أمريكا في القارة الصفراء… صراع على النفوذ أم تطويق للصين؟
شبكة النبأ الإخبارية ـ
باسم حسين الزيدي:
بات رهان الولايات المتحدة على مستقبل اسيا والمحيط الهادي مصدر قلقل حقيقي للتنين الصيني الذي اعتبر هذا التواجد الامريكي تدخلاً سافراً في شأن داخلي او اللعب في منطقة هي خارج صلاحيات الولايات المتحدة، وبرغم التطمينات المقدمة من قبل الحكومة الامريكية واللقاءات المتكررة للرئيسين الامريكي والصيني والتأكيد على استمرار التعاون الاقتصادي بين البلدين واستثمار التجارة العملاقة المارة من بحر الصين الجنوبي الا ان للخوف من هذه التحركات الامريكية ما يبرره لدى الصين، اذ ان عبارة “اعادة التوازن في المنطقة” والتي عادة ما تستخدمها الولايات المتحدة عند الحديث عن تواجدها في اسيا والخلافات المائية بين الصين والدول الاخرى، لا تعني في قاموس الاخيرة سوى التدخل في شؤون خاصة بالصين، اضافة الى قلقها من محاولة الولايات المتحدة “احتواء” الدور الصيني المتنامي في المنطقة والعالم عبر تغيير استراتيجيتها المستقبلية نحو اسيا بدلاً من اوربا.
ربط الولايات المتحدة بآسيا
فقد غادر الرئيس الاميركي باراك اوباما منطقة اسيا المحيط الهادىء مؤخراً بعد جولة تركت رسالة واضحة مفادها ان الولايات المتحدة تريد ان تصنع مستقبل المنطقة، واعلن اوباما اثناء رحلته التي استغرقت تسعة ايام “لا شك ان الولايات المتحدة تتمتع في منطقة اسيا-المحيط الهادىء بكل مكانتها”، وفي جزيرة هاواي مسقط راسه حيث بدا رحلته، تراس اوباما قمة الدول الـ21 في المنتدى الاقتصادي لاسيا-المحيط الهادىء حيث نجح في اطلاق مشروع “الشراكة عبر المحيط الهادىء” التي ستصبح اكبر منطقة للتبادل الحر في العالم، ثم انتقل الرئيس الاميركي الى استراليا حيث اعلن تعزيز التواجد العسكري الاميركي مع نشر 2500 من عناصر المارينز تدريجيا في شمال البلاد، واختتمت الجولة بزيارة اندونيسيا للمشاركة في قمة اسيا الشرقية مكرسا بذلك انضمام الولايات المتحدة الى هذه الكتلة التي تضم 18 بلدا بينها الصين، واعلن الرئيس انذاك انه سيرسل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الى بورما الدولة التي تخضع للنفوذ الصيني منذ ابعادها عن الامم المتحدة لانتهاكاتها المتكررة في مجال حقوق الانسان، واتاحت الجولة “اعادة التوجيه الحاسم والاستراتيجي للسياسة الاميركية، اعادة توازن”، كما راى توم ديلتون مستشار الامن القومي لدى اوبام، لكن هذا التعزيز الكبير للوجود الاميركي في منطقة اسيا-المحيط الهادىء التي تعتبر احيانا المربع الخاص ببكين، اثار غضب الصين، وهكذا طغت الخصومة الصينية الاميركية على قمة اسيا الشرقية، وخلال الاجتماع، التقى اوباما طيلة ساعة رئيس الوزراء الصيني وين جيباو، والقوتان الاقتصاديتان الكبريان في العالم مترابطتان، وقد وجدتا ارضية مشتركة حيال بعض الملفات مثل كوريا الشمالية او ايران، لكن علاقاتهما تبقى متوترة ولا سيما بشان سعر صرف اليوان الذي تعتبره واشنطن دون قيمته الفعلية، وحول الخلافات الحدودية في بحر الصين الجنوبي، وتامل الولايات المتحدة ان يكون هذا الموضوع محل محادثات متعددة الاطراف وهو ما ترفضه بكين رفضا قاطع، واكد اوباما ان الولايات المتحدة “لا تخشى” الصين ولا تسعى الى وقف توسعه، وترد بكين التي تنفي اي ميل للتسلط، محذرة واشنطن من “التدخل” في شؤونه، ومما لا شك فيه ان الصين ستنظر الى الاستراتيجية الاميركية وكأنها محاولة ظاهرة لمقاومة التطلعات الصينية، بحسب ما راى شي ينهونغ استاذ العلاقات الدولية في جامعة رنمين في بكين. بحسب فرانس برس.
واشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بقمة شرق اسيا باعتبارها المنتدى الرئيسي للتعامل مع النزاع البحري المستمر مع الصين، ما يؤذن بمواجهة مع بكين، فقد اعلنت الحكومة الصينية بغضب ان النزاع المتعلق ببحر الصين الجنوبي غير مطروح للنقاش خلال المحادثات التي حضرها اوباما ورئيس الوزراء الصيني وين جياباو فضلا عن 16 زعيما اخرين لبلدان بينها عدة دول تتنازع السيادة في مياه وجزر البحر الى جانب بكين، غير ان اوباما قال ان التجمع الذي ينعقد هذا العام في جزيرة بالي الاندونيسية “يمكن ان يمثل المنتدى الرئيسي بالنسبة لنا للعمل معا على صعيد قضايا عدة منها الامن البحري وحظر الانتشار”، وقد اثار اوباما غضب الصين بسعيه لتعزيز الدور الاميركي كقوة اقليمية مع الاعلان عن تمركز قوات مارينز في شمال استراليا ودفعه باتجاه معاهدة تجارية تجمع بلدان منطقة المحيط الهادئ من شأنها ان تغير قواعد اللعبة في المنطقة، وتنظر بكين الى تلك المبادرات باعتبارها تدخلا في نطاق نفوذها بينما تظهر بوضوح الخلافات بين مواقف القوتين الدوليتين على خلفية النزاع حول بحر الصين الجنوبي، وقد حذر وين مجددا من التدخل من جانب “قوى خارجية” في النزاع، وتعتبر الصين المنطقة الاستراتيجية بأسرها حقا لها وكذلك تعتبرها تايوان بينما تتنازع اربع دول اخرى في جنوب شرق اسيا الاحقية في اجزاء من مياه وجزر البحر بينها فيتنام والفيليبين اللتان تتهمان القوات الصينية بعدائية متزايدة في المنطقة، وترجع اهمية تلك المنطقة الى انها تضم مسارات ملاحية تسلكها اكثر من ثلث حركة التجارة البحرية في العالم ونحو نصف حركة نقل النفط والغاز عالميا فضلا عن الاعتقاد بوجود احتياطات نفطية ضخمة في قاع البحر، وتقول واشنطن ان امن المسارات التجارية البحرية الحيوية جدير بحوار جدي رغم ان القمة وهي الاولى التي يحضرها رئيس اميركي ليست الهيئة المخولة البت في النزاعات، وخلال لقاء منفصل مع الرئيس الفيليبيني بنينيو اكوينو صرح اوباما بأن الولايات المتحدة والفيليبين “تتطلعان كل الى الاخرى حينما يتعلق الامر بالامن”، يذكر ان البلدين تربطهما معاهدة تحالف منذ 60 عام، وكانت مانيلا اتهمت هذا العام القوات الصينية بإطلاق النار على صيادين فيليبينيين وقطع كابلات سفينة لاستكشاف النفط وقامت من جانبها بضبط زوارق صيد صينية صغيرة، وتحدث الدبلوماسيون في بالي عن التحديات التي تواجه البلدان الاعضاء في رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (اسيان) الذين عقدوا قمتهم ، حيث تطرقوا الى الصعوبات التي تواجه عملية موازنة العلاقات بين بكين وواشنطن.
