الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية تسعى لبناء “مجتمع مصير مشترك” في ظل كورونا
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
بدأت (الإثنين) عبر الفيديو أعمال الاجتماع الاستثنائي للحوار بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية في اطار مفهوم بناء مجتمع مصير مشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد، وذلك في ظل أزمة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في العالم.
وينعقد المؤتمر في “توقيت مهم” بالنسبة للدول العربية الساعية للاستفادة من تجربة الصين في مواجهة تفشي مرض (كوفيد-19) والتغلب عليه تحت مظلة العلاقات التاريخية الوثيقة بين الجانبين وعبر مبادرة الحزام والطريق، وهي “الدليل القوي” على إيمان الصين بالمصير المشترك للبشرية، بحسب خبراء عرب.
ويقام المؤتمر على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة ستة قادة عرب، من بينهم الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني، بالإضافة إلى أكثر من 60 من رؤساء الأحزاب السياسية العربية.
وفي مؤشر على أهمية انعقاد المؤتمر، أرسل الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، رسالة تهنئة إلى الاجتماع الاستثنائي اليوم، معربا عن استعداد الحزب لتكثيف التواصل الاستراتيجي مع الأحزاب السياسية في الدول العربية.
— “مؤتمر في توقيت مهم”
يعاني العالم منذ بدء العام الجاري من تفشي مرض فيروس كورونا، إذ تجاوز عدد الإصابات بمرض (كوفيد-19) اليوم (الاثنين)، 9 ملايين إصابة، وألقى المرض بظلاله على الأوضاع الاقتصادية العالمية وحركة التجارة الدولية وحرية التنقل ما أثر حتى على حياة رجل الشارع العادي.
وشدد المدير التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية في السودان علي يوسف أحمد، لوكالة أنباء ((شينخوا)) على أهمية انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت، قائلا إنه “في ظل انتشار جائحة كورونا تحتاج الدول العربية إلى الاستفادة من تجربة الصين في هذا المجال”.
ويضيف “لابد من العمل معا لبناء مجتمع مصير مشترك بين الصين والدول العربية، لقد أثبتت جائحة كورونا أن مصير الإنسانية كلها مشترك”.
ومن دوره يؤكد الخبير الاستراتيجي السوداني مصعب شريف إن “هذا المؤتمر يكتسب أهمية كبرى من حيث توقيت انعقاده، إذ تحتاج الدول العربية للخبرة الصينية في مجالات القضاء على جائحة كورونا”.
ويثني الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور، بدوره، على الاجتماع الاستثنائي للحوار بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية.
ويوضح بوخضور لـ ((شينخوا)) أن التواصل من خلال الشعوب عبر الأحزاب السياسية له دور كبير جدا في تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية، مضيفا “أن الصين هي اليوم قوة عظمى واستثمارها في الدول العربية له وجاهته وموضوعيته”.
— “مصير مشترك”
وفي رسالته، أوضح شي أنه “في مواجهة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) غير المتوقع، قدمت الصين والدول العربية المساعدة لبعضهما البعض وكافحتا جنبا إلى جنب، وفتحتا فصلا جديدا في بناء مجتمع مصير مشترك للصين والدول العربية”.
ويقول عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مفوض ملف جمهورية الصين الشعبية والدول العربية عباس زكي، إن رسالة الرئيس الصيني بخصوص بناء مجتمع عربي صيني مشترك قوية وإيجابية في صالح الدول العربية.
ويضيف أن هذه الرسالة امتداد لسياسة جمهورية الصين الشعبية في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي وفتح آفاق أكبر أمام رفع مستويات التنمية لكافة الشعوب انطلاقا من مبدأ تطور البشرية ورفعتها ومن دون أي أطماع استعمارية.
فقد قامت الصين بشحن إمدادات طبية إلى ما يقرب من 150 دولة وأربع منظمات دولية لتلبية احتياجاتها الفورية، وعقدت مؤتمرات بالفيديو مع خبراء من أكثر من 170 دولة لتبادل الأساليب والبروتوكولات المثبتة للتشخيص والعلاج ومكافحة الجائحة كما أرسلت الصين 26 فريقا من الخبراء إلى 24 دولة لتقديم المعلومات والتوجيه في الوقت المناسب وشملت هذه المساعدات العديد من الدول العربية.
