رؤية شي الإقتصادية: لماذا يمكن لرؤية الصين للتنمية أن تساعد في تعزيز الرخاء العالمي
في مواجهة تحديات عميقة نادرا ما تحدث خلال قرن من الزمان، يكافح المجتمع الدولي للحفاظ على التنمية مع معالجة أوجه القصور في السلام والحوكمة.
واسترشادا بفلسفة “رؤية شي الاقتصادية”، وهي الفلسفة الاقتصادية للرئيس الصيني شي جين بينغ، تلتزم الصين بإتباع مسار تنمية ذي خصائص صينية متميزة والسعي إلى التعاون المربح للجميع في كافة أنحاء العالم. ومن خلال الرخاء المشترك والإسهام المشترك مع الدول الأخرى والمستقبل المشترك، تساعد رؤية شي للتنمية والحوكمة في تعزيز الثقة العالمية وحشد الدعم لمواجهة التهديدات والتحديات.
— الرخاء المشترك
إن القضاء على الفقر هو أحد أكبر التحديات العالمية التي تواجه التنمية في العالم. كما أنه يختبر عزم وقدرة الصين، وهي بلد يتجاوز عدد سكانها الـ1.4 مليار نسمة.
وأشار شي، وهو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن القضاء على الفقر وتحسين معيشة الشعب وتحقيق الرخاء المشترك هي متطلبات أساسية للاشتراكية.
وقال شي عندما التقى هو وأعضاء آخرون في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بالصحفيين في عام 2017 إن مجتمعا رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي “هو مجتمع يتمتع به كل واحد منا؛ في المسيرة نحو الرخاء المشترك، يجب ألا يتخلف أحد عن الركب”.
وبحلول نهاية عام 2020، كانت الصين قد انتشلت من براثن الفقر جميع سكان الريف الذين يعيشون تحت خط الفقر الحالي وحققت هدف القضاء على الفقر المحدد في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 قبل 10 سنوات من الموعد المحدد – وهو تقدم غير مسبوق في تاريخ التنمية البشرية.
وقال كوه كينغ كي، رئيس مركز آسيا الشاملة الجديدة، وهو مركز أبحاث ماليزي غير حكومي، إن الحد من الفقر هو السبيل الوحيد لتحقيق الرخاء المشترك، وقد أرست الصين الأساس لذلك.
وذكر الخبير أن تعزيز الإنصاف الاجتماعي والعدالة وتحقيق الرخاء المشترك للجميع تدريجيا هما جزءان أساسيان من فكر شي الاقتصادي.
وأفاد روني لينز، مدير المركز الصيني البرازيلي للبحوث والأعمال، إن إجراءات الصين لتحقيق المزيد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الهامة تنعكس بشكل رئيسي في إرادتها السياسية الصادقة للعمل من أجل منفعة الأكثر عوزا.
وقد أصبحت تجربة الصين في الحد من الفقر أنموذجا قيما في التعاون العالمي للحد من الفقر.
وقال ريتشارد بلاك، ممثل من معهد شيلر في الأمم المتحدة في نيويورك، إن إنجاز الصين في التخفيف من حدة الفقر هو “نموذج مثالي وإلهام قوي “للناس في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومعظم أنحاء آسيا.
وأوضح بلاك أن هناك حاليا كوارث مستمرة من الوفيات الجماعية بسبب الحرب والمجاعة والخنق الاقتصادي بسبب العقوبات الغربية، مضيفا أن “الصين أثبتت – من خلال أفعالها وليس بأقوالها – أن هناك مسارا بديلا” فيما يتعلق بالحد من الفقر.
وشدد الرئيس شي في القمة الـ16 لقادة مجموعة العشرين عبر الفيديو في عام 2021 على أنه “يجب علينا اتباع نهج يركز على الناس وجعل التنمية العالمية أكثر إنصافا وفعالية وشمولية حتى لا يتخلف أي بلد عن الركب”.
كما دعا شي، في قمة الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية، والتي عقدت عبر الفيديو العام الماضي، إلى إيلاء اهتمام ورعاية خاصين للدول والمناطق المتخلفة والفقراء أيضا.
وقال شي في خطاب ألقاه عبر الفيديو في حفل افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثاني للنقل المستدام إنه “فقط عندما تتطور البلدان معا يمكن أن تكون هناك تنمية حقيقية، وفقط عندما تزدهر البلدان معا يمكن أن يكون هناك رخاء حقيقي”.
وحدد شي مخططا طموحا لتعزيز التنمية المشتركة والعدالة والشمولية. وفي البلدان والمناطق التواقة إلى انتشال نفسها من براثن الفقر، حول التعاون الاقتصادي الذي تدعمه الصين الأماكن المنسية إلى ميادين تبعث على الأمل.
ودفعت الصين تنفيذ مشروع لربط 10 آلاف قرية أفريقية بشبكة تلفزيونية فضائية، مما يساعد السكان المحليين على التواصل مع العالم الخارجي. وقامت الصين ببناء السكك الحديدية والطرق السريعة والمطارات والموانئ لمساعدة الدول الآسيوية على تسريع تنميتها. وقد رسخت شركات التجارة الإلكترونية الصينية جذورها في أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى، وعززت التحول الرقمي المحلي وتعاونت مع الشركاء من أجل مستقبل مشترك.
— الإسهام المشترك والمنافع المتبادلة
وقال شي في الجلسة الافتراضية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 إن “العولمة الاقتصادية هي اتجاه العصر. وبالرغم من أنه من المؤكد وجود تيارات مضادة في النهر، إلا أن أيا منها لا يمكنه منعها من التدفق إلى البحر”.