استراتيجية البنتاجون
الى ذلك كشف الرئيس باراك اوباما عن استراتيجية جديدة للجيش الامريكي تدعو الى وجود عسكري أمريكي أكبر في آسيا وتقترح تقليصا لحجم القوات في أوروبا في وقت تسعى فيه وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) لتقليص الانفاق بنحو نصف تريليون دولار بعد عقد من الحروب، وكشف أوباما عن وثيقة الاستراتيجية الجديدة في مؤتمر صحفي في البنتاجون بينما كان وزير الدفاع ليون بانيتا يقف الى جواره والتي تدعو الى احتفاظ الولايات المتحدة بقوة تستطيع كسب حرب مع امتلاكها القدرة على ردع أهداف خصم في حرب أخرى، وتلك الاستراتيجية تحول عن هدف كثيرا ما كرره الجيش يتمثل في القدرة على خوض حربين في مكانين مختلفين بالتزامن والانتصار فيهم، وتبرز وثيقة الاستراتيجية الجديدة اهتماما أمريكيا بالحفاظ على الاستقرار في الشرق الاوسط مع التجاوب مع طموحات الشعوب التي عبرت عنها الانتفاضات العربية العام الماضي، وتقول ان الولايات المتحدة ستواصل العمل لوقف البرامج النووية لكل من ايران وكوريا الشمالية، وجاء في الوثيقة أن “السياسة الامريكية ستشدد على أمن الخليج بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي حيثما يكون مناسبا لمنع ايران من تطوير قدراتها النووية العسكرية والتصدي لسياساتها المزعزعة للاستقرار”، وتدعو الاستراتيجية أيضا الجيش الامريكي الى “اعادة التوازن تجاه منطقة آسيا والمحيط الهادي” مع استمراره في التصدي النشط لخطر التطرف العنيف. بحسب رويترز.
وقال اوباما في المؤتمر الصحفي “رغم استمرار قواتنا في الحرب مع أفغانستان فان مد الحرب ينحسر”، ورغم أن قواتنا تنتصر الان في مهامها أمامنا فرصة وعلينا مسؤولية في أن نتطلع الى القوة التي نحتاجها في المستقبل”، وكتب اوباما في مقدمة الاستراتيجية الجديدة للبنتاجون “أمتنا في لحظة تحول”، وتدعو الاستراتيجية كذلك الى زيادة الاستثمار في القدرات الالكترونية عبر الانترنت وتشير الى أن الترسانة النووية لامريكا يمكن أن تقلص دون أن تعرض الامن للخطر، ويأتي تحول التركيز الى منطقة اسيا والمحيط الهادي وسط قلق متزايد في البنتاجون من الاهداف الاستراتيجية للصين التي تبدأ في نشر جيل جديد من الاسلحة، وتبدي الوثيقة القلق من أسلحة تعمل الصين وايران على تطويرها وستجعل من الصعب على القوات البحرية والجوية الامريكية استخدام القوة في الخارج، وتقول الوثيقة “يتعين على الولايات المتحدة المتحدة الحفاظ على القدرة على استخدام القوة في مناطق تواجه فيها حريتنا على الوصول والعمل تحديات”، وطرح أوباما مبادرة مراجعة الاستراتيجية الصيف الماضي بعد أن طلب من البنتاجون بدء التخطيط لتخفيضات كبيرة في ميزانية الدفاع الامريكية بعد عقد من النمو، وتستهدف الاستراتيجية التعرف على الاولويات الاستراتيجية الامريكية وتوجيه الانفاق الدفاعي مع بدء تقليص حجم الجيش.
واتفق أوباما مع الكونجرس في أغسطس اب الماضي على تقليص الانفاق المتوقع على الامن القومي بأكثر من 450 مليار دولار في السنوات العشر القادمة، واتفقا أيضا على تخفيضات تلقائية في الانفاق يمكن أن تخفض شريحة أخرى قدرها 600 مليار دولار من ميزانية البنتاجون ما لم يوافق الكونجرس على بديل آخر، ولم تقدم وثيقة الاستراتيجية التي أعلنت مؤخراً حجم القوات التي سيجري تقليصها ولم تعالج قضايا محددة متعلقة بالميزانية، ولكن مسؤولين في الادارة تحدثوا قبل اعلان الوثيقة قالوا انه سيجري خفض أعداد أفراد الجيش والبحرية بنسبة تتراوح بين عشرة بالمئة و15 بالمئة في السنوات العشر القادمة، وتبرز الاستراتيجية “المصالح الثابتة” للولايات المتحدة في أوروبا وأهمية حلف شمال الاطلسي لكنها تقول ان توزيع القوات في أوروبا يجب أن “يتطور” مع تطور العصر، وقال مسؤولون في الادارة انه من المحتمل أن تجري الولايات المتحدة تخفيضات أكبر لعدد القوات البرية في أوروبا بمقدار لواء قتال اخر وهي وحدة يتراوح عدد أفرادها بين ثلاثة الاف وأربعة الاف طبقا لتكوينها.
