آفاق واعدة ومستقبل مشرق للتعاون الصيني ـ العربي في مجال الاقتصاد الرقمي
أدخلت العديد من البلدان في الشرق الأوسط استراتيجيات رقمية وسياسات ذات صلة، آخذة تنمية الاقتصاد الرقمي كنقطة انطلاق مهمة لتسريع التنويع الاقتصادي والتحول الصناعي والارتقاء به، من أجل التخلص من الاعتماد على صناعة النفط الخام وتعزيز الاقتصاد بشكل أكبر. وبالنظر إلى أن الصين تتمتع بميزة التكنولوجيا الرقمية الرائدة ولديها أساس جيد للتعاون الرقمي مع دول الشرق الأوسط، فإن آفاق التعاون المستقبلي بين الطرفين واسعة.
تسريع عملية الرقمنة الإقليمية
أشارت نشرة “آفاق الاقتصاد الرقمي للشرق الأوسط” الصادرة عن الشركة العالمية للاستشارات الإدارية مؤخراً، إلى أن متوسط معدل المساهمة الحالي للاقتصاد الرقمي لدول الشرق الأوسط في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ حوالي 4٪، ومن المتوقع أن يستمر معدل مساهمة الاقتصاد الرقمي في الارتفاع في المستقبل من خلال تنفيذ استراتيجية تطوير رقمية فعالة.
يعتمد الكثير من الناس في دول الشرق الأوسط بشكل أكبر على التكنولوجيا الرقمية خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته. وبدأت مواقع التسوق المصرية الكبيرة، وكذلك بعض المخابز ومحلات البقالة ومحلات الخضار، المبيعات عبر الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي، كما طورت المتاجر الكبرى مثل كارفور تطبيقات للهواتف المحمولة. وتظهر أبحاث ” فيزا” الخاصة بشركة بطاقات الائتمان أنه خلال الوباء، ارتفع عدد المستهلكين المصريين الذين اختاروا استخدام البطاقات المصرفية أو المحافظ الذكية بدلاً من النقد للتسوق عبر الإنترنت بنسبة 20٪.
أنشأت البحرين، والأردن، والكويت، وباكستان، والمملكة العربية السعودية بشكل مشترك منظمة التعاون الرقمي في نوفمبر من العام الماضي، وعقدت أول اجتماع لمجلس إدارتها في الرياض منذ وقت ليس ببعيد لمناقشة كيفية تسريع نمو الاقتصاد الرقمي، ووافقت على إطلاقها، ووافقت على إطلاق 5 مبادرات، يتضمن المحتوى تدفق البيانات عبر الحدود، وتمكين المرأة من سوق العمل الرقمي، وتقديم خدمات ملائمة لريادة الأعمال والتنمية الرقمية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وكواحدة من أولى الدول في الشرق الأوسط التي أنشأت وزارة للاقتصاد الرقمي، أطلق الأردن والاتحاد الأوروبي بشكل مشترك برنامج تمويل “نمو الشركات وابتكار التوظيف” في عام 2020. ويدعم البرنامج فرص الابتكار ويعزز الاقتصاد الرقمي، باستثمارات إجمالية قدرها 20 مليون يورو، وسيستمر حتى عام 2024.
أدخلت البحرين سياسات في إطار الترويج المستمر لـ “الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030″، مثل “السحابة أولاً” في محاولة لتحويل البحرين مركز بيانات إقليميًا وعالميًا وقال خالد حميدان الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين: ” يغير الاقتصاد الرقمي مختلف الصناعات، من التجارة الإلكترونية إلى الصناعة، ومن التمويل إلى السياحة.”
أصدرت المملكة العربية السعودية بياناتها الوطنية واستراتيجيتها للذكاء الاصطناعي في نوفمبر من العام الماضي، وأطلقت خلال هذا العام نظامًا جديدًا للدفع في الوقت الفعلي IPS، والذي سيسمح للمؤسسات المالية والشركات والأفراد بإجراء معاملات بين البنوك على مدار الساعة، مما يساعد على تعزيز الاستهلاك وتحسين كفاءة سلسلة إمداد النقود.
