رؤى الزعيم شي جين بينغ لتحقيق الحلم الصيني
قراءة في كتاب الحكم والادارة ل شي جين بينغ (المجلد الاول)
موقع الصين بعيون عربية ـ
د. حسن عبدالله الدعجه*:
ان كتاب شي جين بينغ حول الحكم والإدارة المجلد الاول يشتمل على (79)عملا هاما لشي جين بينغ خلال الفترة ما بين 15 نوفمبر 2012 و13 يونيو 2014، كما قسّم هذا الكتاب إلى 18 موضوعا، وتجمع في الكتاب أيضا 45 صورة لشي جين بينغ، مأخوذة من مراحل مختلفة، لمساعدة القراء على معرفة أحوال عمله وحياته. كما نشر الكتاب بعدة لغات اجنبية ومنها اللغة الصينية المبسطة واللغة الصينية المعقدة واللغات الإنجليزية والفرنسية والروسية والعربية والأسبانية والبرتغالية والألمانية واليابانية. والنسخة العربية التي كان شرف اهدائها لي في
(The Conference on Dialogue of Asian Civilizations (CDAC) took place on 15 May 2019 in Beijing)
وكما وصلتني النسخة الانجليزية من منظمي المؤتمر، التي اطلعت على نسختها، ومنها توصلت لهذه القراءة في كتاب الحكم والادارة. وهي تهدف الى شرح نظرية حكم الحزب الشيوعي الصيني للدولة ، التي يرئسها شي جين بينغ وهو ايضا أمين عام للحزب.
يضم كتاب الزعيم الصيني شي جين بينغ “حول الحكم والإدارة ” رؤى وخطب وارشادات ووتوجيها رئاسية تحدث بها الرئيس الصيني شي جين بينغ ما بين سنة 2012 الى سنة 2014، والمطلع على محتوى الكتاب يدرك ان الصين تقوم بتحقيق حلم الشعب الصيني وكيفية تحقيق الخطط المستقبلية والاسترايتجية قريبة المدى وبعيدة المدى في نفس الوقت بقيادة الحزب الشيوعي الصيني.
وتاتي أهمية الكتاب في أنه يعرض لاسلوب الحكم والنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي لرؤى الزعيم الصيني شي جين بينغ في جميع المجالات ، مما يشكل فرصة لاستقراء افكار واسلوب الحكم وادارة الدولة الصينية لانه جديرة بذلك لاختلاف اسلوبها عن انماط الحكم والادارة الاخرى في العالم .
وتركز خطابات الرئيس حول مصطلحات اهمها الامة الصينية ، الاشتراكية ذات الخصائص الصينية (شي جين بينغ ،(2018) الحكم والادارة ، بكين، دار النشر اللغات الاجنبية ص3)، الحلم الصيني ، وفكرة : تعميق الإصلاح على نحو شامل، إلى مصطلح ، والحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني والإصلاح والانفتاح والنمو الاقتصادي و الشباب، وطريق الحرير، وحزام واحد وطريق واحد، الاادارة وفقا القانون، التنمية السلمية، الحضارة الاكولوجية ، الحضارة الصينية، الدستور، اللجنة المركزية للحزب، المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب، حلم الصين للنهضة العظيمة للامة الصينية ، و خدمة الشعب، الرئيس السابق دنغ شياو بيتغ ، مجتمع رغيد ، معيشة الشعب، الامن الوطني، مكافحة الفساد، منظومة حوكمة الدولة، التنمية العلمية.
وعند قراءة كتاب الرئيس الصيني شي جين بينغ حول الحكم والادارة في مجلده الاول نجد انه اشتمل على رؤية القائد ذو الرؤية المستقبلية لنهضة واصلاح وتقدم الصين كدولة وشعب في ذات الوقت، حيث يظهر ذلك جليا من خلال اقواله المتكررة حول الحلم الصيني (المرجع السابق ص37) والتقدم والتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبناء الحضارة الايكولوجية (المرجع السابق ص223) ، من خلال التمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية حيث قال في 17/نوفمبر 2012 ما نصه: يمكننا ان نوحد ونقود كل الحزب وابناء الشعب من القوميات المختلفة في البلاد كلها الانجاز بناء مجتمع رغيد الحياة … وانجاز بناء دولة حديثة اشتراكية وقوية وديمقراطية …. لنفوز بمستقبل اكثر سعادة وجمالا للشعب الصيني وللامة الصينية (المرجع السابق ص7). نعم لقد حقق ذلك للشعب الصيني والدولة الصينية العظيمة من خلال تحويل الرؤى الثاقبة في المجال السياسي والاقتصادي الى واقع ملموس وحقيقي يشهد له العالم.