بدوره، يقول الخبير العراقي المهتم بالشأن الصيني ناظم علي عبد الله، “إن الصين أثبتت أنها خير عون لأصدقائها في الظروف الصعبة من خلال تعاونها مع دول العالم فيما يخص جائحة كورونا”.
ويشير عبد الله في هذا السياق إلى “إرسال الفرق الطبية الصينية وآلاف الأطنان من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى دول العالم، خاصة الفقيرة لمساعدتها في مجابهة هذه الجائحة”.
— مبادرة الحزام والطريق
منذ أن أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، وقعت حتى سبتمبر الماضي 126 دولة و29 منظمة دولية اتفاقيات تعاون مع الصين حول البناء المشترك للحزام والطريق. وعُقدت دورتان من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي بنجاح في بكين .
وحتى العام الماضي وقعت الصين وثائق تعاون للحزام والطريق مع 17 دولة عربية، وارتقت بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشراكة الاستراتيجية الشاملة مع 12 دولة عربية حتى الآن، ما ساهم في تعزيز التعاون العملي والتبادل الإنساني والثقافي وتوفير قوة دافعة لعملية الإصلاح والتنمية لكل منها.
ويقول عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) الفلسطينية عباس زكى إن هذا المشروع الصيني الواعد يقوم بترجمة فعلية للمبادئ، التي تتبعها الصين في علاقاتها مع الدول الأخرى، فهي مبنية على الإنسانية أولا، ومن ثم المنفعة المتبادلة بين الأطراف المتعاقدة ومساعدة الآخرين على التطور الاقتصادي والتكنولوجي وكذلك التطور في كافة مجالات الحياة.
وتشكل المنطقة العربية “خاصرة” مبادرة الحزام والطريق، إذ يقع العالم العربي في منطقة الوسط بالنسبة للطريق البري، وكذلك الطريق البحري الذي يمر عبر ممرات مائية تشق الوطن العربي، بحسب المدير التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية في السودان علي يوسف أحمد.
وأوضح أحمد “أن الأسس التي تقوم عليها مبادرة الحزام والطريق راسخة جدا، وينطلق التعاون الصيني العربي من قاعدة المصير المشترك”.
ويرى أستاذ الجغرافية السياسية في الجامعة المستنصرية بالعراق مثنى مشعان المزروعي “أن المواقف الإيجابية الجادة للصين في مواجهة جائحة كورونا تؤكد نواياها في مساعدة معظم دول العالم (..) وهذا يمكن أن يعد جزءا من استراتيجية الحزام والطريق، لاسيما وأن هذه المبادرة تشمل كل القطاعات الاقتصادية والخدمية، ومن بينها الخدمات الصحية”.
–علاقات راسخة وتاريخية
يرتبط العرب والصين بعلاقات تاريخية قديمة كونهما أصحاب حضارة عريقة موغلة في التاريخ، بحسب الخبير العراقي ناظم علي عبد الله.
وقال عبدالله لـ ((شينخوا)) انه “على مر العصور لم تحدث أية مواجهات أو صراعات بين الجانبين العربي والصيني، بل على العكس كانت العلاقات جيدة منذ زمن طريق الحرير الذي كانت تمر عبره المنتجات الصينية الى الدول العربية والعكس”.
الرأي ذاته أكد عليه الخبير السوداني على يوسف أحمد.
وقال يوسف، إن “العلاقات الصينية العربية علاقات راسخة وتاريخية”.
ونوه يوسف في السياق بما وصلت إليه تلك العلاقات من تطور كبير على المستوى الثنائي أو الجماعى.
بدوره، قال رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس الدكتور محمد المقدم إن سلطنة عمان لديها علاقات وثيقة مع الصين لأسباب تاريخية مثل طريق الحرير، حتى أصبحت عمان أهم المحطات على هذا الطريق.
وأشار الى أن البلدين كثفا في السنوات الأخيرة جهودهما لتعزيز وتدعيم التعاون بينهما في كافة المجالات، لافتا الى أن التعاون تسارع بشكل ملحوظ في إطار مبادرة الحزام والطريق.