خبراء عمانيون: علاقات السلطنة مع الصين ستنمو بوتيرة أسرع بعد كورونا
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
توقع خبراء عمانيون، أن تشهد العلاقات بين الصين والسلطنة بعد أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) مزيدا من التعاون والنمو، وأن تسير بخطى أسرع مما عليه بكثير، لتشهد آفاقا أرحب من الشراكة.
وأرجع الخبراء الذين تحدثوا إلى وكالة أنباء ((شينخوا))، نظرتهم التفاؤلية إلى حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي، علاوة على المواقف النبيلة التي أبدتها الصين خلال أزمة كورونا تجاه بلدان العالم.
وأجمع الخبراء على أن علاقات البلدين شهدت في السنوات القليلة الماضية طفرة من التعاون والشراكة خاصة من بعد القرار التاريخي لسلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد والرئيس الصيني شي جين بينغ بترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية وذلك في منتصف 2018.
ووصف رئيس قسم التاريخ السابق بجامعة السلطان قابوس الدكتور محمد المقدم، العلاقات بين الصين والسلطنة بأنها “تاريخية” و”وثيقة”، متوقعا أن تستمر هذه العلاقات بالقوة نفسها بل وتتطور بشكل أوثق وأقوى خلال الفترة المقبلة لتشهد “طفرات” أخرى كثيرة أبرزها سيكون في المجال الاقتصادي.
وقال الدكتور المقدم إن قوة علاقات البلدين منبعها كثير من العوامل منها التاريخية وذلك بفضل عمق الروابط التجارية القديمة بسبب طريق الحرير القديم، والدبلوماسية حيث كانت السلطنة من أوائل الدول التي وقعت علاقات دبلوماسية مع الصين قبل أكثر من 42 عاما.
وأضاف المقدم أن العلاقات توطدت حديثا بشكل قوي بحكم علاقات التعاون التي شملت كثيرا من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والسياحية وغيرها.
وأكد أن العلاقات زادت قوتها بفضل ما تم من تعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق” الصينية وخاصة مع وقوع منطقة “الدقم” العمانية كواحدة من أهم النقاط على طول طريق الحرير البحري، بفضل موقعها على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي والقرب من خطوط الملاحة الدولية.
ونوه الخبير في العلاقات العمانية- الصينية بما تحظى به مبادرة “الحزام والطريق” من اهتمام عالمي كبير، مشيرا الى أن سلطنة عمان كانت واحدة من أوائل الدول التي سرَعت الخطى في التعاون مع الصين في إطار هذه المبادرة.
وأوضح أن آثار ذلك ظهرت جلية ومبكرة في المشروع الثنائي العملاق الذي يقع على طريق الحرير القديم وهو “الحديقة الصناعية الصينية – العمانية” بالدقم.
وتقع “الحديقة الصناعية الصينية – العمانية” بولاية الدقم التي تبعد حوالي (550 كم) جنوب العاصمة مسقط، وتقام على مساحة 11 هكتارا، وستصل جملة الاستثمارات الصينية فيها عند اكتمالها حوالي 10.7 مليار دولار.
وأهم ما يميزها التنوع في الاستثمارات ما بين البتروكيماويات ومواد البناء والتجارة الإلكترونية وتحلية المياه والسيارات والطاقة الشمسية والسياحة وغيرها.
وقال الدكتور المقدم “أري أن علاقات الصين عقب انتهاء كورونا ستنمو وتتطور وتقوى مع كثير من دول العالم ومنها عمان عما قبل تفشي المرض، وذلك لأن الصين بحسن تصرفها نجحت في إدارة الأزمة بذكاء شديد”.
وثمن المقدم في السياق الدعم الذي قدمته الصين للعالم لمواجهة كورونا، وقال إن الصين “رغم ما تعرضت له من انتقادات لم تعر ذلك أي انتباه، بل توجهت لمد يد المساعدة والعون والتعاون وقدمت الكثير من المساعدات الإنسانية للكثير من البلدان من حول العالم وفي جميع قاراته”.
