها جاك ما في مكافحة جائحة كورونا. فقد أعرب رئيس الوزراء الأثيوبي “آبي أحمد” في تغريدته على تويتر عن شكره لـ”جاك ما” ومجموعة علي بابا لإرسال الموجة الأولى من مواد الوقاية من كوفيد 19. وبعد ارسال “ما” مساعدات إلى روسيا وصفته وزارة الدفاع الروسية ” بالصديق الحقيقي”.
إضافة إلى الأجهزة والمعدات الطبية أطلق “جاك ما” منصة على الانترنت للأطباء والممرضين حول العالم لتبادل الأفكار والدروس لمكافحة الفيروس. كما أعد كتابين حول استراتيجية الاستجابة للمستشفيات وتجربة العلاج في الخطوط الأمامية.
ينادي جاك ما دائماً أن على العالم التعاون لمحاربة هذا الفيروس، وهو يرى أنه لا يمكن لأي دولة أن تتغلب عليه بمفردها، بل يجب مواجهة هذا الفيروس يداً بيد وتبادل التجارب والدروس المستفادة للحصول على فرصة هزيمة هذه الكارثة. ودائماً ما يستعمل عبارات تدل على التعاون لأجل مكافحة جائحة كورونا من مثل “عالم واحد، قتال واحد”، “ومعاً يمكننا أن نفعل ذلك”، “ونحن واحد”، “متحدين نتحمل- منقسمين نسقط”.
*باحثة لبنانية بالشأن الصيني