القضاء على الفقر: قرار.. فانتصار
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا*:
قرر الصينيون القضاء على الفقر في بلادهم، ثبتوا القرار، وضعوا الخطط، خصصوا الإمكانيات، جندوا الطاقات، بذلوا الجهود الصادقة، ذللوا العقبات والعراقيل.. وانتصروا، محققين المعجزة التي لم يسبقهم إليها أحد.
إنها باختصار حكاية شعب آمن بنفسه وبقدراته، والتزم بالخطط التي وضعتها قيادته، وعمل بجدّ وكدّ، فأخرج ثمانماية مليون شخص من الفقر المدقع، ويقود أمة المليار وأربعمئة مليون نسمة نحو مجتمع رغيد العيش في المقبل من الأيام.
كل الشعوب لديها أحلام، والكثير منها يضع خططاً لتحقيق أحلامه، وقد يبدأ العمل من أجل تنفيذ هذه الخطط، وربما تتحقق بعض الأهداف إذا كانت الأمم جادة وهمّتها حاضرة وأبناؤها ملتزمين وحيويين.
أما أن تضع أمة هدفاً وتحدد له مواعيد وأرقاماً، ثم تلتزم بتحقيق الهدف بشكل كامل وناجع وقبل الوقت المحدد، فهذه هي التجربة أو الأمثولة التي تقدمها الصين للعالم.
واللافت أن إنجاز الصين في هذا المجال ليس إنجازاً منعزلاً، أو أنانياً أو بعيداً عن العالمية، وإنما هو جزء من خطة عالمية موضوعة للقضاء على الفقر في كل أقطار الدنيا، وفي حين حققت الصين حصتها من هذه الخطة التي تشمل 70 بالمئة من الأشخاص المستهدفين قبل عشر سنوات من الموعد الذي حددته الأمم المتحدة لتخليص البشرية من هذه الآفة، نجد أن مشاريع الدول الأخرى لتحقيق إنجازات في هذا المجال ما زالت تتخبط أمام الكثير من الإخفاقات والعقبات، ما يجعل تحقيق الهدف المنشود في الوقت المحدد ـ أي عام 2030 ـ أمراً بعيد المنال.
من هنا تقدم الصين تجربتها الناجحة في القضاء على الفقر كمحفّز لباقي دول العالم، إذ نظهر أنه من الممكن السير قدماً في هذا المسار، وتحقيق نتائج كبيرة، وأن تخليص البشرية من الفقر ليس أمراً مستحيلاً، وإنما هو هدف متاح إذا آمنت به الشعوب وسعت الحكومات بجدية لتحقيقه.
وما قدمته الصين لمعركة العالم في مواجهة الفقر لا يقتصر على الإلهام والدعم المعنوي، وإنما يتعدى ذلك إلى تقديم خارطة طريق يمكن الاقتداء بخطوطها العريضة للوصول إلى نتائج مشابهة، مع مراعاة الظروف الخاصة بكل دولة، مما ينتج عنه بنك تجارب دولية مختلفة يسهّل على الدول النامية العمل المطلوب منها في التخفيف من الفقر.
أكثر من ذلك، الصين تتحرك بشكل عملي لمساعدة الدول النامية في محاربة الفقر، فهي تقدم مساعداتها وخبراتها إلى دول العالم في القارات الخمس، سواء من خلال الخبراء والبرامج، أو من خلال الدعم المادي المباشر وغير المباشر، وعلى صعيد ثنائي أو من خلال المنظمات والبرامج الدولية المختلفة.
وتتوالى التقارير من أنحاء العالم حول المشاريع التي تديرها الصين أو يشارك فيها خبراؤها والتي تحمل عنوان التنمية بهدف محاربة الفقر، ولنا في دولنا العربية نصيب كبير من هذه المشاريع، ما يؤشر إلى انفتاح آفاق التعاون العربي الصيني في هذا المجال. وما هو مطلوب الآن هو بذل المزيد من الجهود لمأسسة التعاون في هذا المجال وتجذيره بما يضمن استفادة بلداننا العربية من التجربة الصينية وتحقيق أقصى تواؤم معها، على طريق التخلص من هذه الآفة في مجتمعاتنا.
لم ترغب الصين في احتكار نجاحها في القضاء على الفقر، وإنما عبرت ـ على لسان كبار المسؤولين فيها، وعلى رأسهم الرئيس شي جينبينغ ـ عن استعدادها للمضي قدماً في جعل المعركة على الفقر معركة عالمية، فلماذا لا يكون العرب في طليعة من يتخذون القرار للمشاركة في هذه المعركة، ومن ثم يأخذون حصتهم من الانتصار فيها؟
*مدير موقع الصين بعيون عربية