في عيده المئوي: الحزب الشيوعي الصيني من منظور باحث و إعلامي كوردي
موقع الصين بعيون عربية-
عبدالله جبار شمس الدين*:
تأسس الحزب الشيوعي الصيني في شانغهاي في اول يوليو/ تموز عام1921 وهو طليعة الطبقة العاملة الصينية والممثل الصادق لمصالح الشعب الصيني من قومياته المختلفة والقوة المركزية التى تقود قضية الاشتراكية في الصين وهدفه النهائي هو اقامة المجتمع الشيوعي. اتخذ الحزب الشيوعى الصينى من الماركسية-اللينينية وافكار ماو تسي تونغ دليلا مرشدا له.
وقاد الحزب الشيوعى الصيني الشعب من قومياته المختلفة في خوض نضال ثوري طويل الأمد ضد الأمبريالية والاقطاعية والرأسمالية البيروقراطية وحقق الانتصار في الثورة الديمقراطية الجديدة وأسس جمهورية الصين الشعبية.
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب في تنفيذ سلس للتحويل الاشتراكي وحقق التحول من الديمقراطية الجديدة الى الاشتراكية وأنشأ النظام الاشتراكي وطور الاشتراكية في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة.
يعد هذا الحزب رمزا مهما و تجربة فريدة من نوعه, من حيث البعد الفكري و كذلك في الخلط بين مقارعة الاستعمار الرأسمالي من جهة و كذلك ايجاد تنمية مستدامة و اقتصاد قوي ممنهج راسخ, بعيدا عن النظريات الرأسمالية التي لا يسعني إلّا أن أسمّيها النظريات الجشعة في الاقتصاد وسيطرة السوق و الاحتكار العلمي وفي الانتاج وإغراق السوق, على حساب الإنسان.
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية, قاد هذا الحزب مسيرة طويلة وتاريخية من أجل ايجاد أرضية تنافسية مع الإقتصاد الغربي المسيطر الذي كان حتى وقت قريب بلا منافس حقيقي.. لكن ايجاد نموذج مختلف, و أرضية تنافسية وعقلية تنموية مختلفة, أتت بنتائج مهمة للغاية للجنس البشري, وليس للصينيين وحدهم.
سبق لي أن زرت الصين في أواخر سنة 2019 بدعوة رسمية للمشاركة في دورة فائقة الأهمية حول (الحوكمة في الدول العربية) كممثل عن اقليم كردستان/ العراق. استغرقت الدورة 21 يوما. بدأت في 9/10/2019 و انتهت في 31/10/2019 في مدينة (بكين) و كانت مليئة بالبرامج التثقيفية و العملية المهمة لغرض تنمية معرفتنا عن التجربة الصينية. وكنت قد اسجل جميع ملاحظاتي سواء بالكتابة او عن طريق التصوير و تسجيل فيديوهات عن مشاهداتي في تلك الجمهورية الفريدة التي أسسها الحزب الشيوعي الصيني.
وبعد هذه الدورة والعودة الى الوطن, بدأت البحث عن المصادر و المراجع الموثوقة عن التجربة الصينية, فأسست مكتبة صغيرة, لكنني خلال بحثي عن تلك المصادر, أدركت أن المكتبة العربية و كذلك المكتبة الكردية بحاجة ماسة الى تجهيزها بالمصادر حول الصين, وكذلك حول الحزب الشيوعي الصيني, لأن المصادر باللغتين الكردية و العربية شحيحة للغاية و لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أو اكثر بقليل! وهذا بحد ذاته فراغ معرفي لا يستهان به. على هذا الحزب العريق أن يعمل لسد هذه الفجوة الكبيرة, خصوصا و هو الآن يحمل مشروعا كبيرا للإنفتاح على دول و شعوب الشرق الأوسط.
في عيده المئوي, ماذا على الحزب الشيوعي الصيني أن ينجز؟
من خلال تسجيل ملاحظاتي و قراءاتي, استطيع أن أقول إنه بعد مرور مئة سنة على تأسيس هذا الحزب, وبالرغم من انجازاته الكبيرة على الصعيدين الداخلي الصيني والعالمي, لايزال هناك مهام كبيرة يجب القيام بها, من باب(مالا يتم الواجب الا به, فهو واجب).
انا اصنف تلك المهام على مستويين, الداخلي و العالمي.
فعلى الصعيد الداخلي, هناك مسيرة طويلة للارتقاء بالمستوى الاقتصادي و التنموي ونصيب الفرد السنوي حسب المعايير الدولية, و ايجاد بنية تحتية اكثر تنافسية و عميقة الجذور لغرض تجاوز الاقتصاد الغربي المتهالك. خصوصا بعد جائحة كورونا.
