وزير الخارجية الصيني يدعو إلى تعاون أقوى بين دول الجوار الأفغاني من أجل سلام وإستقرار دائمين
قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن الصين مستعدة للعمل مع جميع دول الجوار الأفغاني لتعزيز التنسيق والتعاون في القضايا المتعلقة بأفغانستان، من أجل المساعدة في تحقيق سلام وإستقرار دائمين في البلاد.
أشار وانغ في رسالة فيديو للإجتماع الثاني لوزراء خارجية دول الجوار الأفغاني يوم الأربعاء، إلى أن الاجتماع الأول لوزراء الخارجية الذي عقد في سبتمبر/ أيلول كان خطوة مبتكرة، حيث أطلق المشاركون آلية تنسيق وتعاون بين دول الجوار الأفغاني بشكل رسمي، وأصدروا بياناً مشتركاً يغطي نطاقاً واسعاً من القضايا.
قال وانغ إن الدول توصلت خلال الاجتماع إلى توافق سياسي للعمل معا لمواجهة التغيرات التي يشهدها الوضع الأفغاني، وأظهرت دورها الفريد بصفتها دول جوار، وأوضحت مخاوفها المنطقية، مضيفا أن الاجتماع جذب انتباه المجتمع الدولي بشكل كبير.
أشار وانغ إلى أن الصين مستعدة للعمل مع جميع دول الجوار الأفغاني، بناء على اجتماع وزراء الخارجية الأول، لإعطاء الدور الكامل لمزاياها ونقاط قوتها وتفردها والتعاون كدول مجاورة لأفغانستان، من أجل المساعدة في ضمان سلام واستقرار دائمين في أفغانستان.
أشار وانغ إلى أن أفغانستان تمر بمرحلة حاسمة لتحويل الاضطرابات إلى نظام، وتواجه الآن تحديات وفرص وصعوبات وآمال. وتأمل جميع الدول، بصفتها دول الجوار، أن ترى أفغانستان تتمتع بالسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية والانسجام العرقي وحسن الجوار.
وذكر أن المجتمع الدولي أعرب حديثا عن توقعاته ومخاوفه إزاء تطور الوضع في أفغانستان، على سبيل المثال، من خلال اجتماع صيغة موسكو الذي عقد الأسبوع الماضي.
وأكد وانغ أنه في ظل الظروف الحالية، يتعين على جميع دول الجوار الأفغاني، بناء على احترام سيادة أفغانستان واستقلالها وسلامة أراضيها والالتزام بمبدأ “الأفغان يقودون، الأفغان يمتلكون”، تعزيز التنسيق والتعاون في القضايا المتعلقة بأفغانستان، من أجل إنهاء الفوضى واستعادة الاستقرار في البلاد ومنع تداعيات المشكلة الأمنية ومساعدة البلاد في المضي في طريق نحو حوكمة جيدة.
وفي هذا الصدد، قدم كبير الدبلوماسيين الصينيين أربعة مقترحات.
أولا، المشاركة بفعالية وتقديم التوجيه. قال وانغ إن جميع الأطراف يجب أن تولي أهمية للفرصة المتمثلة في أن الحكومة الأفغانية المؤقتة قابلة للتكيف وللتشكيل، وأن تتواصل وتجري محادثات معها بطريقة عقلانية وبراجماتية لزيادة الثقة المتبادلة والتأثير بشكل إيجابي. ويتعين على دول الجوار تشجيع أفغانستان على اتخاذ موقف سياسي واسع النطاق وشامل، وتبني سياسات محلية وأجنبية معتدلة ومتعقلة، وحماية الحقوق والمصالح الأساسية للأقليات القومية والنساء والأطفال، ومحاربة الإرهاب بقوة، واتباع سياسات حسن الجوار والصداقة والتعاون.
قال وانغ إن وجود بعض الاختلافات بين الدول المجاورة أمر طبيعي، لكن المواجهة لن تؤدي إلى حل مستدام، مشيرا إلى أن الطريق الصحيح هو التطلع إلى الأمام واستيعاب مخاوف بعضنا البعض المنطقية والسعي إلى تعايش سلمي.
ثانيا، توسيع التنسيق متعدد الأطراف. دعا وانغ دول المنطقة إلى زيادة التعزيز المتبادل وبناء التضافر بين مختلف الآليات الخاصة بأفغانستان، ودعم الأمم المتحدة كمنسق رئيسي في مجالات مثل الحفاظ على الاستقرار ومنع الفوضى وتقديم المساعدة الطارئة.
كما حث وانغ الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى على تحمل مسؤوليتها الأساسية في مساعدة أفغانستان على الخروج من المشقة إلى الحيوية، ولا سيما في الوقت الحالي فيما يتعلق برفع العقوبات الأحادية عن أفغانستان لاستخدام أصولها الحكومية لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب في أسرع وقت ممكن. وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية تحتاج أيضا إلى تكثيف التنسيق وتوفير المزيد من اللقاحات والإمدادات الطبية ومعدات الحماية لأفغانستان للسيطرة على انتشار كوفيد-19 في وقت مبكر.