وأعرب شي مرارا عن عزمه الراسخ على تعزيز التنمية المشتركة وبناء اقتصاد عالمي مفتوح في مواجهة الأحادية المتزايدة، وقال شي في قمة الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية في عام 2021 إن “التنمية حق لجميع البلدان، وليست امتيازا حصريا للقلة”.
وقد التزمت الصين بمساعدة البلدان النامية الأخرى على تنمية اقتصادها، وتحسين سبل العيش لديها، وتعزيز قدرتها على التنمية المستقلة والمستدامة.
ويعكس النهج المتمحور حول الشعب الفرق الأساسي بين الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والرأسمالية الغربية الموجهة نحو الربح. واليوم، تمت ترجمة الرؤية التي طرحها الزعيم الصيني إلى ممارسة حية تتمثل في الجهود المشتركة والمنافع المتبادلة.
وقال سوماد فولسينا، نائب رئيس الجمعية الوطنية في لاوس، إنه في حين أن الصين لم تكن أول دولة تبدي استعدادها لبناء خط سكة حديد في لاوس، إلا أنها الوحيدة التي حولت ذلك إلى حقيقة. وبحلول نهاية 2021، تم تشغيل خط السكك الحديدية بين الصين ولاوس بالكامل، وهو حلم أصبح حقيقة بالنسبة للاوس التي تنقصها بشدة السكك الحديدية.
ومنذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق، أحرزت الصين تقدما قويا في بناء خط سكة حديد جاكرتا – باندونغ فائق السرعة، وخط سكة حديد المجر – صربيا، وخط سكة حديد مومباسا – نيروبي، وميناء جوادار. وقد حسنت تدريجيا تحرير التجارة والاستثمار وتيسيرهما لتعزيز الاقتصاد والتجارة العالميين.
وقال شي في حفل افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثاني للنقل المستدام في 2021 إنه “فقط من خلال الانفتاح والشمولية والترابط يمكن للدول تعزيز جهود بعضها البعض وتحقيق نتائج مربحة للجميع”، مسلطا الضوء على جوهر الانفتاح والتعاون المربح للجميع.
ومع تعداد يتجاوز 1.4 مليار نسمة وامتلاكها طبقة متوسطة الدخل تزيد عن 400 مليون نسمة، تستورد الصين نحو 2.5 تريليون دولار أمريكي من السلع والخدمات كل عام. وتعتمد الآلاف من كيانات الأسواق في جميع أنحاء العالم بشكل كبير على السوق الصينية، وقد جذب انفتاح الصين الانتباه العالمي.
وباعتباره أول معرض وطني للاستيراد في العالم، عقد معرض الصين الدولي للاستيراد لأربع دورات متتالية، الأمر الذي يعزز التزام الصين بالانفتاح وتبادل الفرص مع بقية العالم.
وقالت يانا ليكسيوتينا، الأستاذة في جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية، إن الصين شاركت عائد نموها مع العالم من خلال فتح سوقها.
— مستقبل مشترك
ووجهت جائحة كوفيد-19 المستمرة لطمة قوية للاقتصاد العالمي. ووقفت الصين إلى جانب دول أخرى لمكافحة كوفيد-19 وتعزيز التعافي الاقتصادي، مما يدل على الشعور بالمسؤولية كدولة كبرى والالتزام ببناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وقال شي خلال الجلسة الافتراضية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 إن “الحقائق أثبتت من جديد أنه في وجه الأمواج المتلاطمة لأزمة عالمية، فإن الدول لا تركب بشكل منفصل في نحو 190 قاربا منفصلا، بل تكون كلها على متن سفينة عملاقة يتوقف عليها مصيرنا المشترك”، داعيا إلى تضامن أقوى.
وذكر شي في قمة الصحة العالمية في 2021 “يجب أن نضع الناس وحياتهم في المقام الأول”، مضيفا “يجب أن نتماسك معا ونعزز التضامن والتعاون”، و”يجب أن نتمسك بالعدالة والإنصاف لسد فجوة التحصين”.
ومع شعور قوي بالمسؤولية تجاه الشعب الصيني والمجتمع الدولي، سرعان ما تمكنت الصين من وضع الوباء تحت السيطرة في الداخل لإنعاش اقتصادها واستعادة الإنتاج. وكانت الصين أول دولة تتعهد بجعل لقاحاتها المضادة لكوفيد-19 سلعة عامة عالمية وأطلقت حملة إنسانية عالمية واسعة النطاق. ومع إمدادات موثوقة من السلع وشبكات لوجستية فعالة عبر الحدود، قامت الصين ببناء شريان حياة في المعركة العالمية ضد كوفيد-19 وحماية سلاسل التوريد.
وقال كبير المتحدثين باسم الحكومة الكمبودية فاي سيفان إنه “دائما ما أبدت الصين التزاما تجاه العالم في السراء والضراء”.
ولتحقيق نمو متوازن ومنسق وشامل في جميع أنحاء العالم، طرح شي مبادرة التنمية العالمية في المناقشة العامة للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال رئيس الوزراء المصري الأسبق عصام شرف إنه لا يمكن لأي بلد بمفرده أن يواجه مشاكل عالمية مثل كوفيد-19 والركود الاقتصادي. كل هذا يؤكد فقط رؤية شي للحوكمة العالمية.
وأضاف شرف أن التفكير الاقتصادي للرئيس شي فتح أفقا جديدا لتعزيز الحوكمة العالمية وتعزيز التنمية العالمية.