المجتمع الدولي يتعامل بحذر شديد مع قضية التيبت مراعاة للصين
وكالة الصحافة الفرنسية:
حرصا منه على عدم اثارة حفيظة القوة الاقتصادية والدبلوماسية الكبرى التي اصبحت عليها الصين يلزم المجتمع الدولي التكتم والحذر الشديد في تعامله مع قضية التيبت.
وهكذا يرى خبراء شؤون التيبت انه لا جدوى من طلب المساعدة الذي اطلقه الاسبوع الماضي رئيس وزراء حكومة التيبت في المنفى بعد التظاهرات الدامية التي شهدتها مناطق سيشوان التيبتية.
وقد طلب ايضا لوبسانغ سانغاي رئيس الحكومة التي لا تعترف بها اي دولة من الامم المتحدة ارسال بعثة تحقيق بشان الاعيرة النارية التي اطلقتها الشرطة على التيبيتيين خلال هذه التظاهرات.
وتقول كاتيا بوفيتري استاذة علم الاجناس وشؤون التيبت في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس ان “ظهور الصين كقوة اقتصادية عظمى والرغبة القوية في الحصول على اسواق ياتيان في المقام الاول”.
وعمليا تعتبر الدول ال172 التي تربطها ببكين علاقات دبلوماسية ان “التيبت جزء لا يتجزأ من الصين”.
ومن ثم فان توزيع المنشورات الداعية لاستقلال التيبت خلال التظاهرات الاخيرة “لا يسهل مهمتها” كما يرى باري سوتمان استاذ علوم التيبت في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا.
وترى بوفيتيري انه خلافا لقوميات اخرى في حالة ثورة على نظام بكين الشيوعي، مثل الاويغور المسلمين، يحظى التيبيتيون ب”براسمال كبير من التعاطف” مع الدالاي لاما الذي اصبح نجما عالميا ورمزا لعدم العنف ومع الاساطير الفولكلورية التي تحيط ب”سقف العالم” وهي المواضيع التي تسهب الصحف الغربية في الحديث عنها.
لكن بعيدا عن تهديد بكين بعقوبات او بمقاطعة المنتجات الصينية يكتفي المجتمع الدولي بالدعوة الى الحوار والى الاعتدال.
فمن جانبها طلبت الولايات المتحدة، التي يوجد فيها نشاط كبير للوبي المؤيد للتيبت، من الصين التحلي ب”ضبط النفس” بعد قمع تظاهرات سيشوان.
ويوضح سوتمان ان الحكومات الغربية ادركت انه “لن يكون لها اي تاثير بانتقاد” بكين و”من ثم تدفع باتجاه فتح مفاوضات بين التيبتيين والحكومة الصينية”.
وقال “انها الوسيلة الوحيدة للتوصل الى حل على المدى البعيد”.
ونتيجة للضغوط الدولية فتحت بكين عام 2010 مفاوضات مع مبعوثين للدالاي لاما. الا ان جولات التفاوض التسع التي جرت حتى عام 2010 لم تحقق اي نتيجة.
ويقول روبي بارنت استاذ علوم التيبت في جامعة كولومبيا بنيويورك انه ينبغي على المجتمع الدولي تشجيع الصين على “وقف الهجوم على الدالاي لاما والكف عن ارغام الرهبان على التنديد به والحد من هجرة الهان الصينيين الى المناطق التيبيتية” لكن عليه ان “يجد اللغة السليمة” لذلك.
ويجري الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة مباحثات سرية ومنتظمة مع بكين بشان قضية التيبت الا ان الصين لم توافق على اي زيارة للامم المتحدة الى التيبت منذ زيارة مقرر المنظمة الدولية للتعذيب لهذه المنطقة عام 2006: حيث انها لم تنس تقريره العنيف. كما تحتج بكين بشدة في كل مرة يجرى فيها استقبال الدالاي لاما في الخارج.
ومشكلة العواصم الدولية الاخرى هي انها لا تتحدث بصوت واحد.
ويقول بارنيت ان “الولايات المتحدة واوروبا الغربية مختلفتان بشدة في نهج كل منهما حيال التيبت” مشيرا الى وجود “بلبلة تامة لدى المسؤولين الغربيين وخاصة الاوروبيين”.
وهكذا اعلنت بريطانيا، التي تربطها منذ 1914 معاهدة مع التيبت، بصورة مفاجئة عام 2008 ان هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من الصين “وهو ما لم يسبق ان قالته قبل ذلك”.
كما اشار خبير شؤون التيبت الى “التحول المؤسف” لموقف فرنسا عام 2008 وهو عام المرور الفوضوي للشعلة الاولومبية بباريس و”عجز الرئيس نيكولا ساركوزي عن ايجاد اسلوب مناسب للتحدث بشان قضية التيبت” مع بكين.
وفي هذا الاطار سيكون من المثير للاهتمام رؤية ما اذا كانت انغيلا ميركل ستجرؤ على طرح قضية التيبت في بكين الخميس.
ومن المتوقع ان تلقي المستشارة الالمانية كلمة امام كلية العلوم الاجتماعية التي يعد رئيسها شين كويان، الذي كان زعيما للحزب الشيوعي في التيبت من 1992 الى 2000، من “المتشددين”.