وزير الخارجية الصيني: تعزيز التعاون في مكافحة الجائحة وبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية
نشرت وزارة الخارجية الصينية على موقعها على الانترنت مقالة موقعة بقلم وانغ يي، مستشار الدولة، وزير الخارجية الصيني، عشية الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني-العربي المقرر عقده يوم 6 يوليو عبر دائرة الفيديو. وفيما يلي النص الكامل للمقالة:
تعزيز التعاون في مكافحة الجائحة وبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية
في مواجهة جائحة فيروس كورونا الجديد التي تركت تداعيات على العالم بما فيه الصين والدول العربية، خاض الجانبان الصيني والعربي معركة مشتركة بالتضامن والتساند، مما ساهم في تعميق العلاقات بين الجانبين والارتقاء بها إلى مستوى جديد.
لا يُصقل الذهب الخالص إلا بالنار، ولا تُعرف الصداقة الخاصة إلا في الشدائد. لما كانت الصين في أصعب أوقاتها في مكافحة الجائحة، أعرب قادة الدول العربية عن تضامنهم وتعاطفهم من خلال بعث الرسائل والبرقيات والمكالمات الهاتفية، تعبيرا عن الدعم السياسي القوي للجهود الصينية في مكافحة الجائحة. وأصدرت الدورة الـ53 لاجتماع مجلس وزراء الصحة للدول العربية بيانا يدعم الجهود الصينية في مكافحة الجائحة. وتبرعت الدول العربية للصين بأكثر من 10 ملايين كمامة وغيرها من المواد الطبية التي كانت بلادنا تحتاجها بشدة. وتم إضاءة برج خليفة الإماراتي وهو أعلى المباني في العالم بكلمات مشجعة “شد حيلك يا ووهان”، وتم إضاءة الأهرامات المصرية بلون العلم الوطني الصيني في “عروض الضوء” الرائعة، وكان الأصدقاء العرب يبادرون إلى تشجيع الصين بتصوير مقاطع الفيديو وإرسال تسجيلات الأغاني. جميع هذه الأعمال الحسنة كانت تؤثر في أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
“قدمتَ لي خوخا، أرد عليك بيشم”. تتعاطف الصين مع الدول العربية التي تعاني من الجائحة. واتصل الرئيس شي جين بينغ بالعديد من قادة الدول العربية عبر الهاتف و بالرسائل للتعبير عن إرادتنا الراسخة في التغلب على الصعوبات بروح التآزر والتضامن. وقدم الجانب الصيني دعما قويا للدول العربية في مكافحة الجائحة من خلال توفير كميات كبيرة من المستلزمات الطبية. كما تقاسمت الصين خبرات الوقاية والتقنيات الطبية لمكافحة الجائحة مع الدول العربية بدون أي تحفظ، حيث عقدنا اجتماعات افتراضية بين الخبراء الطبيين الصينيين ونظرائهم في 21 دولة عربية، وأرسلنا فرقا من الخبراء الطبيين إلى 8 دول عربية. وساعدنا الدول العربية على شراء المستلزمات الطبية في الصين، وقدمنا دعما لها لاستئناف العمل والإنتاج بشكل منتظم.
وظلت الصين تدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، ووضعت ترتيبات خاصة لمساعدة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الجائحة. حيث قدمت له معونات مادية وأرسلت فريق خبراء طبيين خاصا، وتبرعت بالأموال إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
تفكر الصين وتتحرك مع الدول العربية كرجل واحد في مكافحة الجائحة. وتشترك الصين والدول العربية في نفس الرؤية حول سبل الوقاية والسيطرة على الجائحة في العالم. ودعا الرئيس شي جين بينغ في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية دول العالم إلى تضافر الجهود لمواجهة الجائحة وتفعيل الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية وتحسين الحوكمة العالمية في مجال الصحة العامة. كما دعا قادة الدول العربية ومجلس وزراء الصحة للدول العربية جميع الدول إلى تعزيز التعاون مع منظمة الصحة العالمية. ورفض الجانبان تسييس الجائحة ووضع علامة جغرافية عليها، مما قدم مساهمات مهمة في حشد القوة العالمية لمكافحة الجائحة.
وخلال عملية مكافحة الجائحة، أثبتت الصين والدول العربية مرة أخرى أنهما شريكان حميمان وأخوان عزيزان يتبادلان المنفعة ويتشاركان في السراء والضراء بغض النظر عن تغيرات الأوضاع الدولية. إن التعاون بين الجانبين في مكافحة الجائحة ساهم في رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية. وفي الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقدة في عام 2018، دعا الرئيس شي جين بينغ الجانبين الصيني والعربي إلى تضافر الجهود لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية في العصر الجديد وبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، مما لاقى تجاوبا إيجابيا من الجانب العربي. وفي العامين الماضيين، شهد التعاون بين الجانبين ازدهارا ورخاء في شتى المجالات وحقق نتائج مثمرة.
