سفراء ومسئولون من مصر والصين: شيطنة شينجيانغ هدفها احتواء الصين وعرقلة تقدمها
موقع الصين بعيون عربية-
محمود سعد دياب*:
الصين ومصر طريق واحد في التنمية ومحاربة الإرهاب
يجب عدم الأخذ بالاتهامات الغربية على محمل الجد ليس لماضيها الاستعماري البغيض لكن لانتهاكها حقوق الإنسان بالعراق وأفغانستان
لا يمر شهر واحد إلا وتجد منطقة شينجيانغ الصينية قد صعدت على مسرح الأحداث العالمي، وتصدرت تريندات وسائل التواصل الاجتماعي بناءًا على تحرك غربي سواء عن طريق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو نشر تقارير تتهم الحكومة الصينية بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان في شينجيانغ من اضطهاد للمسلمين إلى التعذيب بمراكز التدريب وصولًا إلى العمل القسري وإجبار المواطنين على العمل في ظروف غير آدمية وبدون مقابل بمزارع القطن والقمح.
عن تلك التفاصيل نظمت سفارة الصين بالقاهرة ندوة افتراضية حضرها مسئولون من حكومة شينجيانغ ذاتية الحكم، وخبراء ومسئولون من مختلف المشارب.
السفير الصيني: شينجيانغ مهمة منذ فجر التاريخ
قال سفير الصين بالقاهرة لياو ليتشيانغ، إن منطقة شينجيانغ لها أهمية منذ فجر التاريخ حيث كانت حلقة الوصل على طريق الحرير القديم بين الصين ودول العالم، عندما انضمت رسميًا للإمبراطورية الصينية عام 60ق.م، مضيفًا أن جهود التنمية الآن تسير هناك على قدم وساق لكي يتحول شكل المنطقة، وأن ذلك لم يعجب بعض القوى الغربية التي لا تريد الخير للصين، لكن كان الوضع يعجبها عندما كان الإرهاب يعج في شينجيانغ حتى وصلت الهجمات الإرهابية للعاصمة بكين، مشيرًا إلى أن الهدف من الدعاية الغربية بخصوص شينجيانغ هو احتواء الصين بكل السبل من خلال شينجيانغ، والتقليل من علاقاتها الاقتصادية والتنموية بالدول العربية والإسلامية بحجة أن الصين تضطهد المسلمين، وبالتبعية عرقلة التنمية بالصين، وأن دول الغرب حاربت العراقيين في 2003 بناءً على حجج وذرائع ليس لها أساس من الصحة أيضًا، وحاربت السوريين بناءً على صور مفبركة، وأن شينجيانغ تعيش حاليًا أفضل مراحل حياتها.
وأضاف السفير الصيني، أن مصر هي الأخرى عانت من الإرهاب والهجمات الإرهابية، خصوصًا بعد ما يسمى بأحداث الربيع العربي، لكنها استطاعت مواجهته ومحاصرته حتى دحره، مستخدمة التنمية كسلاح أساسي في تلك المعركة، وهو نفس السلاح الذي لجأت له الصين في شينجيانغ، موجهًا شكره لمصر والرئيس عبد الفتاح السيسي للمواقف الداعمة لبلاده بالمحافل الدولية ست مرات منذ عام 2019 حتى الآن، ورفض التدخل في شئون الدول بذرائع حقوق الإنسان، وهو نفس ما أكده الرئيس السيسي خلال اتصاله بنظيره الصيني شي جين بينغ في اتصال هاتفي يوم 19 فبراير الماضي، وأن الصين بالمقابل تدعم حق مصر والدول النامية في التنمية وفقًا لظروفها المحلية.
رئيس حكومة شينجيانغ: جففنا منابع الإرهاب مع تحسين معيشة الناس
فيما أكد إركين تونياز نائب رئيس حكومة شينجيانغ، أن زيارته للقاهرة عام 2017 تركت انطباعًا عميقًا في قلبه، وأنه وقتها عرف قدر التعاون الثقافي والتعليمي والاقتصادي الكبير بين مصر والصين، مضيفًا أن شينجيانغ حققت إنجازات غير مسبوقة من ناحية الاستقرار والتنمية الاقتصادية، وعبر الناس عن تلك الحالة بأغنية مشهورة جدًا هناك اسمها “شينجيانغ أرض جميلة”، ونسوا الخسائر البشرية والمادية التي لا تحصى بسبب العمليات الإرهابية التي اختفت من المنطقة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف، بعد تنفيذ سياسة صارمة لتجفيف منابع الإرهاب ومحاربة الفكر المتطرف جنبًا إلى جنب مع تحسين معيشة الناس وإكسابهم مهارات وحرف جديدة من خلال مراكز التدريب، موضحًا أن متوسط دخل الفرد بالمدن قد زاد لـ35 ألف يوان سنويًا بنسبة 7.5%، وفي القرى لـ25 ألف يوان سنويًا بنسبة 3.4% مقارنة بما كان الحال عليه عام 2010، وأنه رغم انتشار وباء كورونا فقد زاد عدد قطارات البضائع بين شينجيانغ وأوروبا لـ4000 قطار في عام 2020، وأنه بفضل إجراءات الحكومة الإصلاحية تم إنقاذ 3 ملايين شخص من تحت خط الفقر، وضمان تأمين شامل للغذاء والكساء والتعليم والتأمين الصحي حيث تم توفير فحص طبي مجاني لـ 99.7% من الأهالي.
