الصينيون يقتنصون شقق نيويورك الفاخرة ويتحاشون الطابق الرابع
خدمة «نيويورك تايمز» (عبر صحيفة الشرق الأوسط من لندن)
نيويورك: كلير ويلسون*
يتجه المشترون من أثرياء الصين، التي سرعان ما حققت نموا اقتصاديا لشعب
يبلغ تعداده 1.3 مليار نسمة، إلى مانهاتن للعثور على العقارات الفاخرة، على
حد قول سماسرة عقار في نيويورك. وفي غضون عامين تحولت سلسلة من الاستفسارات
إلى رجال أعمال صينيين يبحثون عن شقق يتراوح ثمنها بين 500 ألف و10 ملايين
دولار وأكثر. ويبلغ متوسط سعر الشقة ذات الغرفة الواحدة في مانهاتن،
الجزيرة الرئيسية في نيويورك نحو 1.45 مليون دولار، على حد قول ليبمان،
المسؤول التنفيذي لشركة «كوركوران غروب».
ويبحث أكثر المشترين عن شقق لأغراض شخصية لا للاستثمار كما أشارت دراسة
إسكان الأطفال في نيويورك. وكان الجزء الأكبر من المبيعات التي تحققت خلال
العام الماضي في قطاع العقارات الفاخرة، لكن كان هناك استثناء متمثل في
إنفاق أحد الآباء 20 مليون دولار على شقة لابنته التي تدرس في الجامعة في
مانهاتن، على حد قول ليبمان.
ويفضل الصينيون بوجه عام الشقق على الجمعيات التعاونية. وقال نيل بالمر،
الرئيس التنفيذي لشركة «كريستيز ريال ستيت»، التي افتتحت فرعا لها في هونغ
كونغ الشهر الماضي بالقرب من دار المزادات: «لا يهتم أكثر المشترين الجدد
بالعقارات باعتبارها كنزا أو صيدا ثمينا»، على حد قول بالمر، حيث أوضح:
«إنهم يركزون على شرائها من أجل أغراضهم الشخصية، لكن مثل هؤلاء المشترين
يوجدون أينما يكون شراء العقارات استثمارا».
وتعد الأسعار في نيويورك منخفضة مقارنة بالأسعار في مدن أخرى، حيث توجد فرص
لاستثمار أثرياء آسيويين آخرين. ويبلغ سعر القدم المربع من الوحدات الفاخرة
هنا نحو 1500 دولار، بينما يتضاعف السعر في لندن، حيث قد يصل إلى 3.600
للقدم المربع، بحسب وكالة «نايت فرانك» في التقرير السنوي الذي تنشره مع
مصرف «سيتي» الخاص لتوظيف الثروة. ويبلغ سعر القدم المربع في هونغ كونغ
ألفي دولار وفي موناكو 4.300 دولار.
ويستفيد الصينيون كذلك من أسعار الصرف الحالية التي تعمل لصالحهم. وتعني
التنمية السريعة في الصين استثمار المزيد من المال في الولايات المتحدة.
كذلك تسهل القوانين المصرفية الجديدة الأكثر مرونة في الصين على المستثمرين
تحويل أموالهم من البلاد، على حد قول بالمر. وقال: «لم يتم رفع القيود في
الصين على الصرف الأجنبي، لكن تم تخفيفها. بات هناك قدرة أكبر على تحويل
أموال خارج البلاد بطريقة فعالة وقانونية تماما».
يفضل المشترون الصينيون الجدد المساحات الزجاجية مثل مركز تايم وارنر الذي
يذكرهم بالمدن الجديدة الباهرة التي يأتي منها أكثرهم. وتوجد في جزيرة
مانهاتن حاليا الكثير من هذه البنايات، حيث يعمل شالومي روفيني، مدير
تنفيذي في «براون هاريس ستيفن سيليكت» في تسويق نوعين من هذه الوحدات:
الأول «لوريت» في «أبر ويست سايد» والثاني في 15 يونيون سكوير ويست. وسوف
يتم تسويق بناية جديدة هي البناية رقم 57 في شارع برودواي وبناية ريد في
لور مانهاتن بين العملاء أنفسهم عندما يتم طرحها للبيع في السوق خلال
الخريف الحالي.
وبحسب روفيني، تتمتع هذه البنايات بوسائل الراحة التي يبحث عنها الصينيون
الأثرياء مثل أحواض السباحة ومراكز اللياقة البدنية والخدمات الفندقية
المتنوعة وساحات انتظار السيارات ومنتجعات الحيوانات الأليفة وقاعات
الموسيقى مع التصميمات الفخمة واللمسات النهائية الرائعة. وهناك تخفيض على
الضرائب عند شراء وحدات «لوريت» مما يجعل سعرها معقولا ويزيد من قيمتها.
وقال روفيني: «إنهم ينجذبون نحو الجودة وتمنح الميزات والجماليات والتصميم
والالتزام بالجودة البنايات قيمة مستمرة ودائمة».
وتم دفع ثمن هذه الوحدات نقدا، حيث يشير السمسارة إلى تزايد نسبة الصينيين
الذين لا يحصلون على قروض رهن عقاري في نيويورك والذين تتراوح نسبتهم بين
50 و75 في المائة من إجمالي المشترين الصينيين. ولعدم تفضيل الآسيويين
القروض جانب ثقافي، حيث يعتقدون أن دفع ثمن أكبر من الثمن الأصلي للشيء
سيؤثر عليهم سلبا، على حد قول وي مين تان، مدير «كاسل أفينيو بارتنرز».
ويعمل بعض السماسرة على تغيير هذا التوجه. وتعتزم شركة «كوركوران غروب»
استضافة مؤتمر لمشترين محتملين في نيويورك ليتم تعريفهم على مصرفيين
وتشجيعهم على طلب الحصول على قروض رهن عقاري في الولايات المتحدة. وشركة
«كوركوران» تابعة لـ«ريالوجي» التي لديها شبكة من 24 ألف وكيل عقاري في
الصين من عدة شركات منها «إي آر إيه» و«سينشري 21» و«سوذبيز» و«كولدويل
بانكر» التي يمكن أن تحول العملاء إلى عملاء «كوركوران» في نيويورك.
ولتجاوز عائق اللغة، لدى هذه الشركات عاملون يتحدثون اللغة الصينية. ويتحدث
الموظف تان من «كاسل أفينيو غروب» لهجة الكانتونيس والماندرين والهوكين.
وأضافت «بوند نيويورك» مؤخرا صفحة باللغة الصينية لموقعها الإلكتروني.
وأشار مايكل تشين، مدير شركة «بوند نيويورك»، التي تعمل في سوق التنمية
العقارية الصينية، على سبيل المثال إلى أن المشترين الآسيويين لا يريدون
الإقامة في الطابق الرابع لأن إيقاع الكلمة بالصينية يشبه إيقاع كلمة
الموت، ويفضلون الطابق الثامن لأن إيقاع الكلمة قريب من إيقاع كلمتي الحظ
والرخاء. إضافة إلى الميزة المالية فتحظى نيويورك بقبول المشترين الآسيويين
لوجود جالية صينية ضخمة في مانهاتن وفي أطراف المدن وكذلك عدم وجود قدر
كبير من التلوث الخانق بها. ويقول تان: «الحياة أفضل، وكذلك ساعات العمل
وهناك توازن بين الحياة الأسرية والعملية». وتمثل عقارات مانهاتن الأمن
لكثير من المشترين الأثرياء الجدد. ويقول روفيني: «إنها ملجأ آمن مناسب
لاستثمار أموالك به اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا».