الصين ومكافحة الفقر ..تجربة نموذجية في الادارة السياسية والاقتصادية للعملية التنموية النموذجية في البلاد
موقع الصين بعيون عربية ـ
د. نبيل سرور*:
تسعى العديد من الدول لمكافحة الفقر والتغلب على اثاره في مجتمعاتها.
وقد ثبت ان مسيرة جهود الصين في مكافحة الفقر، هي مسيرة هامة وجديرة بالتقييم، وهي تمثل تجربة ناجحة وملهمة للدول النامية في مساعيها لمحاربة الفقر.
كما انها تمثل تجربة نموذجية من الناحيتين السياسية والاقتصادية للإنعاش الاقتصادي، وفي دفع عملية الاصلاح والتنمية .
ومؤخراً مع انتشار جائحة كورونا، شهدنا التزاماً شعبياً كبيراً وصارماً بالتعليمات التي عممتها السلطات الصينية، مما مكن الصين من التخلص من آثار الوباء(كوفيد ١٩) في تجربة أدهشت العالم، الذي لا يزال لتاريخه يعاني من آثار الوباء الفتاك ..
وعليه يمكن القول بداية إن هناك تناغماً بين القيادة الصينية وقاعدتها الشعبية، وهذا سبيل الزامي للنحاح في أي خطة إصلاح اقتصادي أو تنموي.. كما أنه من المفيد جداً لكل الدول التي تسعى للتنمية ومكافحة الفقر، التعاون مع الصين والتعلم من تجربتها النموذجية في مجال التنمية ومكافحة الفقر..
لقد مثلت جهود الصين التنموية ما يمكن اعتباره “فرصة تاريخية” لشعوب العالم النامي للحاق بقطار التنمية.
لقد أظهرت بيانات رسمية صينية صدرت في شهر شباط/ فبراير ٢٠٢١ الماضي، أنه تم انتشال ما يقارب ٨٥٠ مليون صيني من براثن الفقر على مدار العقود السبعة الماضية، ما ساهم بأكثر من ٧٠ % في التقدم العالمي في الحد من الفقر.
لقد حققت الصين قفزة تنموية هائلة بالتحول من مجتمع فقير إلى دولة رائدة على مستوى العالم، وذلك خلال فترة هي الأقل في تاريخ الحداثة.
ويمكن الاستنتاج ان النقلة التي حققتها الصين غير مسبوقة.
إن نجاح الصين في الحَد من الفقر، يعود الى السياسات الحكيمة، التي انتهجتها القيادة الصينية، وبُعد نظرها وخططها الدقيقة والجادة من أجل رفاه وتقدم الشعب الصيني، وانتشاله من براثن الفقر إلى مصاف الدول المتقدمة.
إن عملية البناء الاقتصادي والازدهار الاجتماعي والثقافي للمجتمع، هي عملية صعبة ومستدامة، تحتاج إلى رؤية وقيادة حكيمة، وهي خصائص موجودة لدى الحزب الشيوعي الصيني والقيادتين السياسية والاقتصادية الحاكمة للبلاد.
مستلزمات مرحلة الإصلاح والانفتاح
يمكن القول إنه منذ بدايات عهد “الإصلاح والانفتاح” الذي انتهجه الزعيم دنغ شياو بنغ، تمكن الحزب الشيوعي الصيني من تطبيق نظرية (الاشتراكية ذات الخصائص الصينية).
وقد عملت القيادة لبلوغ هدفها، وتحقيق الانسجام والتواصل بين النظرية والواقع ببرامج طموحة. وقد أدى التقدم الذي احرزته البرامج الإصلاحية المتعاقبة للحزب الشيوعي، إلى الطفرة التنموية الحالية في الصين، حتى في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تضرب العالم.
لقد ساهمت التجربة الصينية الفريدة، في نقل الواقع الصيني بقفزات حاسمة ألى الامام على مدى ثلاثة عقود من الزمن .. وقد أثبت الحزب الشيوعي الصيني، وكوادر النُخب الصينية، كفاءتة كبيرة في تدخل الدولة لدعم الشعب، وإيجاد الحلول اللازمة لتنمية القطاعات الانتاجية على اختلاف انواعها ..
لقد أضحى ثابتاً لدى المحللين والخبراء، أن القيادة السياسية – الاقتصادية في الصين تتمتع بالخبرة والشعبية والثقة والاحترام من قبل الشعب الصيني.
ومن منطلق الثقة بالبرامج الحكومية، استجاب الشعب بعد انتهاء عهد سلطة الزعيم ماو تسي تونغ(١٩٤٩- ١٩٧٨)، ومع بداية مرحلة الاصلاحات مع رؤساء الصين البارزين : دينج شياو بينج (1978-1989)، وجيانغ زيمين (1989-2002)، وهو جينتاو (2002-2012)، وشي جين بينغ (2012 إلى الوقت الحاضر)، تفعلت برامج التنمية الاقتصادية، التي أنعشت الاقتصاد وحفّزته في تاريخ البلاد.
ومن خلال استطلاع آراء المسؤولين واستبيان توقعاتهم، نستنتج أن لدى الفئات الحاكمة في الصين قناعة راسخة أن الصين ستنجح في تنفيذ خطتها، لانتشال جميع سكان الصين من الفقر في السنوات الخمس القادمة أو في العام 2027 على أبعد تقدير.
لقد أرست الصين تجربتها التنموية، من خلال كفاح مستدام لما يقرب من قرن من الزمان، منذ تأسيس الحزب الشيوعي الصيني.
وقد نجح الحزب الشيوعي في أن يجعل الصين عموداً أساسياً من الأعمدة الاقتصادية في العالم.
لقد بات من الثابت أن الغرب لن يقدم مساعدة حقيقية للدول النامية الا على أساس مشاريعه ومصالحه الاستعمارية، في حين أن الصين تدعو إلى التعاون مع العالم بأسره على أساس مبادئها القائمة على التعاون الدولي والمصالح المشتركة والشراكات المربحة للجميع (مبادىء “شو ان لاي” الخمسة للتعايش السلمي، التي تشكل اساس الدبلوماسية الصينية)
وعليه يمكن الاستنتاج أن الصين سعت من خلال دبلوماسيتها وحضورها السياسي والاقتصادي والثقافي، لتقديم نموذج للتعاون ذي بُعد إنساني من أجل التنمية المشتركة.
ويتضح هذا البُعد القيمي في علاقات الصين الخارجية، من خلال شراكاتها في العديد من مشروعات التنمية الكبيرة، التي تخدم الملايين في إفريقيا وآسيا واميركا اللاتينية، ودول كثيرة في قارات العالم الخمس.
مبادرة الحزام والطريق دافع للتنمية ومكافحة الفقر
إن من غير الخفيّ على أحد القول إن مبادرة ومشروع “الحزام والطريق”، الذي أطلقته الصين منذ حوالي سبع سنوات من أجل التنمية المشتركة مع دول العالم، هو من المشاريع الهامة والرائدة عالمياً، ويعطي فكرة عن الطموح الاقتصادي الصيني للريادة ورفع مستوى التنمية السكانية للدول المشاركة في المشروع.
فبعد أن ثبتت بكين دعائم اقتصادها داخليا، وإوصلت الشعب إلى مراحل متقدمة من الاكتفاء الذاتي، صارت تتطلع إلى نقل تجربتها إلى الدول الأخرى.. وهكذا صرنا نجد برامج توعية بين الصين ودول العالم النامية لتبيان ما لبرامج التنمية المستدامة من آثار مفيدة للشعب وللقطاعات الاقتصادية النشطة في البلاد. وهذه البرامج تتم من خلال استضافة الصين لوفود وبعثات من الدول أو من خلال إيفاد الصين لبعثات توعية إلى هذه الدول..
جهود حثيثة لمكافحة الفقر
من خلال برامجها المكثفة لكل فئات المجتمع على مدى عقود من الزمن ، تبذل القيادة الصينية جهودا كبيرة للقضاء على الفقر، وبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل .
ومن خلال متابعة الخطط التنموية في البلاد. يمكن القول إنه أمكن للصين شق الطريق في مساعدة الفقراء وتعزيز تطورهم نحو الاكتفاء الذاتي..
ويمكن القول إنه على مدى أكثر من أربعة عقود منذ تنفيذ (سياسة الإصلاح والانفتاح)، تجلت معالم التغيير الاستراتيجي لبرامج التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر. ويشكل انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012 نقطة الانطلاق لمشروع مكافحة الفقر. واليوم ونحن في بدايات العام ٢٠٢١، يمكن القول إنه تم خلق معجزة ضخمة في تاريخ البشرية في مكافحة الفقر، من خلال تحقيق نموذج إيجابي للعالم كله في دروس التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر.
برامج تنموية طموحة بأجندات واقعية
إن التخلص من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، هو سعي مشترك لكل البشرية. في الوقت نفسه، هو حلم جميل للشعب الصيني على مدى آلاف السنين وهدف لكفاح أعضاء الحزب الشيوعي الصيني..
ومن غير الخفي انه منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح قبل أكثر من أربعين عاماً، كما مرّ معنا أعلاه، مع عهد الزعيم الإصلاحي الكبير دنغ شياو بنغ، وبالنظر لحقيقة أن معظم الفقراء يقيمون في المناطق الريفية، واصلت الحكومة الصينية تنفيذ إجراءات الحدّ من الفقر، التي تركز على التخفيف من الفقر والتنمية في الريف، مما خفّف حِدة الفقر في تلك المناطق. وشق طريقاً ذي خصائص صينية للتخلص من الفقر.
في المراحل الأولى لتنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، قامت الحكومة الصينية بالإصلاح الهيكلي، من أجل تحفيز قوة الإنتاج في المناطق الفقيرة. ثم تمت تعبئة جميع قطاعات المجتمع لمساعدة المناطق الفقيرة والمحتاجين على التخلص من الفقر وتحقيق الثراء من خلال خطة التخفيف من حدة الفقر والتنمية بقيادة الحكومة.
وكما اسلفنا، ومع انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، حدد الحزب الشيوعي الصيني (القضاء على الفقر) مهمة أساسية لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، فطرح سلسلة من الإجراءات الهامة لإكمال هذه المهمة.
بفضل الجهود غير المسبوقة التي انخرطت فيها فئات كثيرة من الشباب والنخب والمحللين، دخلت الصين إلى فترة جديدة للقضاء على الفقر، وحققت إنجازات مرموقة في هذا المجال.
ومن نتائح البرنامج الاصلاحي، فقد تخلص أكثر من 850 مليون شخص من الفقر في الصين. وتجاوزت نسبة مساهمة الصين في قضية تخفيف حدة الفقر العالمية 70%، مما يخلق معجزة صينية في تاريخ البشرية.
ومع تفشي كوفيد- 19 بشكل مفاجئ في عام 2020، زادت صعوبات تحقيق هدف التخفيف من حدّة الفقر في الصين. وبفضل المجموعة القيادية للحزب الشيوعي الصيني، وعلى رأسها الزعيم الصيني الحالي شي جي بنغ، قللت الصين الخسائر الناجمة عن الوباء وبفترة زمنية قياسية، مما يضمن إكمال مهمة القضاء على الفقر كما كان مقررا لها.
وضع الشعب في المكانة المحورية في المشروعات المستهدِفة والدقيقة للقضاء على الفقر.
بناء على معطيات اقتصادية، تبين النتائج التي حققتها الصين، أن الفقر ليس صنوا لأي بلد في العالم، وأن كل دولة نامية يمكنها أن تتخلص من الفقر مثل الصين. في تفسيرهم لأساليب وبرامج التنمية الاقتصادية وتخفيف معدلات الفقر، يشرح بعض الباحثين الغربيين قضية القضاء على الفقر بـ”نظرية رشح المنافع (The trickle-down theory)”، فهم يرون أنه من الممكن حل مشكلة الفقر الاجتماعي بشكل طبيعي، من خلال التنمية الاقتصادية، ومن دون تدخل السياسات الحكومية. لكن، وفقاً لهذه النظرية، يُوضع الأشخاص الفقراء في موضع المتلقي السلبي، ومن المستحيل التخلص جذرياً من الفقر.
على العكس من ذلك، وفقاً للوضع الحالي للفقراء في الصين وخصائصهم، طرحت الحكومة الصينية مشروعات مستهدِفة ودقيقة لمساعدتهم.
لقد طرح الرئيس شي جين بينغ سياسة “الدقة في ست حلقات”، التي تشمل:
– الدقة في تحديد أحوال الفقراء،
– الدقة في تقديم المشروعات،
– الدقة في تخصيص الأموال،
– الدقة في تنفيذ الإجراءات،
– الدقة في إرسال الموظفين إلى القرى الفقيرة
– الدقة في تقييم نتائج القضاء على الفقر.
إن من أبرز معالم هذه السياسة، تقديم المساعدات الملّحة للفقراء، واتخاذ الإجراءات الصائبة، حسب أحوال الفقراء وظروف القرى المحلية، مما يحل سلسلة من القضايا، منها “من هو الفقير؟” و”من يقدم المساعدة للفقير؟”، و”كيف يتم تقديم المساعدة؟”
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة الصينية على تشجيع الفقراء على التنمية الذاتية، من أجل تقليل إمكانية عودتهم إلى الفقر من جديد.
ولتحقيق هذه الإهداف التي إقرتها البرامج التنموية، أنشأت الحكومات المحلية آلية للمراقبة والمساعدة لمراقبة آخر مستجدات أحوال الأشخاص الذين قد يعودون إلى الفقر مرة أخرى بسبب زيادة عدد أفراد الأسرة، أو انخفاض الدخل خلال فترة الوباء. ولجمع المعلومات وإعداد الاستبيانات، تشكلت مجموعات من الموظفين المعنيين لاتخاذ الإجراءات المستهدِفة بصورة مبكرة لتجنب العودة إلى الفقر. ومع تقديم المساعدة المستهدفة والمراقبة الدقيقة، حققت الصين نتائج إيجابية في معركة القضاء على الفقر. وانخفض عدد الفقراء بصورة تدريجية، مما يُرسي أساسا متينا لتحقيق بناء مجتمع الحياة الرغيدة بصورة سلسة.
ولا بد من الإشارة إلى أنه في حملة مكافحة الفقر، تتمسك الصين بفكرة التنمية القائمة على اعتبار الشعب محوراً لها.
ما من شك أن مكافحة الفقر قضية هامة للحكومة الصينية كما لدول العالم التي تكافحه على طريقتها .
ان الازدهار الاقتصادي لأي بلد يتجسّد في تحسين معيشة شعبه. ويعتبر التخلص من الفقر وتحسين مستوى معيشة الشعب، وتحقيق الرخاء المشترك بصورة تدريجية، من المتطلبات الأساسية للاشتراكية والمسؤوليات الهامة للحزب الشيوعي الصيني.
لذا، تُظهر الإنجازات الضخمة التي حققتها الصين، المزايا السياسية لقيادة الحزب الشيوعي الصيني والنظام الاشتراكي ذي الخصائص الصينية.
وعليه يصبح الشعار الذي اطلقه الرئيس الصيني شي جي بينغ شعار “السعي من أجل سعادة الشعب”، هدفاً أساسياً للحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه. وقد أشار الرئيس الصيني في التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني إلى “أن إدخال السكان الفقراء والمناطق الفقيرة إلى مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل مع سائر مناطق البلاد هو تعهد مَهيب لحزبنا”، وقال أيضا: “لا يُسمح بترك أي شخص في مسيرتنا نحو الرخاء”. هذا اعتقاد مشترك للشعب الصيني بأجمعه. ومن خلال القراءة الموضوعية نستنتج ان التمسك بفكرة التنمية القائمة على اعتبار الشعب محورا لها، وضمان مستوى معيشة الشعب وتحسينه بصورة مطردة ، وتعزيز رفاه الشعب والمضي في طريق الرخاء المشترك، هي من المزايا البارزة للنظام الصيني.
إن فكرة التنمية القائمة على اعتبار الشعب محوراً لها، هو مفهوم هام وتجربة فعالة للصين في مكافحة الفقر.
الخبرة الصينية في مكافحة الفقر توفر مرجعاً مفيداً للعالم
تتمسك الصين على الدوام بمفهوم التعاون والتنمية المشتركة من أجل تحقيق الفوز المشترك. اليوم، تنتهج الصين سياسة الانفتاح على الخارج، ومن ثم تربط تنميتها بتنمية العالم بصورة كثيفة وتتمسك بفكرة التنمية المشتركة. في هذا الإطار، تدعم الصين بدون تردد الأمم المتحدة في قضية سلام وتنمية العالم، وتتخذ ((إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية)) الذي تم اعتماده في مؤتمر قمة الأمم المتحدة للألفية في عام 2000، كمعيار هام للتنمية.
لذا، عملت الصين على تحقيق “تخفيف معدلات الفقر، وبالتالي تقليل نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد ونسبة سكان العالم الذين يعانون من الجوع إلى النصف بحلول سنة 2015”.
