محاولة “التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد الهندي .. بين الخيار الاقتصادي والجيوسياسي
صحيفة الشعب الصينية-
تعليقات الشعب:
كشفت وسائل الإعلام الأجنبية مؤخرا، عن أن جزء من استثمارات شركة “جريت وول للسيارات” الصينية البالغة مليار دولار قد تم إعادة توزيعه إلى البرازيل بسبب تجميد الهند موافقة استثمار الشركة على اراضيها لفترة طويلة. ومن عام 2020 إلى الوقت الحاضر، تشجع الحكومة الهندية بقوة ” التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد، محاولة الانفصال عن الصين اقتصاديا. وقد أثر هذا القرار على استثمارات شركة “جريت وول للسيارات” المذكورة أعلاه.
يعتقد ليو زونغ يي، الأمين العام لمركز أبحاث التعاون بين الصين وجنوب آسيا التابع لمعهد شنغهاي للدراسات الدولية، أن سياسة الحكومة الهندية المتمثلة في” التخلص من الخصائص الصينية” سلوك منهجي للحكومة بأكملها والمجتمع بأسره، وعلى الرغم من أن النتائج ليست جيدة، إلا أن الهدف واضح للغاية، وهو تقييد الشركات الصينية وقمعها وحظرها من رأس المال والسلع والتكنولوجيا والمعايير، وفصلها عن الاقتصاد الصيني. على سبيل المثال، منع الشركات الصينية من المشاركة في العطاءات الخاصة بمشاريع الحكومة الهندية، وإجراء مراجعات حكومية للاستثمارات الصينية، وحظر ما يقرب من 300 تطبيق بخلفيات صينية، كلها أمور تهدف إلى تقييد رأس المال الصيني وقمعه. ويهدف فرض رسوم مكافحة الإغراق على مجموعة متنوعة من السلع الصينية المصدرة إلى الهند، وزيادة الرسوم الوقائية على الخلايا والوحدات الشمسية المستوردة، بما في ذلك إدراج أجهزة التلفاز الملونة المستوردة في قيود، ومكيفات الهواء في الفئة المحظورة إلى تقييد وحظر المنتجات الصينية. وإن رفض شركة الاتصالات الهندية المملوكة للدولة استخدام معدات هواوي لتحديث الشبكة، ورفض الحكومة الهندية لمشاركة الشركات الصينية في تجارب الجيل الخامس وغيرها هو رفض للتكنولوجيا والمعايير الصينية.
كما تم مراعاة توقيت ترويج الحكومة الهندية لـ ” التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد بعناية. وقد كانت الخلافات التجارية بين الصين والهند قائمة منذ سنوات عديدة، لكن من الواضح أن طلب الهند على الصين خفض عجزها التجاري قد زاد بعد أن شنت إدارة ترامب حربًا تجارية مع الصين. ويعتقد الجانب الهندي أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستؤدي حتمًا إلى تنقل السلسلة الصناعية العالمية وسلسلة التوريد، وبالتالي قامت الهند بإقناع بعض الشركات متعددة الجنسيات بنشاط لنقل قواعد إنتاجها في الصين إلى الهند. وفي بداية تفشي الوباء العام الماضي، اعتقد العديد من الهنود أن فرصة “صنع في الهند” النادرة قد أتت.
ولكن من المفارقات، أن سياسة “التخلص من الخصائص الصينية” الاقتصادية للحكومة الهندية لم تحقق نتائج مهمة، فعلى مدار العام الماضي، لم ينخفض اعتماد الهند الاقتصادي على الصين بل ازداد. ففي عام 2020، تتفوق الصين على الولايات المتحدة مرة أخرى لتصبح أكبر شريك تجاري للهند. وفي الأشهر الستة الأولى من هذا العام، زاد حجم التجارة بين الصين والهند بنسبة 62.7٪ على أساس سنوي. ما يدل على أن سياسة “التخلص من الخصائص الصينية” الاقتصادية للحكومة الهندية فاشلة، ومن الصعب أن ينفصل الاقتصاد الهندي عن الصين. لكن العديد من الهنود لا يعتقدون ذلك. وقال ساهي، المدير العام والرئيس التنفيذي لاتحاد منظمات التصدير الهندية: “معظم الاقتصادات كانت مغلقة العام الماضي … لا تزال تعمل المصانع الصينية فقط، لذا تظل الواردات من الصين مرنة. لكن هذه ظاهرة قصيرة المدى.”
يعكس الموقف المستمر للحكومة الهندية للترويج لـ “التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد تفكير التنمية الاقتصادية لصانعي السياسة الهنود، كما يكشف بعمق عن مصالح الكتلة الحاكمة الهندية.
أولاً، يُظهر الترويج القوي لـ ” التخلص من الخصائص الصينية” أن الحكومة الهندية تنتهج بشكل أساسي استراتيجية استبدال الواردات، وإنهم يريدون تطوير “صنع في الهند” ليحل محل “صنع في الصين”، بهدف تحقيق ما يسمى “الاعتماد على الذات”. وعلى الرغم من أن الهند تدعي أنها السوق الأكثر انفتاحًا في العالم وتأمل أن تزيد الدول الغربية من الاستثمار في الهند، لكن، بموجب سياسة الحماية التجارية الثابتة، ستطرد الشركات الأجنبية الأخرى أيضاً بمجرد أن يحين الوقت.
ثانيًا، تأمل الحكومة الهندية في الاستفادة من التناقضات بين الصين والولايات المتحدة والاعتماد على الاخيرة والغرب في التنمية الاقتصادية، بدلاً من الاندماج في سلسلة القيمة العالمية الآسيوية الحالية والسلسلة الصناعية التي تتمحور حول الصين. كما تفكر الهند في نقل سلسلة القيمة العالمية والسلسلة الصناعية إلى أراضيها بمساعدة الولايات المتحدة والغرب، واستبدال مكانة الصين في الاقتصاد العالمي. وهذا ليس خيارًا اقتصاديًا رئيسيًا فحسب، ولكنه أيضًا خيار جيوسياسي رئيسي.
ثالثاً، يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية للحكومة الهندية في الحفاظ على مصالح اتحاد احتكار طبقة ” بانيان ” التي يمثلها مودي وشاه وتوطيدها. وفاز مودي في الانتخابات العامة بشعار التنمية الاقتصادية، لكن سياسات التنمية الصناعية اللاحقة، مثل خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وسياسة “التخلص من الأوراق النقدية”، كلها أفادت تطوير اتحاد بانيان الاحتكاري، بدلاً من تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وخلقت التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والهند عددًا كبيرًا من العمال الصناعيين والتجاريين الصغار ومتوسطي الحجم والطبقة الوسطى في الهند، ومن المرجح أن يهدد نموهم مصالح احتكار بانيان. ويمكن أن يؤدي السعي وراء “التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد إلى حماية صناعات احتكار بانيان من المنافسة. كما يمكنهم استخدام الوسائل السياسية للاستيلاء على حصة سوقية أنشأتها الشركات الصينية في الهند لم تكن لديهم من قبل. ويتجلى هذا بشكل بارز في حظر الحكومة الهندية للتطبيقات الصينية.
لذلك، قد يكون من الصعب تغيير سياسة “التخلص من الخصائص الصينية” في الاقتصاد تماماً، على الرغم من أن اقتصاد الهند يواجه صعوبات حاليًا.