ثالثا، تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب. ولفت وانغ إلى أنه لا ينبغي لجميع الأطراف تشجيع السلطة الأفغانية الجديدة على الانفصال التام عن القوى الإرهابية فحسب، ولكن أيضا ينبغي دعمها في مكافحة جميع المنظمات المتطرفة والإرهابية بشكل مستقل وحازم وفعال، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وحركة تركستان الشرقية الإسلامية.
كما اقترح التفكير بإيجابية في إجراء حوارات ثنائية ومتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب والتعاون مع أفغانستان في الوقت المناسب وتشكيل جبهة موحدة ضد الإرهاب من خلال منصات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون.
رابعا، تعزيز السلام وإعادة الإعمار. وقال الدبلوماسي الصيني البارز إنه يتعين على دول الجوار اتخاذ إجراءات منسقة وقوية لزيادة التبادلات الاقتصادية والتجارية بشكل مطرد مع أفغانستان، واستكشاف ارتباطية البنية التحتية، ومساعدة أفغانستان على المشاركة في التعاون في البناء المشترك للحزام والطريق، وحث البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على النظر في كيفية استئناف الدعم المالي لأفغانستان، بهدف مساعدة البلاد في المضي في طريق التنمية السليمة.
وقال وانغ إن الصين، باعتبارها دولة رئيسية مسؤولة وجارة لأفغانستان، لطالما لعبت دورا بناء في قضية أفغانستان. وفي الاجتماع الأول لوزراء الخارجية، أعلنت الصين عن مساعدات إنسانية طارئة لأفغانستان بقيمة 200 مليون يوان (أكثر من 31.2 مليون دولار أمريكي). وقد وصلت الدفعة الأولى من الإمدادات إلى كابول وجار تسليم الباقي على قدم وساق. وأضاف أن الصين ستواصل تقديم الدعم والمساعدة للشعب الأفغاني بكل طاقتها.
ونوّه إلى أن الصين ستعمل مع جميع الأطراف لتعزيز التقدم السليم والمستمر لآلية التنسيق والتعاون بين جيران أفغانستان، وستلعب دورا إيجابيا في مساعدة الشعب الأفغاني في تحقيق حياة آمنة وسعيدة وتحقيق السلام والتنمية في أقرب وقت.
وأكد المشاركون في الاجتماع الثاني لوزراء الخارجية أن الوضع الحالي في أفغانستان يمر بمرحلة حرجة، وأنه يتعين على دول الجوار والدول المهمة في المنطقة تنسيق مواقفها في الوقت المناسب واتخاذ الإجراءات اللازمة للاضطلاع بدور أكبر.
وأشاروا إلى أنه يتعين على تلك الدول المسؤولة بشكل رئيسي عن المأزق الحالي في أفغانستان أن تفي بالتزاماتها بجدية حقيقية وأن تقدم المساعدة التي تمس الحاجة إليها لأفغانستان.
وعلى أساس احترام استقلال أفغانستان وسلامة أراضيها، ينبغي على المجتمع الدولي المشاركة بنشاط في أفغانستان وإجراء محادثات معها وتشجيعها وتوجيهها لتشكيل حكومة شاملة وتنفيذ سياسات محلية وأجنبية معتدلة ومتعقلة، من أجل الوفاء بجدية بالتزاماتها تجاه محاربة الإرهاب بحزم وحماية حقوق النساء والأطفال والأقليات العرقية والعيش في وئام مع دول العالم الأخرى، وخاصة دول الجوار، حسبما ذكر المشاركون.
كما دعوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية الطارئة لأفغانستان، وتعميق التعاون الاقتصادي والارتباطية مع أفغانستان، ومساعدة أفغانستان في تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة البناء الاقتصادي.
وعُقد الاجتماع في العاصمة الإيرانية طهران، عبر الإنترنت وعلى أرض الواقع، برئاسة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. وألقى محمد مخبر النائب الأول للرئيس الإيراني كلمة افتتاحية، كما ألقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلمة عبر الفيديو.
وحضر الاجتماع نائب رئيس الوزراء التركماني ووزير الخارجية رشيد ميريدوف ووزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي ووزير الخارجية الطاجيكي سيروج الدين محي الدين ووزير الخارجية الأوزبكي عبد العزيز كاملوف. وألقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كلمة عبر رابط فيديو. كما حضر الاجتماع يويه شياو يونغ المبعوث الخاص للشؤون الأفغانية في وزارة الخارجية الصينية. وصدر بيان مشترك عقب الاجتماع، إذ أنه وفقا لتوافق جميع الأطراف، سيعقد الاجتماع الثالث لوزراء الخارجية في الصين عام 2022.