قلق صيني
في سياق متصل قال مسؤولون استراليون ومحللون ان بكين يجب الا تخشى السياسة الدفاعية الامريكية الجديدة التي فسرت على انها استراتيجية أمنية “متطورة” في اسيا لاحداث توازن مع قوة الصين الصاعدة، وتنطوي هذه الاستراتيجية الدفاعية الجديدة على شراكات عسكرية في شتى أنحاء اسيا وتمد الوجود العسكري الامريكي كاشارة واضحة على الالتزام الامريكي بالمنطقة وان كانت ستقلص الحجم الاجمالي للقوات بما يتفق مع سياسة خفض الانفاق الدفاعي التي كشفت عنها واشنطن في اواخر العام الماضي، وتشعر بكين بالقلق من الوضع الدفاعي الجديد الذي اتخذته واشنطن بعد ان انسحبت من العراق وتستعد للانسحاب من أفغانستان وترى انها محاولة لتطويقها وتقييد نفوذها المتنامي، وقالت استراليا وهي حليف عسكري وثيق للولايات المتحدة التي بدأت بالفعل برنامجا دفاعيا يتكلف 65 مليار دولار استرالي ان عملية اعادة التوازن التي تقوم بها القوات الامريكية في اسيا يجب الا تهدد الصين او تهدد العلاقات التجارية بين استراليا والصين وحجمها الاجمالي 113 مليار دولار استرالي، وقال كيم بيزلي سفير استراليا لدى واشنطن وهو وزير دفاع سابق للاذاعة الاسترالية “الموقف الامريكي مركب للغاية وبطريقة نشجعه، انها ليست استراتيجية احتواء”، وكشف الرئيس الامريكي باراك أوباما عن تفاصيل الاستراتيجية الجديدة وقال ان “مد الحرب ينحسر” بينما قال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا ان الجيش الامريكي سيكون “أصغر وأرشق”، وصرح مسؤولون في الادارة الامريكية بأنهم يتوقعون خفض قوات الجيش ومشاة البحرية الامريكية بما يتراوح بين 10 و15 في المئة على مدى العشر سنوات القادمة، وقالت واشنطن انها ستعمل مع الصين لضمان الامن والرخاء الاقتصادي في المنطقة لكنها ستستمر في التطرق الى قضايا امنية منها بحر الصين الجنوبي الذي تمر منه سنويا تجارة حجمها خمسة تريليونات دولار، والنزاعات حول ملكية المناطق الغنية بالنفط والجزر في بحر الصين الجنوبي تشكل أكبر التهديدات الامنية في اسي، وتتنازع السيادة عليه بشكل كلي أو جزئي كل من الصين وتايوان والفلبين وماليزيا وفيتنام وبروناي، وستحتفظ الولايات المتحدة بموجب الاستراتيجية الجديدة بقواعد كبيرة في شمال اسيا في اليابان وكوريا الجنوبية، وخلال زيارة لاستراليا في نوفمبر تشرين الثاني الماضي أعلن أوباما عن نشر قوات من مشاة البحرية الامريكية وسفن البحرية والطائرات في شمال استراليا اعتبارا من عام 2012 لتتحول بذلك مدينة داروين الى قاعدة عسكرية بأمر الواقع. بحسب رويترز.
بدورها صعدت وسائل الاعلام الرسمية الصينية انتقادها للتحول الاستراتيجي المزمع للولايات المتحدة في آسيا متهمة واشنطن بانها “مثيرة للمشاكل” ومسؤولة عن التوترات المتزايدة في المنطقة، وكرر التعليق الذي نشر في الطبعة الدولية لصحيفة الشعب الصينية التعليقات الغاضبة لصحيفة جلوبال تايمز بعد اعلان الرئيس باراك اوباما ان واشنطن ستعزز وجودها العسكري في اسي، وتم توضيح هذه الاستراتيجية الدفاعية الامريكية اواخر العام الماضي وهي احدى العلامات الواضحة على التزام الولايات المتحدة بالمنطقة، ولكن محللين قالوا انه لا يوجد ما تخشاه الصين من هذه السياسة الجديدة، وقال الاميرال يانغ يي في هذا التعليق “من الواضح ان الاستراتيجية الدفاعية الجديدة تستهدف الصين وايران”، ومنذ ان بدأت الولايات المتحدة في التشديد في 2009 على عودتها لاسيا وقعت مجموعة من الاحداث التي تهدد الامن الاقليمي وحدثت قلاقل في المنطقة الواحدة تلو الاخرى”، اي شخص لديه معرفة محدودة عن الاستراتيجية يمكن ان يعرف بسهولة من هو “حامي” امن المنطقة ومن هو “مثير المشاكل” بالنسبة لامن المنطقة”، ولا ترقى التعليقات في الطبعة الخارجية لصحيفة الشعب الصينية الى مستوى المواقف السياسية للحكومة ولكنها تعكس بشكل كبير التفكير الرسمي، وحذرت وسائل الإعلام الصينية الولايات المتحدة مما قالت إنه “فرد العضلات” بعد إعلان الميزانية الدفاعية الأمريكية الجديدة والتي تضمنت تحول التركيز الدفاعي الأمريكي في اتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادي، وقالت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” في مقالة افتتاحية إن توجه الرئيس الأمريكية باراك أوباما لتعزيز الوجود الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادي ربما يكون موضع ترحيب إذا أسهم في تحقيق الاستقرار والرخاء في تلك المنطقة، ومضت الوكالة قائلة “ولكن إذا كان ذلك الوجود عسكريا فإنه قد يولد النوايا السيئة ويعرض السلام للخطر”.
وقالت وكالة “شينخوا” إن الدور الأمريكي قد يكون في مصلحة الصين لأنه قد يسهم في تحقيق “البيئة السلمية” التي تحتاجها الصين لدفع عجلة التنمية الإقصادية، ولكن الوكالة أضافت “في الوقت الذي تعتزم فيه الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فإن عليها ان تكف عن سياسة فرد عضلاتها لأن تلك السياسة لن تجدي في حل النزاعات الإقليمية”، وأضافت شينخوا أنه إذا عمدت الولايات المتحدة وبشكل غير متعقل إلى “عسكرة” المنطقة فإنها ستكون أشبه “بثور في متجر للصيني” وستعرض السلام للخطر بدلا من تعزيز فرص الاستقرار الإقليمي، وقال تشارلس سكانلون المحلل السياسي في بي بي سي إن القرار الأمريكي بالتركيز على منطقة آسيا لم يكن مفاجأة للقادة الصينيين، ومع ذلك فإن البعض في بكين قد يعتبرون أنه استراتيجية جديدة تستهدف واشنطن من ورائها احتواء القوة الصينية المتعاظمة، وفي هذا السياق كتبت الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني قائلة إنه لن يكون بمقدور واشنطن أن تمنع بزوغ شمس الصين، ودعت الصحيفة الحكومة الصينية إلى إنتاج المزيد من الصواريخ الهجومية البعيدة المدى والقادرة على ردع القطع البحرية الأمريكية، وتعنى الاستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة أن العقيدة العسكرية الأمريكية قد تغيرت الآن من مفهومها التقليدي وهو القدرة على خوض حربين نوويتين في آن واحد، إلى استراتيجية تقوم على رصد الأخطار التي تهدد الولايات المتحدة والغرب عموما بصورة فردية والرد عليها كل على حدة، وكان رد الفعل الاولي من جانب الجمهوريين على خطة الاستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة سلبيا، وقال النائب هوارد ماكيون رئيس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب بالكونغرس إن تلك السياسة الجديدة تمثل “انسحابا مقنعا من المسرح العالمي، وهي أيضا تجسيد لاسلوب القيادة من الوراء لدولة تخلفت في الوراء هي امريكا”.