اجتياز هذه الجائحة و بالتفوق الكبير الذي رأيناه جميعا, دليل تفوق الاقتصاد الصيني والعقلية التنافسية للصينيين على مرأى من العالم أجمع.
الأداء الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي الصيني خلال وبعد الجائحة, أثبت أن النموذج الصيني قد تخطى جميع التوقعات السابقة واجتاز بنجاح النماذج المنافسة.. لكن هل وصلنا الى نهاية الطريق؟ بلا شك, لا!.
وعلى الصعيد العالمي, هناك مهام كبيرة تنتظر الصين. وأنا يسرني أن أقول إن البشرية محظوظة جدا, لأنها دخلت في مرحلة غاية في الأهمية وهي مرحلة بناء (الحزام والطريق) من قبل جمهورية الصين الشعبية. لأن بناء هذا (الحزام والطريق) يفتح آفاقاً عريضة امام البشرية للتقدم والازدهار والتنمية المستدامة.
تقوم مبادرة “الحزام والطريق” -النهج التنموي الذي تتبناه الصين- على إحياء طريق الحرير القديم؛ من أجل تعزيز الترابط والاعتماد المتبادل في ظل التغيرات الهائلة التي يشهدها العالم على مستوى الاقتصاد والتوازنات الجيوسياسية.
وتقول الكاتبة مهويش كاياني -في تقرير نشره موقع “موديرن ديبلوماسي” (modern diplomacy) الأميركي-إن الصين تسعى من خلال هذا المشروع للوصول إلى أسواق جديدة وتأمين سلاسل التوريد العالمية التي ستساعدها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وضمان الاستقرار الاجتماعي.
من خلال هذه المبادرة زادت الصين من مشاركتها في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة الماضية، وأقامت علاقات ودية مع مجموعة متنوعة من الدول، بما في ذلك تلك الموجودة على جوانب مختلفة من الانقسامات الإقليمية.
ويعتبر الشرق الأوسط من أكثر المناطق أهمية بالنسبة للصين، لأنه يقع على مفترق طرق 3 قارات مهمة، أوروبا وأفريقيا وآسيا. ويُعتقد أن كل هذه القارات مرتبطة بمشروع مبادرة الحزام والطريق الصيني.
وتقع هذه المنطقة أيضا عند تقاطعات طرق النفط التي تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للصين لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، وتمثل دول الشرق الأوسط الأسواق المحتملة للصين من حيث الموارد، وهي أيضا بوابة إلى الأسواق الأخرى في العالم.
لذلك تعمل الصين حاليا على زيادة مشاركتها الاقتصادية والإستراتيجية والدبلوماسية مع دول هذه المنطقة، ولا تخدم هذه الاستثمارات مصالح الصين فحسب، بل تخدم أيضا دول الشرق الأوسط التي تحلم بتطوير وتعزيز اقتصاداتها لدعم قاعدة الاستقرار الاجتماعي.
على ضوء ما تقدم, ولأن كوردستان تعتبر مجالا حيويا و سوقا صاعدا في منطقة الشرق الأوسط, اقترح:
1-الانفتاح على اقليم كوردستان و تأسيس مستويات عالية من التبادل الدبلوماسي و البعثات العلمية و الاعلامية والسياسية بين الجانبين. وفتح مكتب لحكومة كوردستان في بكين. بجانب وجود القنصلية الصينية في اربيل حاليا.
2-فتح قنوات اعلامية صينية باللغة الكردية, وهذا من اهم ما نحتاج اليه للتبادل الثقافي بين الجانبين(ضمن شبكة الصين الدولية). و كذلك اطلاق برنامج لترجمة المصادر الصينية الى الكردية وبالعكس. تجدر الاشارة الى تجربتي الشخصية في هذا المضمار, حيث قمت بأنشاء صفحة متواضعة لنقل المعلومات عن الصين باللغة الكردية على منصة الفيسبوك بإسم ( جين بةكوردي- اي الصين بالكردية) لاقت اقبالا كبيرا بالآلاف بين مستخدمي الفيسبوك.
3-تبني القضية الكردية وايجاد الحل المناسب لها من قبل الدولة الصينية, جنبا الى جنب مع القضية الفلسطينية.
4-فتح فروع للجامعات الصينية في كوردستان, و كذلك تأسيس جمعيات ومراكز ثقافية صينية في كوردستان وجمعيات الصداقة الكوردية الصينية.
5-مشاركة الشركات الصينية في الاستثمار الأوسع في البنى التحتية وفي السوق الكوردستاني, بالإتفاق مع حكومة كوردستان.
هذا ما نطمح اليه وننتظره من الحزب الشيوعي الصيني في عيد تأسيسه المئوي….
*كاتب و أعلامي كوردي – مواليد: 15/2/1979