آفاق رحبة للتعاون بين الصين ودول الخليج العربية في مجالات البنية التحتية والطاقة والرقمنة
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا
“السرعة 320 كم/الساعة والتشغيل عادي ومن المتوقع وصول محطة جدة في غضون 30 دقيقة”، هكذا يسير قطار فائق السرعة على خط السكك الحديدية عالية السرعة مكة المكرمة-المدينة المنورة حيث يركز السائق محمد طارق على تشغيله ويقوم بالإبلاغ عن حالة القيادة من وقت لآخر. فقد قاد القطار على الخط، منذ افتتاحه قبل عامين، مئات المرات ذهابا وإيابا ويقول “هذا الخط،، الذي شاركت في إنشائه شركات صينية ساهم في تقصير مدة التنقل بين المدينتين إلى ساعتين، وهو ما خفف من الضغط المروري كثيرا، بل وجعل أيضا المدن على امتداده أكثر دينامية”.
إن التغييرات التي شهدها طارق هي نموذج مصغر للتعاون العملي الحالي بين الصين ودول الخليج العربية. فخلال العام المنصرم، عمل الجانبان بثبات على دفع البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”، وعززا التعاون في مجالات عدة تشمل تجارة الطاقة، والمقاولات الهندسية، والرقمنة في إطار مساعدة دول الخليج العربية على التعافي الاقتصادي وتنويع الاقتصاد المحلي.
— تحسين كبير لكفاءة النقل المحلي
إن السكك الحديدية عالية السرعة مكة المكرمة – المدينة المنورة تعبر الصحراء العربية، وتسلك طريق مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مرورا برابغ وجدة ومحطات مهمة أخرى، وقد شاركت العديد من الشركات الصينية في إنشائها. وللتكيف مع مناخ المملكة، اعتمدت مجموعة المكتب الثامن عشر للسكك الحديدية الصينية ابتكارات تكنولوجية لتضمين مستشعرات درجة الحرارة ومقاييس الإجهاد في العوارض لمراقبة التغيرات في درجات حرارة تلك العوارض في الوقت الفعلي وتعديل تكنولوجيا البناء في الوقت المناسب.
أثناء إنشاء المشروع، عززت الشركات الصينية بنشاط التوظيف المحلي ودربت مجموعة من فنيي البناء المحليين. وقامت مجموعة المكتب الثامن عشر للسكك الحديدية الصينية بتدريب أكثر من 400 عامل ماهر في المنطقة المحلية، ووفرت أكثر من 1500 وظيفة.
وفي المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في سلطنة عمان، يغطي مشروع المنطقة الصناعية الصينية-العمانية (الدقم)، الذي يعد قيد الإنشاء حاليا، مجالات متعددة مثل البتروكيماويات ومواد البناء والتجارة الإلكترونية. وقال صالح الحسني، المسؤول بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، إن منطقة الدقم قليلة السكان ومستوى تنميتها الاقتصادية ليس مرتفعا، وبعد اكتمال المنطقة الصناعية ستجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتضخ حيوية جديدة في التنمية الاقتصادية العمانية.
وفي السنوات الأخيرة، شاركت المزيد والمزيد من الشركات الصينية في الاستثمار والبناء في دول الخليج العربية بما فيها سلطنة عمان، لتسهم في خلق عدد كبير من فرص العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية. وقد أشار عضو مجلس الدولة العماني حاتم الطائي إلى أنه من خلال تعزيز التعاون مع الصين، يواصل الجانبان تحقيق نتائج جديدة تقوم على المنفعة المتبادلة والفوز المشترك.
— التطلع لمشاريع أخرى مع الشركات الصينية
في منطقة صحراوية على بعد 120 كم شرق أبو ظبي في الإمارات، تصطف صفوف من الألواح الكهروضوئية بدقة في مواجهة أشعة الشمس، لتوفر الكهرباء النظيفة باستمرار لجميع أنحاء أبوظبي. إنها محطة “نور أبو ظبي” التي تعد حاليا أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم. وتم تطوير المشروع كمشروع مشترك بين شركة أبو ظبي للطاقة وشركة ((ماروبيني)) اليابانية وشركة ((جينكو سولار)) الصينية المحدودة، وقد حقق فوائد كبيرة منذ بدء تشغيله التجاري في أوائل العام الماضي.
