موقع متخصص بالشؤون الصينية

كلما تعقد الوضع كلما دعت الضرورة لإستغلال الفرص

0

صحيفة الشعب الصينية:

تمر الصين في الوقت الحالي بمرحلة الفرص الإستراتيجية الهامة من مسيرة الإصلاح و التنمية. و قد أشار المؤتمر المركزي للأعمال الإقتصادية إلى أنه رغم الوضع الإقتصادي العالمي المعقد لهذا العام، إلا أنه يحتوي على عدة فرص. وبقدرما كان الوضع متأزما ومعقدا بقدرما ازدادت أهمية إلتقاط الفرص. ويتمكن من إلتقاط أكبر قدرمن الفرص سيكون في وضع متقدم، و إذا حصل العكس فستؤدي إلى السلبية و التخلف. لذا، فإن كيفية إلتقاط الفرص تستحق منا مزيدا من التفكير و البحث.

التحكم في قوانين الفرص و كيفية التعرف عليها. تبدو الفرص و كأنها ظواهر فجئية لكن إذا تأملنا بدقة و إستعملنا التحليلات العلمية، فإنه بإمكاننا أن نتوصل إلى قانون تطور وتغير الفرص داخل تعقيدات الظواهر الإجتماعية و إكتشاف حتميتها. أولا، شمولية الفرص؛ توجد الفرص في مختلف المناطق، و تتوفر الفرص في كامل مراحل التطور الإقتصادي والإجتماعي، كما أن كل مجال بإمكانه أن يوفر فرصا للتطور الإقتصادي و الإجتماعي. ثانيا، تعقد الفرص؛ توجد الفرص دائما في خلفية الظواهر العادية، لكنها عادة ما تكون متخفية، و إذا لم ننتبه جيدا فإنه بالإمكان أن نخطئها، في ذات الوقت توجد الفرص جنبا إلى جنب مع المخاطر و التحديات. ثالثا، توقيت الفرص؛ الفرص لديها شروطها الزمنية، مثل ما يقول المثل “الفرصة قد لاتتكرر”.رابعا، الثنائية؛ الطرف (أ) عندما يحصل على فرص من الطرف (ب) يقدم له أيضا فرصا للنمو. مثلا، تمكنت الصين منذ بداية سياسة الإصلاح والإنفتاح من استقطاب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية، وتسريع نموها الإقتصادي و الإجتماعي في المقابل إستفادت الشركات الأجنبية من تدني كلفة اليد العاملة و الفرص التي أتاحتها السوق الصينية لتحقيق النمو.

تحتوي الأشياء خلال تطورها على العديد من الفرص، و يجسد اتجاه تطور الأشياء القانون العام لتطورها، من بين ذلك الفرص الموجودة في الطبيعة و التي تدعم تطور الأشياء. وبذلك يمكن القول أنه إذا تحكمنا في إتجاه تطور الأشياء فإنه بإمكاننا التحكم في الفرص التي تدفع بنمو الأشياء. من جهة أخرى تحتوي الأشياء أثناء مرورها بتغيرات هامة على الفرص أيضا. وقد قال دنغ شياو بنغ ذات مرة “المنعرج الذي يشهده العالم الآن في حد ذاته فرصة”. من جهة أخرى تحتوي العوامل السلبية أيضا على الفرص.حيث تخبرنا فلسفة تداول المتناقضات بأن العوامل الإيجابية و العوامل السلبية لتطور الأشياء ليست جامدة لا تتحرك. و يكفي أن نتعرف جيدا على جدلية التناقض حتى يمكننا تحويل العوامل السلبية إلى عوامل إيجابية. التغير الدوري الذي يشهده الأقتصاد يحمل في باطنه الكثير من الفرص؛ هذه الدورة الإقتصادية تتجسد طبيعتها في الأزمة المالية التي إنطلقت من الدول الغربية، بما في ذلك أزمة الديون السيادية الأوروبية. لذلك فإنه إذا أمعنا التأمل و التحكم، فإن بإمكان الصين تجنب الأزمات، و دعم إقتصادها،و خاصة تنمية المجال المالي.

كل فرصة لديها عواملها الموضوعية التي تحدد وجودها و تؤثر فيها. لذا،فإن إلتقاط الفرص يستوجب تحمس كبير، كما يتطلب مواقف علمية، و أحترام للقوانين الموضوعية و تحدي العبثية الذاتية. و خلال العمل يجب الإنتباه إلى 3 علاقات تلازمية. أولا؛ الجمع بين الفرص الموجودة في البيئة الخارجية والمميزات الشخصية. و يعد تفعيل المميزات الشخصية المبدأ الأهم لإستغلال الفرص. ثانيا؛ الجمع بين المصالح قصيرة المدى والمصالح طويلة المدى. حيث يجب الإنتباه إلى إلتقاط الفرص التي يكون لها تأثير متسلسل و طويل المدى، وتجنب الإهتمام بالفرص التي تراعي المصالح الآنية و تتجاهل المصالح طويلة المدى. ثالثا؛ الجمع بين المصالح الخاصة والعامة. حيث هناك فرص تناسب قطاع معين لكنها لا تناسب البنية الكاملة. لذا يجب النظر إلى الوضع من زاوية عامة، ثم الجرأة على إقتناص الفرص الكبرى و ترك الفرص الصغيرة وقصيرة المدى.

الفرص يمكن صنعها، حيث يكفي أن تكون لك قدرات كافية و ستأتيك الفرص بنفسها. وضع أسس إقتصادية واجتماعية قوية يمكن من صنع فرص نمو جيدة. ولإنجاز هذه النقطة يجب دعم الإحساس بالمسؤولية، والدعم المتواصل لوعي وقدرات إلتقاط الفرص. ويعد التحكم في النقاط التالية أمر ضروري في هذا الجانب. أولا؛ تحديد إسترتيجية تنموية صائبة، إذ أن الخيار الإستراتيجي الصائب لايمكن من إغتنام الفرص الراهنة فحسب، بل يمهد ظروفا جيدة لولادة فرص أخرى. ثانيا؛ البيئة الصلبة و الناعمة لإلتقاط الفرص، حيث إن لم تكن هناك بنية تحتية جيدة فإنه لم يمكن إلتقاط الفرص حتى ولو أتيحت، وإذا كانت نجاعة العمل متدنية، فإنه لا يمكن إستغلال الفرص على أفضل وجه. ثالثا؛ تعميق التواصل مع الخارج، و توسيع قنوات الإتصال. المجتمع الراهن هو مجتمع المعلومات، و إذا لم تكن هناك معلومات فإنه لن تكون هناك فرص. و عبر تأسيس شبكة إتصالات واسعة فقط، يمكن إستقاء أخبارا مليئة بالفرص.رابعا؛ الترفيع في مستوى تكوين الكفاءات، و حسن إيجاد و استعمال الكفاءات. لأن الكفاءات وحدها التي تكتشف و تستغل و تصنع الفرص، ويبقى إلتقاط الفرص رهين دائما بإمتلاك الكفاءات اللازمة. كما أن إمتلاك الكفاءات يتطلب التركيز على حسن تكوين الكفاءات و جمع الكفاءات الجيدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.