منتدى التعاون العربي الصيني: لقاء مهم في لحظة استثنائية
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا*:
يعتبر منتدى التعاون العربي الصيني من أهم آليات التعاون الجماعي بين العرب والصين، ويشكل منصة أساسية لبناء شراكة حقيقية بين الأمتين العربية والصينية في مختلف المجالات، ولا سيما على الصعيد السياسي والاقتصادي. من هنا فإن المؤتمرات التي يعقدها المنتدى هي فرصة فائقة الأهمية لمناقشة كل أوجه التعاون والعمل سوياً لدفع العلاقات نحو الأفضل ومناقشة كل ما من شأنه إزالة العقبات من درب هذا التعاون وخلق الفرص المتعددة الأوجه لبناء مجتمع المصير المشترك بين العرب والصين.
ويأتي الاجتماع لذي انعقد مؤخرا عبر الفيديو في ظروف حساسة جداً نظراً للوضع غير الطبيعي الذي يعيشه العالم نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث تصبح اللقاءات المباشرة صعبة ومليئة بالمخاطر، ويستعاض عنها عالمياً باللقاءات عبر الفيديو، أو ما بات متعارفاً عليه بـ “الدبلوماسية الرقمية”. ومن المعروف أن الصين كانت السباقة لتبني هذا النوع من الاجتماعات (عبر الفيديو) واستخدامها على نطاق واسع في الكثير من المجالات، وفي قمم واجتماعات هامة وأساسية، ما يعكس مدى الجدية التي تعطيها الصين للنتائج الناجمة عنها.
ومع تفشي فيروس كورونا المستجد والنشاطات التعاونية بين الصين والدول العربية لمكافحة هذا الفيروس، يصبح الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني العربي أكثر أهمية، كونه يجمع المسؤولين الصينيين والعرب لمناقشة خطط عملية وفعالة لتعميق التعاون في مواجهة هذا الوباء الخطير. لقد كان التعاون العربي الصيني في القضاء على الفيروس مثالاً يحتذى على مستوى العالم، حيث أبدى العرب ـ على مختلف المستويات الرسمية والشعبية ـ دعمهم الكبير للصين في المرحلة الأولى لمواجهة الفيروس، وقدموا مساعدات رمزية ولكن حيوية لمساندة الشعب الصيني في معركته. وردت الصين الجميل بشكل ممتاز عند تفشي الفيروس في الدول العربية، فقدمت الدعم المعنوي والمساعدات الطبية، وأرسلت فرق الخبراء والفرق الطبية، وجرت لقاءات عبر الفيديو بين مختصين من الصين والعديد من الدول العربية لتبادل الخبرات والتجاب في كيفية مكافحة الفيروس. ومؤحرا، ومن خلال اجتماعات المنتدى، بحث مسؤولو الطرفين المزيد من السبل للتغلب على الفيروس بقلب واحد ويد واحدة.
إن العلاقات القائمة بين العرب والصين هي علاقات تاريخية قديمة، وتتوسع يوماً بعد يوم، من خلال المبادرات المتبادلة لكل طرف نحو الطرف الآخر، ولعل انخراط معظم الدول العربية في “مبادرة الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين دليل على مدى الأهمية التي تعطيها هذه الدول لتطوير العلاقات مع الصين بما فيه مصلحة الطرفين، ومصلحة البشرية جمعاء. وهذه المبادرة هي نافذة أخرى لخلق مزيد من التفاعل بين الدول المنتمية إليها لمعالجة كل المشاكل التي تهدد العالم، وعلى رأسها الآن الفيروس الخطير.
إن اجتماع المنتدى الأخير هو اجتماع دوري، ولكن بظروف استثنائية، لذلك ينبغي أن يكون جزءاً من مسيرة مستمرة لتنمية التعاون بين الطرفين، وقد صدرت عنه قرارات استثنائية بمستوى المرحلة الخطيرة التي يعيشها العالم نتيجة التهديد الكبير الذي يشكله فيروس كورونا الستجد (كوفيد 19). كما أن هذا الاجتماع هو فرصة لإصدار مواقف مهمة تجاه قضايا أساسية تهم الصين والعرب، وتؤكد على عمق التفاهم الذي يجمع الجهتين والإيمان العميق لدى المسؤولين بأن الطرفين، ومعهما البشرية كلها، في مركب واحد ينبغي التفاهم على كيفية إدارة دفته لينجو العالم من المحن التي يمر بها.
*مدير موقع الصين بعيون عربية