مع تحقيق أهداف ((إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية))، اعتمد مؤتمر قمة الأمم المتحدة في عام 2015 ((خطة التنمية المستدامة لعام 2030)) سعياً إلى القضاء على الفقر المدقع، والقضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي، ووضع نهاية لجميع أشكال سوء التغذية، بحلول عام 2030.
ومن خلال برامجها للتنمية المبنية على أسس اجتماعية وإنسانية، كانت الصين ولا تزال تشارك بصورة إيجابية في تنفيذ هذين الإعلانين الدوليين.
تعميم التجربة الصينية في مكافحة الفقر، مدخل للتعاون الدولي
مع الدخول إلى مرحلة التنمية الجديدة المتميزة بالتنمية العالية الجودة، تتخذ الصين إجراءات متنوعة للقضاء على الفقر.
على سبيل المثال، تعمل الصين على الإبداع في الصناعات التقليدية، وتطبيق التقنيات المتقدمة مثل البيانات الكبرى في المجالات المختلفة، مما يدفع نمو الاقتصاد العالمي بصورة مستقرة ويحقق الحَد من الفقر في العالم.
يمكن القول إن سوق الصين المنفتحة لا تساعد على تنمية وتطوير اقتصاد البلاد ورفع مستوى معيشة الشعب الصيني فحسب، وإنما أيضاً تقدم فرص التنمية للبلدان الأخرى.
نفذت الصين نحو ثلاثة آلاف مشروع مساعدة في إطار التعاون فيما بين بلدان الجنوب. بالإضافة إلى ذلك، كتبت الجهة المعنية في الصين تلخيصاً لقضايا التخفيف من حدة الفقر في “القضاء على الفقر المدقع، ممارسات الصين”، وتبادلت ممارسات وتجارب الصين للحد من الفقر مع البلدان الأخرى؛ كما أصدرت الأكاديمية الصينية للعلوم تقريراً بعنوان ((حول دور دعم البيانات الكبرى لكوكب الأرض في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2020)) مما يساعد الدول الأخرى على مراقبة وتقييم عملية تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
في بداية أيلول/ سبتمبر 2020، في ندوة افتراضية بعنوان “أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 للأمم المتحدة والخبرات الصينية في تخفيف حدة الفقر”، تقاسمت الصين “مشروع الصين” مع البلدان الأخرى، مما أثار اهتماماً واسعاً.
فضلاً عن ذلك، تعمل الصين على “تنسيق السياسات وترابط البنية الأساسية وتسهيل التجارة والتكامل المالي والتفاهم المتبادل بين الشعوب” مع الدول التي تقع على “الحزام والطريق”، الأمر الذي يساعد على دفع التنمية الاقتصادية لتلك الدول.
هكذا، يمكن للمزيد من الناس التمتع بفوائد التعاون الدولي في التخلص من الفقر، بفضل ربط منافع تنمية الصين الذاتية والمنافع المشتركة للدول المختلفة. وعليه تساهم الصين في بناء قرية عالمية متناغمة ومتسالمة فيما بينها.
يقول أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: “إن المشروعات المستهدِفة والدقيقة طريق وحيد لمساعدة الفقراء وتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030. لقد تخلص مئات الملايين من الصينيين الفقراء من الفقر، وبإمكان البلدان النامية الأخرى أن تستفيد من الخبرات الصينية…”
ومن منطلق مساعدة الدول النامية ، شاركت الصين في عدة مشروعات من أجل تخفيف حدة الفقر في بعض الدول النامية. مثلا، نظمت الصين تدريبات تقنية متنوعة في لاوس وكمبوديا، وتقاسمت خبراتها مع البلدان النامية الأخرى خلال الممارسات الفعلية.
ختاماً : اليوم مع بداية العام ٢٠٢١، تسعى الصين لتقديم المساهمات الجليلة في قضية تخفيف حدة الفقر في العالم، وتحقيق الرخاء المشترك للبشرية، وبناء رابطة المصير المشترك بين سكان الأرض.. ويبقى التعاون الدولي القائم على احترام الإنسان، وانتشاله من براثن الفقر وتأمين الحاجات الأساسية لمتطلبات الحياة الكريمة للبشرية هو الأساس.
*باحث اقتصادي، متابع للشؤون الصينية، من لبنان