لقد أصبحت جمهورية الصين الشعبية متقدمة تسارع الخطى بوتيرة بارزة سجلت اعجاب التاريخ الانساني خلال نهاية القرن الـعشرين وبداية القرن الـواحد والعشرين وبدأت تتحول إلى دولة راقية متقدمة؛ فقد أصبحت ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتحسنت فيها بشكل مذهل مستويات المعيشة والرعاية الاجتماعية والصحية. بعد أن كانت الصين دولة فقيرة يعاني سكانها الجوع والمرض وتدني مستويات المعيشة وفقر الخدمات الصحية والاجتماعية، ومنذ أن تولي الرئيس شي جين بينغ، في نوفمبر 2012 رئاسة الدولة بدأ يقود الدولة الصينية ذات الحضارة العريقة إلي مزيد من التقدم والرقي، اخذ على نفسه تحويل حلم الشعب الصيني الى حقيقة وخاصة الشباب، فقد ركز على تحقيق حلمهم بحياة كريمة، تفرغ طاقاتهم الخلاقة وان تكون عماد نهضة الدولة الصينية الحديثة، حيث قال: حلم الصين لنا ولكم – انتم الشباب- اكثر سستحول النهضة العظيمة للامة الصينية الى واقع من خلال الكفاح المتتابع للجماهير الغفيرة من الشباب . (المرجع السابق ص 53)
ولهذا فقد ركز الزعيم الصيني شي جين بينغ للوصول الى دولة عظمى تنافس على قدم وساق الدول الكبرى الاخرى وان تثبت للعالم نجاعة ونجاح النهج الصيني في الحكم من خلال نظام سياسي واقتصادي فريد جمع بين الاشتراكية الشرقية والرأسمالية الغربي بنظام واحد اسنطاع الجمع بينهما وانجاحه وهذا يدل على الارداة القوية ة التصميم والعزم والاخلاص وحب الوطن والشعب ، حيث ركز في كلامه على محاور تجمع بين النظرية والتطبيق التالية:
1- المحور الاول: وهو التمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينة وهذا المحور ينقسم الى:
• التركيز على نمط واسلوب ادارة الحكم السياسي للصين بعتماد القيايدة المركزية للحزب والدولة.
• انفاذ حكم القانون وبناء مؤسسات الدولة، والتركيز على العمل المؤسسي، والعمل بعدالة لجميع المواطنين . (المرجع السابق ص159)
• توحيد وتجانس مكونات الشعوب الصينية ضمن امة واحدة متجانسة تخدم نهضة الصين واستقرارها وبقائها واستمرار مسيرتها الحضارية العريقة والعصرية في وقت واحد بين الامم الكبرى.
• خيار الدولة للتنمية الاجتماعية الصينية الذي يفضي الى تنمية الصين واستقرارها.
2- المحور الثاني: التاكيد على انفراد النظام الاقتصادي الاشتراكي الصيني الفريد في العالم من حيث الجمع بين نظامين متاضادين في النظرية والتطبيق في دول العالم الاخرى، الا انه نجح في الصين بسبب تصميم الارداة القوية لزعماء الصين والرئيس الحالي تحديدا شي جين بينغ من خلال التالي:
• التحول في من الفكر الصيني التقليدي الى الفكر والرؤى الحكيمة واحلال التكنولوجيا متلازمة مع الايديولوجيا جنبا الى جنب.
• الاحتفاظ بنظام اقتصادي مدمج بين الاشتراكية والراسمالية الغربية، بحيث كيف النظام الاقتصادي السائد بالعالم الى حالة صينية تناسب نظامها الاقتصادي الداخلي والخارجي.
• عززت وانجحت مقولة الاشتراكية ذات الخصائص الصينة على ارض الواقع، مما شكل لها ارضية وبيئة خصبة للانطلاقا بمبادرة الحزام والطريق العالمية.
3- العلاقات السياسية والدبلوماسية وومبداء السياسية الخارجية الصينية القائمة على المبادئ الخمس وهي: the five principles of mutual respect for sovereignty and territorial integrity, non-aggression, non-interference in internal affairs, equality, mutual benefit and peaceful coexistence
وبناءا عليه تم العمل على تعزيز تلك العلاقات من خلال : (المرجع السابق ص 316 و 323)
• توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول المجاورة بشكل رئيسي، ومع دول العالم بشكل عام.
• تعزيز العلاقات مع الدول الاخرى بناء على قواعد؛ حسن الجوار والصداقة والمنفعة المتبادلة.
• معاملة الدول المجاورة بالمودة والتسامح وعدم التدخل في الشسؤون الداخلية لجميع الاطراف وحسن الجوار.