إن الإمارات وباقي دول الخليج العربية تمتلك من الموارد الطبيعية ما يمكنها من تطوير صناعة توليد الطاقة الكهروضوئية، وتجهيزات المشروع بدءا من الوحدات الشمسية الأساسية وصولا إلى روبوتات التنظيف الآلي للألواح الكهروضوئية، صُنع عدد كبير منها في الصين وإن الشركات الصينية تأتي في طليعة شركات العالم المتخصصة في هذا النوع من التكنولوجيا، معربا عن تطلعه إلى تطوير المزيد من المشاريع مع الشركات الصينية.
وفي مصفاة الزور بالكويت، تم الانتهاء من إنشاء 15 منشأة تكرير أساسية نفذتها شركة مجموعة سينوبك الهندسية المحدودة. ويذكر أن المشروع يستخدم عددا كبيرا من المواد صينية الصنع ذات المعايير العالية والجودة الجيدة. وبعد تشغيل المصفاة، سيمكنها معالجة ما يقرب من 31.5 مليون طن من النفط الخام سنويا، ما سيساعد الاقتصاد الكويتي على التحول من تصدير الموارد إلى تصدير المنتجات.
— تعاون واسع في مجالات عدة منها الاقتصاد الرقمي
الآن، يستطيع قاسم نادر مدير المشتريات بشركة متخصصة في تجارة المنتجات الطبية بالإمارات، إتمام تنفيذ الطلبات التجارية مع العملاء الصينيين عبر الإنترنت دون مغادرة منزله. وقال قاسم إن الإمارات لديها حاليا طلب كبير على منتجات تنقية الهواء وتطهيره، وبعد حصوله على معلومات المنتج ذات الصلة خلال المعرض الرقمي الاقتصادي والتجاري الصيني الإماراتي الذي أقيم في يوليو من هذا العام، اتصل على الفور بالعارضين الصينيين لشراء 500 جهاز، مضيفا أن “مندوب المبيعات الصيني عرض لي أداء المنتج من خلال اتصال بالفيديو، واصطحبني في زيارة افتراضية لخط إنتاج المنتج والمختبر الخاص به. وهكذا، فإن تقنية الاتصال عبر الإنترنت توفر التكاليف وتحسن كفاءة التفاوض”.
وفي إطار الوقاية من جائحة كوفيد-19 ومكافحتها، يتقدم التعاون بين الصين ودول الخليج العربية في مجال التقنيات الجديدة بشكل سريع. فقد تعاونت شركة ((هواوي)) مع الإمارات والسعودية وغيرهما لتطبيق المنتجات والحلول القائمة على الـ5G والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السحابية في الخطوط الأمامية لمكافحة الجائحة.
ففي أغسطس، وقع ممثلو الصين وقطر على عقد تعاون حول موضوع “الدوحة الجميلة” عبر الإنترنت. وسيتم عرض تكنولوجيا ومعدات الري الذكية الخضراء الموفرة للمياه التي طورتها جامعة نينغشيا الصينية في قطر لتقديم حلول للجفاف المحلي ونقص المياه؛ وفي أكتوبر، وقعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ومجموعة ((علي بابا)) وشركة ((هواوي)) وشركات أخرى اتفاقيات تعاون تغطي بناء المدن الذكية، وتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، وما إلى ذلك؛ وفي نوفمبر، أعلن مركز دبي للسلع المتعددة في الإمارات عن افتتاح مكتب تمثيلي في شنتشن، وهو ما سيحقق المزيد من التبادلات التجارية عبر النشاط الفعلي والافتراضي بين الطرفين.
وفي هذا الصدد، قال هيثم السيد، مدير إدارة الدراسات الصينية بمركز البحوث والتواصل المعرفي السعودي، إن السعودية ودول الخليج العربية الأخرى تعمل على تسريع التحول الرقمي، فيما تمتلك الشركات الصينية تقنيات وخبرات رائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وهذا يفتح بدوره آفاقا رحبة أمام التعاون بين الجانبين في مجال الاقتصاد الرقمي.