وأكد الخبير العماني أن هذا الأمر “أعطى الصين مزيدا من التقدير والنظر لها على أنها حليف وصديق حقيقي لتلك الدول يؤتمن وقت الضيق”.
من جهته، أشاد عضو مجلس الدولة العماني حاتم الطائي بما حققته مبادرة “الحزام والطريق” منذ أن طرحها الرئيس شي جين بينغ في 2013.
وقال الطائي ان المبادرة شهدت توسعا كبيرا، وانضمت اليها عشرات الدول والمنظمات الدولية وحدث ما يمكن وصفه بـ”توافق دولي” على المبادرة إدراكا بأهميتها وحجم المنافع التي ستعود بها على العالم أجمع ومنها الدول الشريكة في المبادرة، خاصة مع حرص وتأكيد الصين على مبدأ “النفع للجميع”.
وأكد الطائي بهذا الصدد، أهمية دور الاستثمارات الصينية في دول منطقة الشرق الأوسط عموما، وسلطنة عمان بشكل خاص، وهي استثمارات في رأس المال والأفراد والتكنولوجيا والخبرات، لافتا الى أن الشركات الصينية باتت تلعب دورا مهما في مجالات الاستدامة وتحديث الاقتصاد الإقليمي وتسهيل الاستقرار الاجتماعي في بلدان المنطقة.
واعتبر عضو مجلس الدولة العماني أن مشروع “الحديقة الصناعية الصينية- العمانية” بالدقم واحد من أهم المشاريع، بل ويمثل “نقطة نجاح” و”فصلا مهما” من التعاون بين البلدين في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.
وأشار الى أن الدقم المطلة على بحر العرب، تشكل قاعدة تشغيل للشركات الصينية قرب أسواق التصدير التي تريد تطويرها في الخليج وشبه القارة الهندية وشرق أفريقيا، وهي قريبة من مسارات التجارة البحرية وقريبة كذلك من موارد المواد الخام كالنفط والغاز في الخليج.
من جهته، رأى الإعلامي خلفان الطوقي رئيس تحرير موقع (عاشق عمان) أن واحدا من أهم الأسباب وراء نجاح مبادرة “الحزام والطريق” بجانب كونها تهدف إلى النفع والخير للجميع، هو توافقها مع العديد من الرؤى التنموية للعديد من البلدان حول العالم ومنها الدول العربية.
وضرب الطوقي مثالا على ذلك بـ”رؤية عمان 2040″ ومشروع تطوير منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة الذي يأتي في إطار المبادرة، و”رؤية السعودية 2030″، و”رؤية الكويت 2035″، ورؤية الإمارات لإحياء طريق الحرير، ومشروع تنمية محور قناة السويس في مصر وغيرها، لافتا الى أن ذلك دفع العديد من دول المنطقة إلى الترحيب الكبير بالمبادرة.
وأكد الطوقي أن علاقات بلاده والصين وثيقة وفي نمو باستمرار، متوقعا أن تزداد تطورا عقب الأزمة الحالية الخاصة بمرض (كوفيد- 19)، في العديد من المجالات والقطاعات المختلفة وخاصة الاقتصادية منها والطبية والسياحية.
ودلل الطوقي على كلامه قائلا إن “أول رحلة طيران من عمان إلى دولة خارجية خلال أزمة كورونا كانت إلى الصين لإحضار كميات من المعدات الطبية والكمامات وأدوات للتعامل مع الفيروس، ثم تبعها عدد من الرحلات الأخرى وهذا يؤكد عمق العلاقات وقوتها بين البلدين”.
وتعد العلاقات العمانية- الصينية من أبرز نماذج الشراكة والتعاون، حيث أن الصين هي المستثمر الرئيسي في منطقة الدقم الاقتصادية من خلال شركة وانفانج الصينية التي تقوم بإنشاء الحديقة الصناعية الصينية العمانية وبشراكة مع نحو 30 شركة صينية أخرى، كما أن الصين هى المستورد الرئيسي للنفط العماني بنسبة تصل الى نحو 80 بالمائة منه على مدى سنوات.