• تكثيف اللقاءات مع قادة الدول لتقريب وجهات النظر حول المصالح المشتركة.
• دمج مصالح الطرفين والعمل بامانة واخلاص وكسب ثقة مزيد من الشركاء من الدول.
• التنمية المشتركة مع الدول اسيا ودفع التعاون الاقليمي والعالمي.
• وعلى الصعيد الدولي العمل على كسب ضروف خارجية للاصلاح والتنمية والاستقرار البلاد، وحماية سيادة الدولة والدول الاخرى وحماية الامن والسلم الدوليين.
• الايمان بان الامن والاستقرار للدول في العالم هو اسس التقدم الاقتصادي والاجتماعي ودفع رفاه وتقدم وتطور الدول والامم والشعوب.
4- طريق الحرير الصيني (المرجع السابق ص 323) قديما وحديثا، لم يقف التاريخ عائق امام تقدم الصين بل اصبح دليلا يعمل به، استلهمت المنجز الحضاري الصين وحولته بالتخطيط المستقبلي الاستشرافي الاستراتيجي الى فرص قوة لبناء دولة قوية سياسيا واقتصادية وعززت موقعها الحضاري بين الامم من خلال التالي:
• العودة الى الماضي وستهلم الاستثمار في المستقبل من خلال الاستفادة من طريق الحرير الذي ربط الشعوب والدول في الماضي بالصين التاريخيا.
• استلهم قصص التعايش بين الشعوب التي جمعت بينها طريق الحرير مثل قصة استضافة الموسيقار الكازخستاني للموسيقار الصيني المشهور شينغ هاي، وامنه ببيت دافئ مما جعله يبدع (المرجع السابق ص 37) .
• التمسك بالصداقة جيلا بعد جيلا تكوين علاقات متينة مع الشعوب والدول.
• احترام طرق التنمية والسياسات الداخلية فلكل بلدا اسلوبه الخاص، التي اختارتها الشعوب والدول لنفسها .
• عدم التخل بسياساتها وشؤونها الداخلية
• تعزيز التواصل وبناء الشراكات على اسس متساوية.
• العمل على التعاون الاقتصادي والاستثماري بما يعزز الرفاه الاجتماعي لجميع الدول.
• اعداد ودفع مسيرة تخطيط التعاون الاقليمي والاستعداد للاندماج الاقتصادي الاقليمي مع الصين ضمن اتفاقيات تضمن المنفعة المتبادلة .
• تعزيز انشاء الطرق والنقل وربط طرق الموصلات العابرة للحدود، لتسهيل الشحن وتاسيس ممرات لمبادرة الحزام والطريق.
• تقديم تسهيلات تنموية لمختلف الدول وتوثيق عرى العلاقات بين الشعوب.
• تسهيل تدفق انسياب البضائع والتجارة والخدمات بين دول الاقليم والعالم.
واخيرا نجد ان الزعيم شي جين بينغ سلط الضوء على الحضارة الصينية ولم يترك مجال لاستذكار بناة ( ممن اسهموا في حكم وحضارة الصين ) الا وذكرهم الرئيس في خطابته وهذا عرفا بالجميل بذكرهم وعند تشديد شي جين بينغ على أهمية الإصلاح، يذكر دائماً الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ ونظريته ماوتسي تونغ، ويستخدم دائماً أقوالاً مأثورة لشخصيات ومؤلفات مشهورة تشمل الشعر الصيني القديم (شي جينغ) وسجلات المؤرخ العظيم (شيجي) وكلمات مأثورة للإمبراطور الصيني كانغ شي والفلاسفة الصينيين كونفوشيوس ولاوتزه وزونزي وغيرهم من الشخصيات المشهورة.
وهذا يدل على عمق التفكير والمعرفة بالحضارة الصينية الضاربة في العراقة والقدم، وهو بذلك ينشيئ جيلا معتز فخور بحضارته وثقافته وبوطنه ، وهي الخطوات الاولى للاجيال القادمة حتى تحب الصين ومن ثم ترتقي به نحو التقدم والتميز على مستوى العالم.
وكذلك انتقال بفكر الجيل لاالحالي والقادم الى المستقبل المشرق لتحقيق حلم الصين والامة الصينة في التربع على قمة عرش السياسية والاقتصادية والحضارية على قدم المساواة مع الدول الكبرى في العالم.وهذا العمل الدؤوب جاء بجهد واخلاص قيادته الذي ارتقى بالصين الى مطاف الدول المتقدمة علميا وسياسيا و اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وحضاريا.
*استاذ مشارك /علوم سياسية
قسم الاعلام والدراسات الاستراتيجية
جامعة الحسين بن طلال – الاردن