تطويق الصين
من جهته قال معلق عسكري صيني بارز ان من الواضح أن الولايات المتحدة ترغب في تطويق الصين في واحدة من أعنف الانتقادات للحملة الدبلوماسية التي يشنها الرئيس الامريكي باراك أوباما في منطقة اسيا والمحيط الهادي، وقدم الميجر جنرال لو يوان المعروف بارائه المتشددة هذا التحذير أثناء تعقيبه على زيارة أوباما لاسيا والتي نشرت اخبارها على موقع صحيفة الشعب أكبر صحف الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، وفي وقت سابق قال أوباما لزعماء اسيا والمحيط الهادي ان الولايات المتحدة “هنا لتبقى” وأعلن خططا عن وجود عسكري أمريكي في شمال استراليا يعتبر بمثابة قاعدة عسكرية بالفعل وانتقد الصين لرفض بحث نزاعاتها في بحر الصين الجنوبي في المنابر الاقليمية، وكتب لو في التعليق الذي سرعان ما انتشر في فضاء الانترنت الصيني يقول “الولايات المتحدة تتحدث كثيرا عن عودتها الى اسي، وهي ترسل قطعا وقوات على أطراف الصين والغرض واضح جد، هذا يستهدف الصين، احتواء الصين”، وأضاف لو “ارتكبت الولايات المتحدة خطأ استراتيجيا قاتل، أخطأت في حكمها على أعدائه، جعلت تركيزها الاستراتيجي ينصب على الموقع الخط، ووسائلها الاستراتيجية خاطئة”، ولا تمثل هذه التصريحات السياسة الرسمية اذ كان رد فعل بكين للحملة الدبلوماسية التي يشنها أوباما هو الدعوة للتعاون، لكن هذه التصريحات تظهر بالفعل الاتجاهات غير الظاهرة للغضب من الولايات المتحدة من منطلق قومي والذي يواجهه صناع السياسة في بكين. بحسب رويترز.
اجتماع مشترك رغم التوترات
من جهة اخرى قالت وكالة أنباء الصين الجديدة إن مسؤولين صينيين وأمريكيين بمجال الدفاع اجتمعوا مؤخراً لاجراء محادثات على أعلى مستوى منذ باعت واشنطن أسلحة لتايوان في سبتمبر أيلول وهو ما يمثل مؤشرا على أن الدولتين تحاولان الحفاظ على توازن العلاقات على الرغم من التوترات، وأضافت الوكالة أن ما شياو تيان نائب رئيس الاركان العامة لجيش التحرير الشعبي الصيني قاد جولة المشاورات السنوية التي مثلت الجانب الامريكي فيها ميشيل فلوروني وكيلة وزارة الدفاع الامريكية، ونقلت الوكالة عن ما قوله “اجراء المشاورات في الموعد المقرر لها يظهر أن الدولتين مخلصتان في الحفاظ على التبادل العسكري، نتعشم أن يحقق الجانبان أقصى استفادة من هذه الفرصة لتوسيع نطاق القواسم المشتركة ووضع المخاطر تحت السيطرة وتجنب سوء التقدير”، وتمثل صفقة الاسلحة لتايوان أحد عدة عوامل مثيرة للتوتر، وفي سبتمبر أيلول صعدت بكين تنديدها بواشنطن بسبب الصفقة قائلة ان هذا سيعطل التبادل العسكري. بحسب رويترز.
وكانت حملة الرئيس الامريكي باراك أوباما الدبلوماسية في منطقة اسيا والمحيط الهادي أثارت تكهنات في بكين بأن الخطوة جزء من سياسة أوسع نطاقا لتطويق الصين، وندد الجيش الصيني بالولايات المتحدة واستراليا لتعزيزهما العلاقات العسكرية محذرا من أن الخطوة قد تقوض الثقة وتذكي مشاعر عدائية تشبه تلك التي سادت ابان الحرب الباردة، وقد يزيد الحديث الذي ظهر مؤخرا عن اتفاق دفاعي محتمل بين الهند واستراليا والولايات المتحدة من مخاوف الصين، وقالت شينخوا إن من المتوقع أن يبحث الجانبان العلاقات العسكرية الثنائية ومبيعات الاسلحة الامريكية لتايوان والوضع في كل من شبه الجزيرة الكورية وبحر الصين الجنوبي حيث أثارت مواقف الصين مخاوف بين جيرانها في جنوب شرق آسيا والدول التي تزعم أحقيتها بأجزاء منه، وتعارض الصين مبيعات الاسلحة الامريكية لتايوان على أساس أنها تفسد خطط اعادة التوحد مع الجزيرة، وتريد واشنطن أن تحدد بكين وتايوان مستقبلهما سلميا وتقول انها ملزمة قانونا بمساعدة الجزيرة في الدفاع عن نفسها.