تعليق: الصين تواجه تحديات كبيرة في حماية مواطنيها في الخارج

صحيفة الشعب الصينية:
العمال الصينيون الذين أختطفوا في السودان منهم من تم تحريرهم ومنهم من لا يزالون رهن الإختطاف. و ما يواجهه هؤلاء العمال هي المخاطر والتداعيات السلبية الناجمة عن “خروج” الصين. والمتتبع لنهضة الصين يرى أنها مليئة بالقصص التي تدعو إلى الحسرة، من بينها قصص حدثت خارج التراب الصيني في أقاصي العالم وفي المناطق المتخلفة، كان العمال و الباعة المتجولون الصينيون أبطالها الدائمين.

كل الدول العظمى مرت خلال مسيرتها النهضوية بمرحلة “الخروج”. وكل القوى الأوروبية قامت بمغامرات إستعمارية في ما وراء البحار، وتوسعت في “الأراضي المتوحشة”، لكن في ذلك الوقت لم تكن هناك قواعد تعيقهم عن فعل ذلك، كما أن السوق في ذلك الوقت لم تكن قد قسمت بعد، ولم يكن هناك رأي عام دولي يراقب. لذلك فإن الصين اليوم تبحث في داخل السوق الذي قسمه الآخرون “عن زوايا غفل عنها الآخرون”،لإقتلاع فضاء للنمو.

دول أوروبا وأمريكا عند توسعت في العالم الجديد كانت مكنة الدولة هي آداتهم الرئيسية، حيث لعب الجيش دورا هاما. في المقابل تخرج الصين إلى العالم بخطوات حذرة ومتحفظة، واضعة الشركات على الجبهة و العمال و الباعة المتجولون في الخط الأمامي. ورغم أن هذا يستوجب مشاركة الكثير من الشركات الحكومية الصينية، إلا أن العصر الحديث لم يشهد أن أولت دولة كبرى في توسعا أهمية للشركات والعمال مثل ما تفعل الصين اليوم.
إذ كل خطوة تخطوها الصين في إفريقيا، يكون عمادها مثابرة وكدح و معاناة الطبقة السفلى. العمال الصينيون الذين يعملون في كينيا وسائر الدول التي تتفشى فيها الملاريا بكثرى، لا نكاد نعثر من بينهم على عامل واحد معافى الجسم من الملاريا، والكثير منهم لا يعودون إلى الصين إلا بعد سنة أو سنتين، ولأجل المحافظة على سلامتهم لا يغادرون مخيماتهم، إذ تفوق صعوبات ومرارة حياتهم معاناة عمال الأرياف المهاجرين في الصين.

بالنسبة للأفارقة، يعد العمال والباعة المتجولون الصينيون أكثر حضورا و جلاءً من المفهوم العريض لـ “الصين”. وهم ليس بإستطاعتهم التعبير عن “بهاء وجه” الصين، بقدر ما يعكسوه من تعقد في الواقع الصيني. هم أسهموا في تحسين ظروف الحياة في الكثير من الدول الإفريقية، وصنعوا الكثير من فرص العمل للمحليين وللصينيين . كما ضخوا المزيد من إمدادت الطاقة إلى الصين، و فتحوا طريقا جديدا لرأس المال و الصناعة الصينية.
الصين لا يمكنها الإستغناء على العمال والباعة المتجولين في مسيرة توسعها في الخارج، لكن إمكانيات الدولة لا تسمح بأن توفر حماية لكل فرد من العمال الصينيين المنتشرين في كافة أرجاء العالم.

يعتبر الاقتصاد الصيني منخفض المستوى، ليس لأن المنتجات الصناعية الصينية تقع في أدنى سلسة الإقتصاد العالمي فقط ، بل لأنه أيضا غير قادر على التخلص من طبقة “التركز العمالي” في الإقتصاد الخارجي. حيث تعد الصين أكثر الدول الكبرى التي لديها مواطنون في المناطق المتخلفة والمضطربة. لذا يعد توفير الحماية لهم أكثر التحديات التي تواجه تشتت الأمن القومي الصيني.

هذه المهمة يجب إنجازها حتى وإن كانت صعبة. إذ في ظل إختلاط مهمة الدولة بسعادة وأمن الفرد في الوقت الحالي، فأن أي خطر يتعرض له مواطن صيني في أي مكان في العالم قد يمس بكامل الدولة. خاصة وأن الكثير من الصينيين في الخارج لم تصل حمايتهم الشخصية للمستوى المطلوب، إذ ليس لديهم أي تواصل مع السفارات والقنصليات الصينية أو منظمات الصينيين بالخارج، كما أن بعض الشركات لم تقدر بجدية ميزان السلامة والفوائد الناجمة عن المغامرات الإستثمارية.

ورغم أن الموارد التي توفرها الدولة من أجل حماية المواطنين الصينيين بالخارج في إزدياد مستمر، لكن يبقى من الضروري التسريع في زيادة الإستثمار في أمن وسلامة الشركات والمواطنين الصينيين بالخارج. و إلى جانب قيام الحكومة بتحسين آليات الطوارئ في السفارات والقنصليات الصينية بالخارج، يجب أيضا وضع آليات أخرى تسهر على أمن وسلامة الشركات والعمال الصينيين في المناطق الخطرة.

الصين ليست دولة إمبريالية، و “خروج” الصين إلى العالم لن يكون للإحتلال أو النهب. لكن إهتمام الحكومة والمجتمع الصيني بسلامة و أمن المواطنين الصينيين بالخارج يجب أن يواكب واقع الدولة العصرية. ويجب أن يكون الثمن البشري الذي تدفعه الصين خلال نهضتها هو الأدنى، وهذا أمر ضروري علينا فعله.