وأشار إلى أن الحكومة أنفقت 70% من ميزانيتها على التنمية والبناء خلال آخر خمس سنوات، حيث تم بناء 1.3 مليون وحدة سكنية جديدة بالمدن، و160 ألف بالقرى وترميم 1.5 مليون وحدة بالأماكن العشوائية، فضلًا عن توفير مياه شرب آمنة ونظيفة، وتوفير تعليم مجاني لأطفال مناطق الشمال الغنية حتى سن التاسعة وفي الجنوب الفقير من الموارد حتى سن 15 سنة، مضيفًا أن المنطقة تضم 10 معاهد دينية إسلامية يلتحق بها أكثر من ألف طالب سنويًا، وأنه تم طباعة القرآن الكريم باللغة الأويغورية ولغات القوميات الأخرى مثل القرغيز والطاجيك والأوزبك، مع كتب دينية أخرى مثل صحيح البخاري.
ولفت نائب رئيس الحكومة إركين تونياز، إلى أن الغرب يحاول شيطنة شينجيانغ على غير الحقيقة، وأن مراكز التدريب يتم تكريم الفرد فيها ومنحه حق الطعام والتعليم مجانًا فضلًا عن حرية الاعتقاد الديني واستخدام لغة قوميته وعاداتها وتقاليدها، مشيرًا إلى أن قصة العمل القسري في حقول القطن والقمح هذه غير حقيقية لأن هناك قانون عمل يحكم العامل وصاحب العمل ويحمي حقوق كل طرف والحكومة تراجع هذه العقود.
تحية صينية للشيخ الطيب
أما ماماتين عبدالله وهو معلم يعمل بالمعهد الديني في شينجيانغ، فقد قال إنه يعشق مصر والمصريين ويعلم مدى طيبتهم وكرمهم منذ أن كان يدرس الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، موجهًا التحية لأساتذته وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأن المعاهد الدينية بشينجيانغ تخرج سنويًا أئمة وخطباء ورجال دين وآخرون يعملون في مهن تخدم المسلمين وتلبي احتياجاتهم مثل الأنشطة الدينية والذبح على الطريقة الإسلامية، مضيفًا أن الأنشطة الدينية تمارس بشكل كامل بمساجد شينجيانغ وأهمها الصلوات الخمس، وفي شهر رمضان الماضي كانت تقام صلاة التراويح، مستنكرًا ما يقال بأن الصين تريد القضاء على الإسلام، وأنها لو كانت كذلك لما أرسلته للدراسة بالأزهر الشريف أو عينته معلم بالمعهد الديني الذي يعلم الطلبة روح الإسلام الوسطي المتسامح فضلًا عن حب الوطن والسلام.
السفير عزت سعد: الغرب أول من انتهك حقوق الإنسان
وقال السفير عزت سعد مدير المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الحملة ضد الصين مرتبطة بصعودها كأكبر قوة تجارية ورؤيتها في الحوكمة وعدم التدخل في شئون الدول الداخلية، موضحًا أن الإدارة الأمريكية السابقة والحالية أعادتا العالم لحرب الاستقطاب وزمن الحرب الباردة بالقرن الماضي، متناسيين أن هناك مشاكل تواجه العالم تستدعي التعاون بدلا من الصراع، مثل تغير المناخ والإرهاب العابر للحدود، مطالبًا بعدم الأخذ بالاتهامات الغربية على محمل الجد، ليس فقط لماضيها الاستعماري البغيض لكن لانتهاكها حقوق الإنسان التي لم تكن مهمة في حربها بالعراق 2003 وأفغانستان 2001، متسائلًا عن أسباب صمت واشنطن ونخبها السياسية والكونجرس على اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل لانتهاكها حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين منذ سبعة عقود، وأيضًا جرائم دول حليفة لها ضد السكان الأصليين منوهًا باكتشاف مقابر جماعية لأطفال هؤلاء في كندا مؤخرًا.
وأضاف السفير عزت سعد، أن أمريكا أبادت شعب أرخبيل موريشيوس عندما استأجرته من بريطانيا التي كانت قد استعمرته، وذلك بهدف إقامة قاعدة عسكرية هناك تخزن فيها الأسلحة والنفايات النووية، مضيفًا أن كل دولة يجب أن تسعى في إطار القانون الدولي لحماية حقوق الإنسان على أرضها ثقافيًا وسياسيًا في غطار احترام قيم وتقاليد الدولة ومحددات أمنها القومي، وأن هناك دولًا اعتقدت أن العناية الإلهية قد اختارتها للدفاع عن حقوق الإنسان عند الغير في حين أنها أول من ينتهكها.
وقال السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية السابق، إنه زار شينجيانغ 3مرات ويعلم حجم الاهتمام الذي أولته الدولة بتلك المنطقة لتنميتها، مشيرًا إلى أن مصر والصين متوحدتان خلف هدف واحد هو محاربة الإرهاب والتنمية. فيما قال أحمد سلام المستشار الإعلامي السابق بسفارة مصر في الصين، إن حركة التجارة بشينجيانغ قفزت بنسبة 15% بعد حركة التنمية التي شهدتها بنيتها التحتية من سكك حديدية وطرق سريعة تربط المدن.
وأكد الدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية، أنه يجب احترام حق كل دولة في اختيار نموذجها التنموي والسياسي، مضيفًا أن الصين وفرت فرصًا لأقاليمها الداخلية ومقاطعاتها للتواصل مع الخارج بشكل مباشر وهي خطوة جريئة أسرعت بقطف ثمار التنمية، مشيرًا إلى أن ميناء كاشغار البري سيكون نقطة ربط مهمة على طرق التجارة بين شينجيانغ ودول وسط آسيا حتى غرب أوروبا.
*صحفي مصري بمؤسسة الأهرام وباحث متخصص بالشؤون الصينية