موقع متخصص بالشؤون الصينية

موسكو- بكين، والدور الفاعل في المعادلة الدولية

0

صحيفة الوطن السورية ـ
قحطان السيوفي:

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وانتهاء الحرب الباردة، تفردت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم سياسياً واقتصادياً، لكن نهضة الدول الناشئة (بريكس)، مع بداية العقد الماضي، أجبرت الولايات المتحدة، وإلى حد كبير، على التخلي عن طموحات الهيمنة التي طغت خلال الفترة الأولى من رئاسة جورج بوش الابن… رغم بقاء أمريكا قوة عظمى ذات قدرة عالمية فعالة. وجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية في خريف 2008… لتجعل الولايات المتحدة غير قادرة وحدها، وحتى مع الدول الصناعية السبع، على قيادة الاقتصاد العالمي، ولجأت أمريكا إلى تشكيل ما سمي (مجموعة العشرين G-20) التي تضم الدول الناشئة والعديد من الدول الأخرى حتى السعودية… في محاولة لإيجاد إدارة جماعية لقيادة الاقتصاد العالمي ولم تتوصل مجموعة العشرين إلى نتائج تذكر سوى ما يمكن تسميته اتفاقاً مهذباً على الاختلاف…

مع بداية عام 2012 لم يعد العالم يديره قطب واحد بل تشكلت على الساحة الدولية قوى صاعدة، دول بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا) التي استطاعت تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية المستمرة وحققت نمواً مذهلاً وخاصة الصين التي أصبحت تعاني ما سمي فرط النمو، الواقع أن الدول الأطلسية (الولايات المتحدة، وأوروبا) غارقة في أزمات اقتصادية خانقة… وأصبح لديها على الساحة الدولية منافس قوي هو مجموعة بريكس التي تتحدى بكل جرأة الهيمنة الاقتصادية والسياسية الغربية ويجمع هذه المجموعة سياسياً، أنها جميعاً تعارض فكرة التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

ويظهر ذلك جلياً بمواقفها الصريحة في المنظمات الدولية وخاصة مجلس الأمن، دعماً لحقوق الشعوب والدول ذات السيادة… وبالتالي من المتوقع تراجع دور واشنطن (كشرطي العالم)، ويبدو أن السياسة الخارجية الأمريكية قد تعيد النظر في دور أمريكا كداعمة للأحلاف… خاصة مع المباشرة فعلاً بسحب القوات الأمريكية من الخارج، وتخفيض ميزانية الحرب، بالمقابل فإن روسيا والصين ستتحملان أعباء كبرى من أجل الاستقرار الدولي، ولا يمكن لهذه الدول أن تبقي على تحركها البطيء في الشؤون الإستراتيجية السياسية والاقتصادية العالمية حيث حققت حضوراً تجارياً في الدول الأخرى الصناعية والنامية…

كما استطاعت الصين وروسيا إقامة علاقات ودية مع مختلف دول العالم، وتنامى نفوذهما الإقليمي والدولي على الصعد السياسية والاقتصادية، استعداداً للعب دور محوري في المعادلة الدولية، من ناحية ثانية فإن قاعدة النجاح الصيني المعاصر، هي أن سياسييها شجعوا الاقتصاد للتطور باتجاه الميزة المقارنة النشطة، وهذا ما يعنيه الإصلاح والانفتاح، ولعل الحدث الاقتصادي الأبرز في زمننا هو نهوض الصين، كما يقول (جوستين لين) نائب رئيس البنك الدولي، حيث اعتبر النمو الصيني خلال الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، أهم قوة دافعة للاقتصاد العالمي الذي يعاني من الضبابية، وعدم وضوح الرؤية واستمرار الأزمة الحادة لاقتصادات المجتمعات الأطلسية…

باختصار فإن عالماً جديداً متعدد الأقطاب تشكل فعلاً كبديل من عالم القطب الواحد الذي استمر أكثر من عقدين… وستكون دول (بريكس) وبالتحديد روسيا والصين فاعلاً أساسياً ومؤثراً فيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.