تعليق: تدخل لندن في هونغ كونغ يعكس العقلية الاستعمارية
لقد غربت الشمس عن الإمبراطورية البريطانية، ولكن يبدو أن البعض في لندن لم يستيقظ بعد من أحلامهم الاستعمارية.
وابتداء من اليوم (الأحد)، يمكن لسكان هونغ كونغ الذين يحملون ما يسمى جواز السفر الوطني البريطاني الخارجي التقدم بطلب للحصول على الإقامة والجنسية البريطانية. إن مثل هذا التلاعب السياسي الذي يحركه تفكير استعماري هو تدخل صارخ في الشؤون الداخلية للصين، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضررا آخر بالعلاقات الثنائية ويزيد من خسائر المصالح البريطانية على المدى الطويل.
كإجراء فوري مضاد، قالت الصين إنها لن تعترف بعد الآن بجواز السفر الوطني البريطاني الخارجي كوثيقة سفر صالحة أو لتحديد الهوية اعتبارا من اليوم (الأحد) وتحتفظ بالحق في اتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا الشأن.
وتبين سياسة بريطانيا المصممة خصيصا لسكان هونغ كونغ أن عقلية الاستعمار البالية لا تزال قائمة بكل عناد في أذهان بعض صناع القرار في لندن. وهم ما زالوا يتظاهرون بأن لديهم نوعا من المسؤولية الخاصة تجاه هونغ كونغ، التي عادت إلى الصين منذ أكثر من عقدين.
والحقيقة هي أنه منذ اللحظة التي عادت فيها هونغ كونغ، تم إنجاز جميع الحقوق والالتزامات المتعلقة ببريطانيا في الإعلان الصيني البريطاني المشترك.
وهذا يعني أن بريطانيا ليس لها سيادة أو اختصاص أو حق في “الإشراف” على هونغ كونغ منذ ذلك الحين، و”الواجب التاريخي” الذي تدعي أنها تحملها تجاه شعب هونغ كونغ مضلل بقدر ما هو خيالي.
من الواضح أن هناك ثلاث حسابات على الأقل وراء سياسة جواز السفر الوطني البريطاني الخارجي الجديدة: الاستفادة من أموال هؤلاء المهاجرين من هونغ كونغ، الذين يمكنهم جلب فوائد اقتصادية كبيرة لبريطانيا؛ وزرع المزيد من بذور الفوضى والانقسامات في هونغ كونغ؛ وإجبار بكين على تقديم تنازلات بشأن قضايا متعلقة بهونغ كونغ، ولا سيما قانون الأمن الوطني.
في فترة العامين ونصف العام الماضية، حاولت لندن مرارا إحداث موجات في هونغ كونغ. فالمدينة الصينية، في نظرها، ليست أكثر من نفوذ جيوسياسي.
وولادة قانون حماية الأمن الوطني في هونغ كونغ هو التزام دستوري للحكومة الصينية وخطوة أساسية لاستعادة الاستقرار في واحد من أقوى المراكز المالية في العالم. ولن تتراجع بكين عن قيامها بالشيء الصحيح.
وقد يشعر هؤلاء الساسة البريطانيون الذين يخططون إستراتيجيا للاستفادة من تأجيج عدم الاستقرار في هونغ كونغ وتحدي سيادة الصين، بـ”الفخر الشديد” إزاء تكتيكهم المتعلق بجواز السفر الوطني البريطاني الخارجي.
مع ذلك، فما هم إلا حصفاء في التوافه وحمقى في عظائم الأمور. فإقامة علاقة صحية ومستقرة بين الصين وبريطانيا أمر حيوي لكليهما. ومن ثم فإن خلق توترات بين البلدين من شأنه أن يعرض تعاونهما متبادل المنفعة للخطر ويلقي بظلاله على آفاق العلاقات الثنائية في حقبة ما بعد الوباء وما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
يتعين على لندن أن تتخلى عن هوسها بالاستعمار وأن توقف الاستفزازات ضد المصالح الأساسية للصين. فالتمسك بماض مشين لن يساعد في الأهمية العالمية لبريطانيا الحالية.