أولا، ترسخت الثقة السياسية المتبادلة من خلال تبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر. تكثف التواصل رفيع المستوى بين الجانبين، حيث قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة دولة ناجحة للإمارات، وقام العديد من قادة الدول العربية بزيارة الصين، الأمر الذي يُرشد تطور العلاقات الصينية العربية بشكل مستقر ومستدام. يدعم الجانب الصيني بكل ثبات جهود الدول العربية لصيانة الأمن والاستقرار والسير على الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الواقعية، ويدعم بكل ثبات مساعي الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة وتحقيق هدف إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. وفي المقابل، تقف الدول العربية بكل ثبات إلى جانب الصين في القضايا المتعلقة بتايوان وشينجيانغ، وتدعم الجهود الصينية في صيانة الأمن القومي وفقا للقانون في هونغ كونغ.
ثانيا، تعززت المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية من خلال ربط طموحات النهضة بشكل وثيق. وقعت 19 دولة عربية وجامعة الدول العربية مع الصين على وثائق التعاون في بناء “الحزام والطريق”، وأصبحت المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية للجانبين أكثر دقة وفعالية. وشارك أكثر من 2300 ممثل من مختلف الأوساط من الجانبين في الفعاليات التي أقيمت في إطار منتدى التعاون الصيني العربي في عام 2019. وقام الجانبان بتبادل الخبرات على نحو معمق بشأن الحكم والإدارة والاستفادة من بعضهما البعض.
ثالثا، تم تعميق التعاون العملي وبرزت نتائج المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. في عام 2019، ازداد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الصيني والعربي بمعدل 9 بالمائة على أساس سنوي، وظلت الدول العربية مجتمعة أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين، وتوسع الاستثمار المتبادل للجانبين الصيني والعربي بخطوات متزنة، وحقق التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة منخفضة الكربون اختراقات كثيرة، حيث تتقدم دفعة من المشاريع الكبرى إلى الأمام بشكل سلس، وفي مقدمتها مشروع الطاقة الشمسية المركزة بدبي. وحقق عدد متزايد من الدول العربية أحلامها الفضائية مزودة بـ”أجنحة” التكنولوجيا الصينية، وخير دليل على ذلك إطلاق أول قمر اصطناعي سوداني “SRSS-1” بنجاح.
رابعا، تعززت الاستفادة المتبادلة من خلال تكثيف التواصل الشعبي. ففي العامين الماضيين، تلقى أكثر من 6000 كفء عربي في مختلف المجالات تدريبات في الصين. ولاقت اللغة الصينية ترحيبا من شعوب السعودية والإمارات ودول عربية أخرى. وفي مواجهة الادعاءات السخيفة والخاطئة التي تروج لـ “صراع الحضارات” على الساحة الدولية، تعمل الصين مع الأصدقاء العرب على ترسيخ قيم الخير ومقاومة الأفكار الشريرة.
في الوقت الراهن، ما زالت جائحة فيروس كورونا الجديد تتفشى في العالم، ولم يكن مستقبل دول العالم مترابطا بشكل وثيق كما هو اليوم. وفي هذا السياق، فإن مواصلة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية وبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية جاء في وقته.
يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يكونا صديقين حقيقيين يعززان التضامن والتعاون في تجاوز الصعوبات جراء الجائحة. ويجب على الجانبين الصيني والعربي مواصلة الوقوف كتفا بكتف وتبادل الدعم والمساعدة في المعركة ضد الجائحة، كما يجب مواصلة رفض تسييس الجائحة أو وضع علامة جغرافية عليها، ودعم الدور القيادي والحاسم لمنظمة الصحة العالمية في معركة العالم ضد الجائحة، وتقديم مساهمة مشتركة في قضية الصحة العامة العالمية.
يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يكونا مساهمين في السلام الدائم والأمن السائد. يجب علينا الدفاع عن تعددية الأطراف والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، وبذل جهود مشتركة لإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة في المنطقة واستعادة السلام والأمن إلى الشرق الأوسط في أقرب وقت. سيقف الجانب الصيني بكل ثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم له الدعم والمساعدة كالمعتاد.
يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يكونا شريكين حميمين يحققان التنمية المشتركة بالتعاون والكسب المشترك. يجب علينا مواصلة بناء “الحزام والطريق” وتوسيع التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات والفضاء، خاصة توظيف الإمكانية الكامنة للتعاون في الأشكال الجديدة من الأعمال والمجالات الناشئة جراء الجائحة، ومواصلة إثراء واستكمال آليات منتدى التعاون الصيني العربي.
يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يكونا رائدين للانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين. يجب الدعوة بكل ثبات إلى إزالة سوء الفهم عبر الحوار ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه. ويجب توظيف إمكانية كامنة للدراسة والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والعربية على نحو معمق، وتعزيز التواصل الشعبي، وتشديد روابط الصداقة والتعاون بين الشعب الصيني والشعوب العربية.
تضرب شجرة الصداقة الصينية العربية بجذورها في التربة الخصبة للاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وستظل راسخة أمام العواصف والأمطار مهما كانت. طالما تساند وتآزر الجانبان الصيني والعربي بروح الفريق الواحد، سيظل مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية متينا، وستقبل العلاقات الصينية العربية على مستقبل أجمل!