موقع متخصص بالشؤون الصينية

إسرائيل تحاول تقريب الصين والهند على حساب أوروبا وأميركا

0

صحيفة هآرتس الإسرائيلية (عبر صحيفة الأيام الفلسطينية) ـ
بقلم: أدار بريمور:
كشركاء قدماء في مسيرة ألف ميل بدأت بخطوة واحدة، اجتمع في الفترة الأخيرة كل سفراء إسرائيل في الماضي في الصين ونظراؤهم الصينيون الذين خدموا في إسرائيل. وقد قاموا بذلك بوساطة محادثة مؤتمر ربط بين القدس وبكين، أُطلقت فيه الطلقة الافتتاحية للاحتفالات التي ستجرى هذا العام في الدولتين تذكارا بمرور عشرين سنة منذ نشأت العلاقات الدبلوماسية.
كان ذلك عرض حنين إلى الماضي مشحوناً بالانفعالات كما شهد واحد من الحضور، وقال آخر “تأثرنا كأولاد”. وقد تذكروا رؤيا دافيد بن غوريون النادرة وهو الذي رأى الصين قوة عظمى في المستقبل؛ وتحدثوا عن الإعجاب الذي تملك الزعيم الثوري صن يات صن بالحركة الصهيونية؛ وتذكروا المؤامرات والحيل والزيارات السرية التي قام بها رؤوفين مرحاف من قبل إسرائيل ويانغ بوتشانغ من الصين والتي أفضت إلى إنشاء العلاقات؛ ومجدوا الزيارات التاريخية لاسحق رابين إلى الصين في العام 1993 وزيارة الرئيس جيانغ زمين لإسرائيل في سنة 2000 وكأننا كنا حالمين. بعد عشرين سنة من العلاقات يستطيع العملاق الصيني – القوة الاقتصادية الثانية في العالم – والقزم الإسرائيلي الذي عدد سكانه كعدد سكان حي متوسط في شنغهاي النظر إلى الوراء بابتسام: فالتجارة المتبادلة التي وقفت في العام 1992 على 60 مليون دولار تبلغ نحو 8.5 مليار. ويعمل أكثر من ألف شركة إسرائيلية في الصين في شتى المجالات. وفي السنتين الأخيرتين تم التوقيع على سلسلة اتفاقات مهمة منها اتفاقات علوم وتطوير صناعي واتفاقات في مجال الماء والتقنية الحيوية وصناعة الأدوية. وأُنشئت قنصلية في غوانغاجو في الجنوب وتوجد خطط لافتتاح واحدة أخرى في تشنغادو عاصمة ستشوان في الغرب. وقد أثبت الصينيون عظمتهم في إسرائيل أيضا حيث بنوا أنفاق الكرمل واشترت شركة صينية – كيمتشاينه – بصفقة ضخمة “مختاشيم أغان” وافتتحت شركات صناعات كيماوية هنا مراكز بحث وتطوير، وهناك شركات أخرى مهتمة بإنشاء خط السكة الحديدية إلى إيلات.
يتحدثون في الدولتين عن شراكة وثيقة بين “شعبين ذوي حضارة قديمة وتاريخ صدمة مشحون بالبطولة”. بيد أنه ليس كل شيء ايجابيا في هذه الشراكة: فالصين تؤيد على الدوام البرنامج الذري الإيراني وتعمل على إحباط العقوبات الدولية. وهي أكبر شريكة تجارية لإيران ومسؤولة أيضا عن تسرب سلاح خطير فقد وصلت الصواريخ، التي أمدت بها إيران وسورية، إلى “حزب الله” و”حماس” وسببت خسائر في الأرواح في إسرائيل. “يعتقد الصينيون أن المحرقة تشوش على التفكير الإسرائيلي المتعلق بإيران وتجعلهم مصابين بجنون المطاردة”، يقول مراقب رفيع المستوى.
كانت الصين من الدول الأولى التي أنشأت علاقات دبلوماسية كاملة مع الفلسطينيين. وقد اعتادت في جميع الاقتراعات في الأمم المتحدة أن تقف ضد إسرائيل، وأيدت بحسب ذلك أيضا مبادرة الاستقلال الفلسطينية في الأمم المتحدة.
يقول الخبير بالشأن الصيني البروفيسور، اسحق شيحور، إن العلاقة بين الصين وإسرائيل قامت في بدايتها بقدر كبير على الإجلال الصيني البدائي لـ “العبقرية اليهودية”، مع إيمان بأن إسرائيل و”ذراعها اليهودية” في واشنطن قادرتان على الدفع إلى الأمام بمصالح بجين الإستراتيجية؛ وقامت العلاقة أيضا على الإيمان الإسرائيلي المتعجرف شيئا ما باحتلال السوق الصينية التي لا نهاية لها وبتغيير ميزان التأييد الدولي لإسرائيل.
بيد انه في العقد الثاني من العلاقات حدث استيقاظ متبادل من هذا الحلم: فقد تنبهت إسرائيل من وهم أنها ستنجح في تغيير سياسة الصين الخارجية، أما الصين فأدركت بأن الولايات المتحدة هي التي تدير إسرائيل، لا العكس. وكان الاستيقاظ مؤلماً بصورة خاصة في قضية طائرات فالكون التي سببت في سنة 2000 ما عُرف بأنه “أخطر أزمة في تاريخ إسرائيل – الولايات المتحدة”: فقد اضطرت واشنطن إسرائيل لبواعث منافسة تجارية إلى إلغاء الصفقة الضخمة لبيع الصين طائرات التجسس. وقطع الصينيون ردا على ذلك كل علاقة بسفير إسرائيل في بجين. وخلفت القضية رواسب عميقة – فإلى اليوم لا تتم أي صفقات أمنية بين الدولتين. وحصلت إسرائيل على درس ثمين عن حدود قوتها واستقلالها وعن تعلقها المطلق بالولايات المتحدة. واليوم حينما يريد الزوجان نتنياهو/ ليبرمان أن يُقربا الصين والهند على حساب أوروبا وأوباما “غير ذوي الصلة”، يحسن ان يُستوعب ذلك الدرس المدوي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.