نموذج جديد وزخم كبير ومجالات عديدة للتعاون …معرض الصين والدول العربية يرسخ الثقة المتبادلة
وكالة أنباء شينخوا-
مقالة خاصة:
التقى مسؤولون حكوميون وسفراء ورجال أعمال وغيرهم من الأصدقاء الصينيين والعرب في معرض الصين والدول العربية الذي تنعقد دورته الخامسة في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس/ آب الجاري في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين، هادفين إلى تحقيق الدفع المشترك للتعاون عالي الجودة بين الصين والدول العربية في بناء “الحزام والطريق”.
في ظل المكافحة العالمية لكوفيد-19، يقدم المعرض الجاري نموذجا جديدا للتعاون كما يتيح فرصة لاستكشاف المزيد من مجالات التعاون ليعطي بذلك زخما كبيرا للعمل التنموي المشترك بين الجانبين الصيني والعربي. فقد سجلت أكثر من 1000 شركة محلية وأجنبية للمشاركة فيه كعارضين في فعاليات افتراضية وعلى أرض الواقع، حيث قال منظمو المعرض في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء إن ما إجماليه 239 شركة تعرض أحدث منتجاتها وابتكاراتها في معارض فعلية تغطي مساحة تبلغ حوالي 12000 متر مربع.
وتتركز الفعاليات الحضورية على الرعاية الصحية والطاقة النظيفة والمواد الجديدة والاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية عبر الحدود. كما ستقيم الشركات المشاركة عددا كبيرا من المعارض عبر الإنترنت ارتكازا على تقنيات مثل 5G والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية.
ومن جانبه، قال دينغ لونغ، الأستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إن “هذه الترتيبات تعد بمثابة مقاييس للتحديث المستمر لمبادرة ‘الحزام والطريق’ في حقبة ما بعد الجائحة، الأمر الذي يشير إلى مجالات نمو جديدة في القطاعات المدعومة بالتكنولوجيا — بحيث لا يقتصر التعاون على البنية التحتية والقدرة الإنتاجية — فضلا عن مكاسب تعاون جديدة للجانبين”.
تعد الصين والدول العربية، اللتان ربط بينهما طريق الحرير القديم في قديم الزمان، شركاء طبيعيين للتعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، ويتمتع الجانبان بتكامل ملحوظ. وحتى الآن، وقعت الصين وثائق تعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق” مع 19 دولة عربية وجامعة الدول العربية.
وكانت أكثر من 5000 شركة من أكثر من 110 دول ومناطق قد شاركت في الدورات الأربع السابقة من معرض الصين والدول العربية. وفي هذا الإطار، قال ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي-الصيني للتنمية في المغرب، في مقابلة معه مؤخرا “إن معرض الصين والدول العربية أصبح منصة فعالة ومفيدة للتعاون، ويلعب دورا متزايد الأهمية في تعزيز التبادلات رفيعة المستوى ونشر المعلومات وتبادل الخبرات واكتشاف فرص الأعمال بين الصين والدول العربية”.
وأعرب بوشيبة عن أمله في أن تغتنم الحكومات والمؤسسات التجارية العربية هذه الفرصة الجيدة لفهم السوق الصينية بشكل كامل، والعمل بنشاط على تسويق منتجات عالية الجودة، وترسيخ الثقة المتبادلة عالية الدرجة، والعمل عن كثب مع المستثمرين الصينيين لتطوير سوق واسعة يدا بيد.
وسوف تستضيف المغرب والإمارات العربية المتحدة، باعتبارهما ضيفتي شرف المعرض، أحداثا حضورية وافتراضية لعرض ما تتمتعان به من ثقافات وتقنيات، حسبما قال تشانغ لي وي نائب رئيس مديرية المعارض بمنطقة نينغشيا في مؤتمر صحفي.
وقد وصفت الخبيرة المغربية الباتول نجاوي، وهي أحد ضيوف المعرض في دورته الحالية، المعرض بأنه منصة هامة للصين والدول العربية لتحقيق البناء المشترك لـ”لحزام والطريق”، لافتة إلى أنه “مع المضي قدما في تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، أصبح الأصدقاء العرب يعرفون الصين بشكل أفضل، كما أن المنتجات العربية صارت معروفة بشكل أكبر لدى الأصدقاء الصينيين”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه في عام 2020، بلغ إجمالي حجم التجارة بين الصين والدول العربية 239.8 مليار دولار أمريكي رغم تأثير الجائحة. وهذا دليل على القدرة الكبيرة على المرونة والصمود، والإمكانات، والإنجازات الملموسة للتعاون الصيني-العربي.
وعن مدى اهتمام العرب بالسوق الصينية، قال أمير حسون الذي يدير شركة متخصصة في تصنيع الصابون العضوي وتعتبر مشاركة شركته في المعرض هي الثالثة على التوالي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن “الصين من أهم الأسواق في العالم، كما إنها سوق ممتازة لمنتجاتنا”. وأعرب عن أمله في أن تكتسب شركته سمعة أكبر في الصين وتتواصل مع المستوردين المشاركين في المعرض من دول مختلفة.
وبالإضافة إلى فعالياته الحضورية، انطلقت فعاليات المعرض عبر الإنترنت، قبيل انعقاد الدورة الخامسة من معرض الصين والدول العربية، ما شكل منصة “سحابية” للتعاون بين الصين والدول العربية، والدول الواقعة على طول “الحزام والطريق”. وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم فعاليات عبر الإنترنت على هامش معرض الصين والدول العربية، والتي من المتوقع أن يشارك فيها مئات الآلاف من رجال الأعمال والتجار عبر الإنترنت.
وفي هذا الصدد، قال تشانغ جين هونغ، رئيس مديرية المعارض في منطقة نينغشيا، إن فعاليات المعرض عبر الإنترنت ستركز على تشارك الفرص التنموية الجديدة والمنجزات الجديدة للاقتصاد الرقمي، إضافة إلى البحث في ظل جائحة كوفيد-19 عن فرص جديدة للتعاون في إطار “الحزام والطريق” وغيره من الأطر.
كما ذكر الإعلامي والمتخصص في الشأن الاقتصادي الدكتور ناصر أبو عون من سلطنة عمان أن “المشاركة في المعرض بحد ذاتها مكسب كبير، فكما هو معروف أن هذا المعرض يشهد مشاركة دولية كبيرة ورفيعة المستوى”، مشيرا إلى أنه قد تم توقيع أكثر من 936 مشروعا تعاونيا خلال الدورات الأربع السابقة منه، “وهذا يوضح كيف أصبح المعرض فرصة عظيمة لكل المشاركين به”.
وخلال مكافحة كوفيد-19، قدمت الصين والدول العربية للعالم نموذجا يحتذى به في التكاتف معا. وحول هذا التآزر، أعربت الباتول نجاوي عن ثقتها بأن هذه الدورة من المعرض ستدفع توسيع النموذج الجديد للتعاون بين الجانبين في ظل الجائحة، سواء في تطوير أعمال تجارية جديدة أو في تعزيز مجالات تعاون جديدة بهدف تحقيق التنمية المشتركة.
وأكدت أن “الجائحة لم تعرقل التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك بين الصين والدول العربية”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن “المعرض يتيح فرصا جديدة لتعميق التعاون الصيني العربي، كما أنه سيعطي ثقة وزخما قويين لانتعاش الاقتصاد العالمي”.