أنشأ المغرب وكالة للتنمية الرقمية تشمل الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر لتنسيق تنفيذ استراتيجية التنمية في البلاد في المجال الرقمي، وتقديم الدعم للتحول الرقمي للصناعات التقليدية، وتعزيز تعميم التكنولوجيا الرقمية في المجتمع كله.
زيادة تعميق التعاون مع الصين
قال أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادي المصري، إن عملية الرقمنة في الشرق الأوسط مستمرة في التسارع، ولكن لا تزال هناك فجوة رقمية ضخمة بالمقارنة مع بعض الدول. وأن دول منطقة الشرق الأوسط بحاجة بشكل عاجل إلى تعزيز التعاون مع الشركاء بما في ذلك الصين لتسريع تنمية الاقتصاد الرقمي.
لقد عززت الصين ودول الشرق الأوسط بنشاط التعاون الرقمي في السنوات الأخيرة، لا سيما في مجال إنشاء البنية التحتية الرقمية. وفي الوقت الحالي، وقعت شركة هواوي الصينية اتفاقيات تجارية حول شبكة الجيل الخامس 5G مع أكثر من 10 مشغلين للاتصالات في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين ودول أخرى. كما وقعت أكبر شركتي اتصالات في الإمارات العربية المتحدة اتفاقيات مع هواوي لنشر شبكة الجيل الخامس 5G لتوفير تغطية كاملة لشبكات 5G لمعرض دبي العالمي 2020 المؤجل. وخلال كأس العالم 2022، ستتعاون قطر فودافون مع هواوي لنشر شبكات 5G في العاصمة الدوحة ومناطق أخرى.
كما تعمل الصين ودول الشرق الأوسط على تعزيز التعاون باستمرار في مختلف المجالات مثل التمويل الرقمي، والرعاية الصحية الرقمية، والتكنولوجيا الرقمية، والتعليم عن بعد وتدريب المواهب الرقمية. وخلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، شاركت شركات التجارة الإلكترونية الصينية بنشاط في إنشاء المنصات والدفع عبر الهاتف المحمول وإدارة الخدمات اللوجستية وغيرها من التقنيات والخبرات مع العديد من البلدان في الشرق الأوسط، مما قدم مساهمات إيجابية لمساعدتهم على استئناف العمل والإنتاج. ووقعت وقعت شركة Tencent Cloud وهي الشركة المتخصصة لخدمات الحوسبة السحابية التابعة لشركة تنسنت، ولجنة التنمية الاقتصادية البحرينية رسميًا في مارس من هذا العام، مذكرة تفاهم بشأن التعاون لتعزيز تطوير صناعة مراكز البيانات المحلية وتكنولوجيا الحوسبة السحابية. وفي الوقت نفسه، ستنشئ شركة Tencent Cloud في البحرين، أول مركز بيانات للحوسبة السحابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل على الإنترنت في نهاية عام 2021.
واستجابة للتحديات الرقمية، عُقد مؤتمر أمن البيانات الصيني العربي بالفيديو في 29 مارس من هذا العام، وتم نشر “مبادرة التعاون في أمن البيانات الصينية العربية”، وأصبحت جامعة الدول العربية أول منطقة في العالم تنشر بشكل مشترك مبادرة أمن البيانات مع الصين.
قال كريم، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والعلوم البحرية في مصر، إن تعميق التعاون الرقمي بين الدول العربية والصين سيعزز بشكل أكبر تطوير التكنولوجيا الرقمية في دول المنطقة، ويسرع في تنمية الاقتصاد الرقمي الإقليمي. كما يشمل البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” إنشاء “طريق الحرير الرقمي”، ونتطلع إلى مواصلة تعزيز وتعميق البناء الرقمي والتعاون بين الطرفين.