الصين نموذج معاصر للتنمية الحديثة
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد الكعبي*:
تعيش المنطقة زحاماً وصراعاً بين الاحزاب السياسية والتيارات الفكرية وتداخل المفاهيم وتشعبها، وفقدان الأمن والاستقرار وانتشار الجوع والفقر في اغلب دولها، وأصبح المجتمع يعيش حالة التشابك الفكري والتزاوج الثقافي والاختلاط في المفاهيم والمسلمات، وتاه الفرد في خضم هذه التراكمية المتسارعة، ولم يستطع مواجهة التحديات لقلة المناعة الفكرية واغراق المجتمع ببحر الصراعات والحروب، مما انتج تراجعاً في الكثير من القيم والتي بدورها ولّدت انهيار المنظومة السياسية والأمنية والاقتصادية.
ينبغي القيام بمراجعة حقيقية وجادة تبدأ من الذات وتنطلق لأفق أوسع، ونحتاج إلى قراءة التأريخ بشكل تفصيلي دقيق وأن نمعن النظر بتجارب الشعوب وما آلت أليه حياتهم وكيف نجحوا في مواجهة التحديات، باعتمادهم على انفسهم وعلى ما يملكون من طاقات لبناء بلدانهم، وما سنغافورا والصين عنا ببعيد، ففي عام 1928م، انهار اقتصاد الصين بسبب ارهاقه بالضرائب لدعم أمراء الحرب، وفي العام نفسه اندلعت الحرب الاهلية، وفي عام 1946م استُؤنفِت الحرب الاهلية بين حزب الكومينتانغ والحزب الشيوعي الصيني، مما أدى إلى اقرار دستور جمهورية الصين عام 1946م، بدل قانون 1928م، وقد عانت الصين من الغزو والحروب الداخلية، وكانت الصين قبل 1948م، تعيش الفقر والحرمان، وأكثر من 85 بالمئة من شعبها لا يقرأ ولا يكتب وانتشرت المخدرات والجريمة بشكل فظيع، لكنها استطاعت ان تنهض من هذا الواقع السيء وتصبح من أكبر الدول الصناعية وأعظمها اقتصادياً، أدخلت الصين إصلاحات اقتصادية كبرى قائمة على نظام السوق في عام 1978م، حيث أصبحت أسرع الاقتصادات نمواً في العالم وأكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع، وتعتبر الصين ثاني أكبر أقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الاجمالي الأسمي، وعضواً دائماً في مجلس الأمن للأمم المتحدة، وعضواً في منظمات عالمية ومنها مجموعة العشرين ومنظمة شانغهاي للتعاون ومنظمة التجارة العالمية واصبحت قوة عظمى وتمتلك ترسانة نووية معترف بها، وتمتلك أكبر جيش في العالمـ كل هذا بفضل ثقتها بنفسها ووجود رجال أكفاء حددوا هدفهم وأجادوا البناء والتطور وفق رؤية صحيحة واقعية وتعرف ما تريد وكيف تحقق ما تريد لأنها تؤمن بما تريد وكانت تحمل عقلية مرنة، فلديهم القائد والفكرة، وشريحة التغيير والبناء متوفرة للنهوض بمهمة التحول العالمي الكبير.
نحن نملك أعظم مقومات النجاح ففينا العلماء والكفاءات والموارد الطبيعية العظيمة والموقع الجغرافي المميز والتي تؤهلنا للوقوف والنهوض من جديد لنواكب العالم بشرط أن نستفيد من تجاربهم ونطورها بما ينسجم مع شعوبنا وقدراتنا، وعلينا أن نبادر بالتغيير بأنفسنا لا أن ننتظر التغيير من الخارج، فليس للبلد إلا أهله.
نحتاج أن نسأل أنفسنا أين الخلل ولم نحن هكذا؟ ماذا نريد؟ وكيف؟ لماذا لا نتحرك للنهوض وماهي أولوياتنا واهدافنا ورؤيتنا؟ ماهي المعوقات وكيف ننهض وكيف نبدأ؟ ماهي الخطوة الاولى وكم نحتاج حتى نتغير وكيف نتغير وبماذا نتغير وبمن…..؟
* إعلامي من العراق